أنطون سيدهم…ومشوار وطني
أنطون سيدهم…والسياسة الداخلية
تناولت الجرائد في الفترة الأخيرة موضوع الضمير المصري وأين ذهب, وإحياء الضمير المصري مسئولية من؟… وغير ذلك من المواضيع المختلفة التي تتناول هذا الموضوع الذي يثير الأشجان ويدمي القلب علي ما وصلت إليه مصر من التخلف والتسيب والإهمال,وضياع الأخلاق القويمة والقيم الطيبة السمحة, والمحبة والإخلاص, والعمل والكفاح في سبيل نهضة مصر وازدهارها وتقدمها, وسيبقي الجيل القديم يجتر ذكرياته عن مصر الحبيبة وشعبها الطيب الأصيل, ومثله العليا, وأخلاقه القويمة ثم ينظر حوله فيصيبه الهم علي ضياع كل هذه الصفات النادرة وقد حلت محلها الأنانية, وانحلال النفوس, وفقدان الإخلاص والمحبة, والعمل علي الوصول سريعا إلي الثروة حتي ولو كانت حراما وعلي حساب المواطنين الآخرين, لقد اغتال الأبناء الآباء, وتقاتل الأخوة مع بعضهم علي متاع هذا العالم الزائل, بل لقد وصل الأمر بهم إلي الافتخار بالنصب والاحتيال علي بعضهم البعض والسطو علي أموالهم, وقد صدق المرحوم الدكتور عبد المنعم النمر حينما قال إن المصريين اليوم كل منهم يضع يده في جيب الآخر.
مساكين الأجيال الجديدة التي تخرج إلي العالم لتجد أمامها هذا التلوث والفساد وانهيار الأخلاق والقيم فقد ضاعت المثل العليا واختفي كل ما هو طيب وصالح نعم لقد ولدوا ليجدوا أمامهم هذه الغابة من المنافقين والأفاقين ومعدومي الضمير, ففي المدرسة والجامعة تجابههم الألفاظ النابية والشتائم…وسرقة الامتحانات والغش والمدرسون الذين فقدوا الأمانة في تأية واجبهم,وفرضهم الدروس الخصوصية علي الطلبة وإلا كان مصيرهم السقوط والفشل.ثم يخرجون إلي العالم بهذا التعليم المتدني وأمامهم الرشوة وضياع الذمة والضمير والإذلال للمواطنين وإهانتهم والتحايل بشتي السبل للحصول علي الرشوة والمال الحرام.
لماذا تغير الشعب المصري هذا التغيير المؤلم؟… لقد مرت عليه عقود وهو يرزح تحت حكم الدكتاتورية والجهل…وضرب الطبقات بعضها ببعض وألغي اسم مصر الجميل واستبدل بعلمها علم آخر لا معني له ولا أصل…الأمر الذي أدي إلي ضياع شخصية مصر وتدهور الوطنية وحب الوطن, ثم كان ذلك الصرف علي الجيوش بمال يفوق قدرة البلاد ثم كان التورط في عدة حروب انتهت بالفشل والهزيمة آخرها حرب1967… حتي قال أحد المحنكين تعقيبا علي هذه الهزيمة…لقد صبرنا علي جهلهم ودكتاتوريتهم علي أنهم الذين سينفعون البلد في وقت الشدة والحروب,واتضح فشلهم في هذا أيضا..فلماذا يصرون علي البقاء…فليذهبوا إلي الجحيم.
كانت تلك العقود مريرة صعبة عاني خلالها الشعب المصري ومازال يعاني لقد أخذت الضائقة الاقتصادية تحاصر المصريين الذين يقاسون الأهوال من الغلاء.وتقوقع الشعب وتفشت ظاهرة الوصول إلي الثراء بطرق غير مشروعة. وهكذا فقدنا أعز ما كان من انتماء وخلق قويم, وبدأ الكثيرون في الهجرة إلي العالم الخارجي.
لقد أصبح المال هو أساس الحياة, واختفت المبادئ السليمة والقيم والأخلاق,كما حلت الكراهية والحقد والضغينة في نفوس المصريين وانحسرت قيم المحبة والسلام والسماحة والتضحية من أجل الوطن والمواطنين, وأصبحت البلد غابة يقضي فيها القوي علي الضعيف لقد ذهبت الحضارة المصرية العريقة في غيبوبة لاندري متي تفيق منها.
نعم أيها السادة لقد أدت هذه المآسي إلي غياب الضمير المصري الذي ذهب مع الرياح المخربة التي مرت علي مصر في العقود الماضية.