القى الدكتور احمد عبد الحميد النمر عضو المكتب العلمى لوزير الآثار ومدير توثيق الآثار القبطية فى مصر، كلمة بحثية عن مسار العائلة المقدسة فى مصر (الاحتفالات – الآثار)، فى لقاء التراث القبطى السنوى الخامس والذى عقد ببيت السنارى، برعاية مركز الدرسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، برئاسة الدكتور لؤى محمود سعيد وذلك ضمن الجلسة الثانية باللقاء برئاسة
الدكتورة شذا جمال اسماعيل.
حيث قال الدكتور احمد النمر نالت الكنيسة القبطية المصرية مكانة دينية خاصة بين الكنائس المسيحية في العالم، لإرتباطها برحلة العائلة المقدسة فى مصر، حيث كانت مصر هي الملاذ لكل من يبحث عن الأمان، فلم تكن أرضها غريبة على أنبياء الله، فقد سبق وأن جاءها نبي الله إبراهيم عليه السلام ووفد إليها يوسف عليه السلام، وصدع يوسف النجار بما أمر وجاء إلى مصر بالعذراء البتول وطفلها في رحلة مقدسة هروبا من وجه “هيردوس” ملك اليهود آنذاك.
ولم تستقر فيها العائلة المقدسة في مكان واحد إنما راحت تنتقل بين جنابتها من ساحل سيناء إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أواسط الصعيد.
وتعد هذه الرحلة المقدسة من التراث المصري الاستثنائي عالمياً، الذي يعكس تراثاً مرتبطاً بالشعب المصري فهو مصدراً خصبا للروايات عند مسيحيي مصر، توارثته الأجيال التي عمدت على تسجيله في العديد من المصادر الدينية والتاريخية من بينها الكتاب المقدس والسنكسار والميمار والمخطوطات النادرة التي تحتفظ بها الأديرة والكنائس القبطية في مصر، بل يكمن التأثير العميق لتلك الرحلة المقدسة في الطابع الإنساني للقصص التي لا تزال تروى عن حياة السيد المسيح، كذلك التفاني في العبادة
من خلال المصريين والسائحين فى الكنائس و المزارات التي بنيت تخليداً و تذكاراً لرحلة العائلة المقدسة فى مصر.
وعن مصادر الرحلة يضيف الدكتور احمد النمر، أشهر هذه المصادر البابا ثاؤفليس الـ 23 (385 – 412م) ، بمخطوط 698 عربي بمكتبة الفاتيكان (نسخ 1371م)، ومخطوط رقم ( 12/42) ميامر بمكتبة مخطوطات الدير المحرق، ومخطوطات أخري تتضمن النص الطويل والنص القصير لهذا الميمر، وميمر البابا تيموثاؤس الثاني الـ 26 (458 – 480م)، وميمران للأنبا قرياقوص أسقف البهنسا (ق 7)، وميمر الأنبا زخارياس أسقف سخا (نحو 693 – 723م) ، وهذه المصادرتحكى لنا رحلة العائلة المقدسة فى مصر وما حدث فيها من معجزات، وأيضا هناك بردية نشرتها جامعة كولون بألمانيا سنة 1997م ،وترجع إلى القرن الرابع الميلادي، تتناول تحديد فترة وجود العائلة المقدسة بمصر، وهى مكتوبة باللهجة القبطية الفيومية، و مؤخرا أصدر بابا الفاتيكان قرارا .باعتماد محطات مسار الرحلة العائلة المقدسة فى مصر كاحد طرق الحج المسيحى المقدسة عالميا.
وعن المواقع الأثرية التى تسجل لرحلة العائلة المقدسة بمصر اشار اليها الدكتور احمد النمر بقولة
يرتبط هذا التراث الثقافي بمجموعة من المواقع الأثرية التي لا تزال تحمل لنا كثير من الآثار والقصص التي تحي لنا رحلة العائلة المقدسة، حيث دخلت العائلة المقدسة إلي مصر عن طريق صحراء سيناء من جهة العريش والفرما لترتحل إلى العديد من المدن المصرية، التي قسمتها المصادر الدينية والتاريخية القبطية إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى: (العريش – الفرما – تل بسطة – مسطرد – بلبيس – مدينة سمنود – سخا – وادي النطرون)، المرحلة الثانية: ( المطرية – بابليون (مصر القديمة) – منف – المعادي)، المرحلة الثالثة : ( البهنسا – جبل الطير – الاشمونين – فيليس – قسقام – مير – جبل قسقام – جبل درنكة).
وفي بعض المدن قضت العائلة المقدسة أسبوعاً أو بضعة أيام، وفى مدن أخري شهرا أو أكثر وكانت أطول مدة قضتها هي في جبل قسقام، حيث قضت 185 يوما، واستمرت العائلة المقدسة في مصر حوالي أربع سنوات إلى أن مات “هيرودوس” الملك وحكم بدلاً منه “أرخيلاوس”.
وصنف الدكتور احمد النمر التراث القبطى المرتبط برحلة العائلة المقدسة فى مصرالى ثلاثة محاور
المحورالاول:
التراث غير المادي الذي يشمل كافة الراويات والحكايات التى توارثها الأقباط جيل بعد جيل والذي بدء منذ ميلاد السيد المسيح حتي القرن الرابع الميلادي،
أما المحور الثاني:
هو التراث المادي وهو يكمن في الآثار ذات الصلة برحلة العائلة المقدسة كشجرة مريم أو مغارى كنيسة أبي سرجة أو العمائر التي بنت تباركنا بزيارة العائلة المقدسة كالأديرة وادي النطرون وكنائس تل الفرما وكنيسة العذراء مريم والشهيد أبانوب بسمنود،
المحور الثالث والأخير:
وهو التراث الشعبي وهو الاحتفالات الشعبية التى تقام بمحطات رحلة رحلة العائلة المقدسة، علاوة على ذلك يتبارك بهذه الرحلة المسيحيين بمصر؛ حيث نجد ماهو معروف باسم “المولد” الذي يقام في أماكن محطات مسار العائلة المقدسة، ومن أشهر تلك الاحتفالات الدينية التي تقام في مغارة “جبل درنكة” و”ديرا لمحرق” بمحافظة أسيوط وإحتفالات كنيسة “السيدة العذراء” بجبل الطير بالقرب من محافظة المنيا، والذي يصل فيها الحضور إلى (2) مليون زائر، حتى أن المكان لايسع من كثرة الحضور، وفى هذا الإحتفال تحى فيها الكنيسة القبطية إحتفالا بقدوم العائلة المقدسة، ولم يقتصر ذلك على المحطات الكائنة في صعيد مصر بل نجده أيضا في القاهرة خاصة بكنيسة المغارة كنيسة أبي سرجة بمصر القديمة، وكنيسة العذراء مريم بمسطرد مما يعد إحياءاً لأفكار ومعتقدات مرتبطة بالرحلة تجعلها ذو قيمة تراثية عالمية إستثنائية متفردة على مستوى العالم.
ومن أورع الإحتفالات الخاصة بأحياء ذكري قدوم العائلة المقدسة إلى مصر ما تقوم به مطرانية ملوي في ذكري قدوم العائلة المقدسة إلى “كوممارية”، والذي تحي الكنيسة فيها الرحلة بشكل يقرب إلى الواقع بأنهم يقوموا بحشد مجموعة من شعب الكنيسة على عبارة نيلية ثم ينزلوا على الأرض يمشوا مسافة تتعدي الكيلو متر، ثم ينطلق الإحتفال عند مبنى الخيمة بكوم مارية بحضور شعب الكنيسة بملوي وكثير من الوفود .المحلية والدولية
.واختتمت الكلمة البحثية ببعض من المداخلات والأسئلة التى اجاب عليها .الدكتور احمد النمر

