80 ـ الكتاب المقدس وخدمتي
لكل كمال رأيت حدا, أما وصيتك فواسعة جدا (مز 119: 96)
إن علاقة الخادم بالكتاب المقدس, وكيف يكون سفرا مفتوحا في الخدمة, يمكن تلخيصها في هذه النقاط:
أولا: الخادم قبل الخدمة
* من الضروري أن يكون للخادم قبل الخدمة, لقاء مع الكلمة المقدسة, فيفترض فينا جميعا, علي اختلاف خدماتنا ومسئولياتنا, إن كنا خداما أو أمناء خدمة, كبارا أو صغارا, أولادا أو بنات, يجب ألا نبدأ خدمتنا إلا بعد فتح الكتاب المقدس.
ويسمي هذا: لقاء مع المسيح عبر الكتاب, لأن هذه المقابلة هي لقاء شخصي مع شخص المسيح ذاته.
قبل الخدمة يتواجه الخادم مع المسيح ويأخذ رسالة الخدمة.
* فعندما تفتح الكتاب المقدس, يقول الآباء: أنت تأخذ وجه المسيح, بمعني أن صورة المسيح تنطبع فيك, وهذا الانطباع يقوم بعملية إعداد للقلب… وأيضا يعطيني رسالة فيما سأقوله للمخدومين, إن كانوا أطفالا أو شبابا أو شابات أو… الخ.
* وليس المقصود هنا, الحديث علي مستوي اللغة, لكني أتكلم علي مستوي الفعل والعمل, فنحن في وسط دوامة الحياة, قد يقول خادم لنفسه, أنا لي خبرة من سنين كثيرة وأستطيع أن أتكلم, بدون جلسة مع الكتاب وتجهيز وتحضير!
* وهكذا أنت أيها الخادم, فلكي ما تكون خدمتك مفتوحة ومثمرة دائما, أجعل لك مقابلة مستمرة, مع الكلمة المقدسة قبل كل خدمة, وذلك لسببين: السبب الأول هو إني آخذ وجه المسيح, أما السبب الثاني, فهو إني آخذ من الكتاب الرسالة التي سأتكلم أو أخدم بها.
ثانيا: الخادم أثناء الخدمة
*أثناء حديثك في الخدمة, أكثر من الآيات وكن غزيرا في المادة الكتابية التي تستخدمها ومعلمنا داود النبي يقول: لكل كمال رأيت حدا, أو وصيتك فواسعة جدا (مز 119: 96).
* والقديس بولس الرسول, بعد سجنه في روما يقال عنه وكان يقبل جميع الذين يدخلون إليه, كارزا بملكوت الله ومعلما بأمر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة, بلا مانع (أع 28: 30) إن أروع ما كتبه بولس الرسول من رسائل, كتبه في السجن (سجن روما).
أثناء الخدمة, يتحدث الخادم بآيات الكتاب ويهييء قلوب المخدومين.
* وقصة أنسيمس العبد الهارب, من سيده فليمون توضح مدي تأثره ببولس الرسول وهو في السجن… خصوصا عندما لاحظ انشغاله بالكلمة المقدسة, وأعتقد أن هذه الكلمة المقدسة, هي التي اقتنصت قلب أنسيمس, وبالوقت ولده بولس الرسول في سلاسله, وصار إنسانا مؤمنا, حتي أن بولس قال عنه لتلميذه فليمون: أطلب إليك لأجل ابني أنسميس, الذي ولدته في قيودي (فل 1: 10).
* فأجعل في خدمتك دائما, آيات من الكتاب المقدس, ولن يحدث هذا, إلا إذا كانت لك علاقة مستمرة بالكتاب المقدس, وفي أثناء الخدمة هذه الآيات الكثيرة التي تذكرها تهييء قلوب من تخدمهم.
* السيد المسيح قال: الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة (يو 6: 63).
فالكلمة المقدسة التي يتحدث بها الخادم, هي التي تمهد التربة, وتعمل عملا, حتي أن المخدوم عندما يذهب إلي بيته, ويجلس مع نفسه, يشعر بمدي تأثير الخدمة فيه, وهذا التأثر لا يكون بسبب الخادم, لكن بسبب الكلمة المقدسة.
* ففي أثناء خدمة الخادم, يجب أن يكثر من الآيات حتي أثناء افتقاده وزياراته في المنازل, وسيلاحظ بنفسه مدي تأثير هذه الآيات المقدسة, في من يخدمهم, وكيف أن هذه الكلمات هيأت قلوبهم.
ثالثا: الخادم بعد الخدمة
* سيكتشف الخادم بعد الخدمة, مدي تأثير الخدمة التي قدمها, وكيف أن الكلمة المقدسة أتت بثمر كثير والكتاب المقدس يقول: إن كلمتي لا تعود فارغة… وسيجد الخادم أولاده في الخدمة يكبرون أمامه, ويكونون قلوبا مفرحة للجميع… وسيكتشف وعودا أكثر في الكتاب المقدس, فالكتاب المقدس لا يكشف نفسه مرة واحدة, بل يتم ذلك بالتدريج, علي قدر أمانة الخادم.
بعد الخدمة يلاحظ الخادم ثمار الخدمة ويكتشف أكثر وعود الكتاب.
* فالكتاب المقدس يخرج لنا كنوزه الكثيرة, بالتدريج ومع الوقت وفي هذه الحالة, يري الجميع الخادم في حالة من النمو في الروح.
* إن هذا التعبير القصير الذي يقوله داود النبي: فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه (مز 1: 3), يصف حياة أي خادم.
* فمن صفات الشجرة, أنها تنمو وتعطي ليس الثمار فقط, لكنها تعطي الأكسجين, والوقود والمنظر الجميل, وأشياء أخري كثيرة, فاسأل نفسك هل أنت مغروس في أعماق الكتاب المقدس؟!! إن كلمة مغروسة تعني إنسانا ثابتا, وله أصل مثل كنيستنا الجميلة, المغروسة عبر التاريخ, أما كلمة مجاري المياه فالمقصود بها وسائط النعمة, أو الوسائط الروحية بصفة عامة.
* إذا حرك الروح القدس لسان الخادم, أعطاه أن يكتب الحياة الأبدية في القلوب, فتصير السماء رائعة, وتصير الحياة مع المسيح رائعة.
* فلو أن كل الناس عرفوا الكلمة, وكل الخدام تكلموا بالكلمة, وكل أسرنا أنتظمت في معرفة الكتاب المقدس… تخيلوا معي كم ستكون حياتنا جميلة, ومسحيتنا أجمل, وكنيستنا أجمل وأجمل!
قبل الخدمة
يتواجه الخادم مع المسيح, ويأخذ رسالة الخدمة
وأثناء الخدمة
يتحدث بآيات الكتاب, التي تعمل في قلوب المخدومين.
ثم بعد الخدمة
يلاحظ ثمار الخدمة, وهي ليست منه ولكن من عمل الكلمة, ثم يكتشف وعود الكتاب المقدس, ويكتشف أعماقه.