جاء في مقال الصديق الأستاذ علاء ثابت رئيس الأهرام يوم الجمعة 14 فبراير 2020 تحت عنوان انطلاقة في صناعة الغزل والنسيج جملة استوقفته في ورقة مقدمة من د.حماد عبدالله حماد للجمعية العمومية لمهندسي الغزل والنسيج في نقابة المهندسين.. تقول: يجب أن ينتهي عصرا اقتصاد العمولات.
وأجد أن من الجدير بالذكر, واستكمالا لهذا المقال المذكور أن أتحدث اليوم عن هذا الاقتصاد الذي انتهجته القيادة السياسية المصرية بعد أن استردت مصر هويتها في يونية 2013, حيث بدأت مصر تسترد عافيتها في البنية الأساسية للوطن, بإنشاء محطات جديدة للقوي الكهربائية بعد أن تقطعت أوصال تلك الطاقة ومرورها بحقبات زمنية من الإهمال, حتي وصلت ساعات الانقطاع للكهرباء عن المستخدمين لأكثر من ثماني ساعات علي مدار اليوم, وأصبحت هناك مصطلحات جديدة في حياتنا مثل ساعات تخفيف الأحمال في بعض المناطق, وتناوب الاستخدام إلي أن وصلنا أن نشاهد ساعات الانقطاع معلنة علي شاشات التليفزيون مبينة زمن الانقطاع في مناطق وتناوبها مع مناطق أخري.
هكذا كان حالة الطاقة الكهربائية في مصر, وتبدل الأمر إلي أن أصبحت القيمة المضافة للاقتصاد الوطني في الطاقة أن نصل إلي الاكتفاء الذاتي خلال أقل من ثلاثة أعوام, ونصبح قادرين علي تصدير الفائض, هذا مع بدء مشروعات مستقبلية للطاقة النووية في الساحل الشمالي سوف يكون لها دور بالغ الأهمية في صناعة تحلية مياه البحر الأبيض المتوسط والتي لا سبيل سواها في سد احتياجاتنا من المياه لمستقبل لا يكفي فيه ما لدينا من إتاحة في المياه العذبة لاحتياجاتنا المتضخمة مع زيادة السكان وثبات المحصول من مياه علي مدار العام.
كما أن القيمة المضافة في الاقتصاد وفي الأصول التي تمتلكها مصر من طرق سريعة, وطرق ربط بين المدن والمحافظات, وتطوير ما هو قائم وتدهور علي مر الزمن, أيضا تطوير مرفق سكك حديد مصر وإنشاء خطوط جديدة لمترو الأنفاق ومشروع الإنرويل لربط مدن شرق وغرب القاهرة الكبري وكذلك المدن الجديدة في أرجاء الوطن وإنشاء مدينة إدارية لرفع العبء عن العاصمة القديمة, كل تلك المشروعات هي قيمة مضافة لأصول الدولة, وانتعاش بنيتها التحتية مما يجعلنا نستطيع أن نجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية في تلك المحاور الجديدة, ومد شرايين الحياة في مناطق لم تكن أبدا علي خريطة الوطن, ولعل ما ينقصنا اليوم أن نتخذ قرارا سياديا بعدم تصدير المواد الخام دون تصنيع مثل القطن طويل التيلة, وضخ استثمارات في قطاع الغزل الرفيع لكي يعود إلي الوطن صناعة قديمة لها كل الميزات النسبية العظيمة في مصر, صناعة الغزل والنسيج والملابس والصباغة والتجهيز والمودة ولدينا من عناصر نجاحها (الثروة البشرية) والسمة التجارية العالمية وأيضا الخبرات العالمية.
ولدينا أيضا مواد البناء من (رمال ورخام, وجرانيت وفوسفات وغاز) وهي ما يجب ألا تصدر خام أبدا, كذلك التصنيع الزراعي في المناطق الجديدة المستصلحة هدفا رئيسيا للقيمة المضافة.
يجب أن تكون الصناعة الكاملة والوسيطة هي أهدافنا في المرحلة القادمة, حتي نصل إلي تحقيق اقتصاد القيمة المضافة.
لقد كانت مصر في بداية الخطط الخمسية في أوائل الخمسينيات وبعد ثورة يوليو 1952 عملت بكل طاقتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل تحقيق قيمة مضافة سواء في الصناعة أو الزراعة حتي حرب 1967, حينما استنزفت مصر للإعداد لحرب 1973 وانتصارنا بإرادة وطنية حديدية, وللأسف بعدها اعتمدت مصر علي اقتصاد العمولات والتوكيلات التجارية والأسواق المفتوحة والسداح مداح كما جاء علي لسان أستاذنا المرحوم أحمد بهاء الدين, وحان الوقت الآن بعد ثورة الشعب واسترداد الوطن لمقاليد أموره أن نبدأ وبقوة في اقتصاد القيمة المضافة وهذا ما تنتهجه مصر اليوم.