ما دام أبليس يملك علي هذا العالم, تبقي هذه المملكة قيد صراع النور مع الظلمة, والحق مع الزيف, فالمزيفين في كل مكان وزمان ودين ومعتقد, ومن يستخدمون التقوي سبيلا للنصب لا حصر لهم ولا عد, وما العجب في ذلك, إذا كان يهوذا ذاته الذي تتلمذ علي يد يسوع, قد خانه وباعه بثلاثين من الفضة, ليقدم لنا العبرة والعظة, فلا قداسة مطلقة, ولا بر مطلق, وحينما تستغرق الضمائر في نوم عميق, لا يوقظها إلا كشفها بأعمال العقل.
فها هي إمرأة غير معلومة الهوية الدينية, ترتدي خمارا بغير صليب, تنسب لنفسها صفة الرهبانية, وتروج لخدماتها ومساعداتها المادية والنفسية عبر صفحات التواصل الاجتماعي, لتزج بفتيات قبطيات في علاقات مشبوهة برجل يستدرجهن في أحاديث تليفونية مشبوهة, تحت دعوي مساعدتهن للخروج من مأزق نفسي أو مادي, الأمر الذي انتبهت إليه بعض الضحايا وقمن بتسجيل المحادثات الهاتفية, وتواصلن مع الزميل الصحفي نادر شكري, للتيقن من هوية الراهبة المزيف, وبعد التحقيق في الأمر والتواصل مع الكنيسة, تم كشف إدعاء السيدة.
ما سبق ليس مجرد عملية نصب تستخدم فيها بعض الأطراف اسم الكنيسة, لكن الأمر يتعلق بعدة زوايا علينا ألا نتجاهلها, وتساؤلات علينا أن نطرحها علي الجميع, ما الذي يساعد النصابين في حبكتهم الدرامية علي الضحية؟ أنها عدة أسباب أولها سذاجة الضحية, التي تعود لغياب الحكمة نتيجة ضعف الخبرة والوعي لدي الأسرة أولا والضحية ثانيا, ثانيهما سوء الحالة النفسية الذي يدفع البعض للتواصل مع أي شخص يظهر حنوا مبالغا فيه, وهو الخيط المشترك في معظم حالات الارتداد التي تحدث في أوساط الفتيات القبطيات, اللواتي يفقدن حنان الأسرة وتفهمها, فتسقط الواحدة منهن في فخ المشاعر المتأججة تجاه شخص مختلف معها دينيا وعقائديا, ليمدها باحتياجاتها النفسية, فغياب دور الأسرة, وتراجعه في احتواء النساء والفتيات, هو العامل الرئيسي في لجووئهن إلي أطراف مجهولة, معصوبات الأعين مدفوعات خلف احتياجهن لمن يسمع ويحنو حتي لو كذبا. والضحايا هنا نوعان, نوع يكتشف النصب ويفلت منه ويقرر فضحه, كما حدث مع بعض ضحايا الراهبة المزيفة, ونوع أخر ينزوي, ويجبن, ويخضع لابتزاز النصابين.
من ناحية اخري قد تكون الضحية طامعة في مساعدة مادية, والطامعون للطامعين دواء, وقد تكون الضحية أيضا ضمن من تلبسهم حالة الدروشة التي تلغي العقول, وتوقف أعمالها بمجرد رؤية العباءة الدينية. وهنا يجب التنبيه إلي فكرة الدروشة, القائمة علي منح الثقة المطلقة لأي رجل ينسب لنفسه أنه رجل دين, تلك الدروشة التي لم تكن أبدا ضمن المباديء المسيحية التي تسلتمها الكنيسة من الآباء الأوائل, فالكتاب المقدس ذاته يقول عن البشر:الجميع زاغوا وفسدوا معا.ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد.الجميع اعوزهم مجد الله(رو3:12) فما بالنا بأشخاص غير معلومي الهوية ينسبون لأنفسهم صفات دينية, فنجد من يجري عليهم مهرولا ليقبل أياديهم ويستضيفهم في منزله, ويغدق عليهم, ثم يرتطم بجدار الواقع, فيجد نفسه أمام شبكة من النصابين, فكم من أناس استغلوا أولئك الدروايش, وانتحلوا أاسماء وصفات لاستغلالهم, فظلموا رجال الدين وظلموا الضحايا, يا سادة بقليل من أعمال العقل نستطيع تجنيب جميع الاطراف خسائرا عظيمة.قليل من الحكمة يمنع كثير من النصب, خصوصا علي مواقع التواصل الاجتماعي فاحذروا الوقوع في تلك الفخاخ.
[email protected]