” أدَّبتني فتأدّبتُ … أرجعني فأرجِعْ ، فإنّكَ أنتَ الرّبُّ إلهي . بعد ارتدادي ندِمتُ … لأني حَمَلتُ عار صِباي ” ( إرميا ٣١ : ١٨-١٩) .
لكي تكون توبتنا حقيقية علينا أن نطلب مساعدة الله . والتوبة تشمل كل خطايا الفكر والفعل ..الخ ، وأيضا التقصير فى وسائط النعمة من صلاة وتناول أو أي عمل صالح من أعمال المحبّة والرحمّة . وهي طريق طويل غايته القداسة والكمال ” فكونوا انتم كاملين ، كما أنّ أباكُمُ السماويّ كامل ” (متى ٥ : ٤٨) .
فالتوبة تفريغ للخطيئة وعنصر الشر الذي فينا وامتلاء من النعمة والبر وثمر الروح ” فأثمِروا إذاً ثَمراً يَدُلُّ على توبتكم ” ( متى ٣ : ٨ ) . قال الشيخ الروحاني ” اطلب التوبة قبل ان يطلبك الموت فإن بعد الموت ليست هناك توبه “.
سأرجع إلى منزل أبي مثل الابن الشاطر (لوقا ١٥: ١١- ٣٢)، وسيستقبلني لأنّني متّ بسبب خطيئتي وكبريأئي .
على مثال الابن الضال :
سأرجعُ إلى نفسي وأقول : ” أقوم وأمضي إلى أبي “، هذه الخطوة دعوةٌ للعودةِ إلى الذات ، وفحص الضمير ، ونتيجتها تغيير اتِّجاه حياتي وحياتنا كُلنا نحو البيت الوالديّ .
وكان يشتهي أن يملأَ بطنَه من الخُرنوبِ الذي كانتِ الخنازيرُ تأكُلُه ، فلا يُعطيهِ أحد … فقال الأبُ : ” وأتوا بالعِجْلِ المُسَمّن وتذبحونا فناكُلَ ونتنعّم ” فالصوم هو زمن إكتشاف أنّ ما نأكله أو ما نشتهي أكله بالنسبة إلى ما هو معدٌّ لنا من الآب السماويّ هو كمثل الخرنوب بالنسبة إلى العجل المُسمَّن .
وأخيراً يجبُ أن نتنعَّمَ ونفرح ، لأنَّ أخاك هذا كان ميتاً فعاش ، وكان ضالاً فوُجِدَ : فالعودة إلى الله بالصومِ والتوبةِ وأعمال الرحمّة هي انضمام إلى الاحتفال الأخوي بمناسبة انتصار الحياة على الموت الذي تمّ في قيامة المسيح ويتمّ في توبة كلّ واحد منّا.
ارفَعني يا ربُّ من هلاكي، فأسبّح اسمك على الدوام !
أرجوك، يا سيّد الأرض والسماء، تعال لنجدتي وأرِني طريقك، فآتي إليك. قدْني إليك، يا ابن الله الكلّي الطوبى وأخضِعْ الكلّ لرحمتك. سآتي إليك فأشبع فرحًا. أنا مرهق، اطحنْ لي قمح الحياة .
يا ربّ ، ذهبتُ أبحث عنك وراقبَني الشرير مثل السارق ربطَني وكبّلَني ( لوقا ١٠: ٣٠) في ملذّات العالم الشرير وسجنَني في ملذّاته وأغلقَ الباب في وجهي، ولا يحرّرني أحد لأذهب وابحث عنك، أيّها الربّ الحنون !
أرغبُ، يا ربّ، في أن أكون لك وأسير معك. ها أنا أتأمّل وصاياك، في الليل والنهار (مزمور ١: ٢). أعطِني ما أطلب واقبلْ صلواتي، أيّها الرحوم ! لا تقطعْ، يا ربّ، رجاء خادمك لأنّه ينتظرك .