(1) في قاعة الاجتماعات الفسيحة بإحدي مدارس البنات الإعدادية بوسط القاهرة, التقيت بحوالي مائتين من بناتنا. ولكي أتيح لهن الحرية في طرح المشاكل, طلبت من كل فتاة أن تكتب في ورقة أهم ما يشغلها من تساؤلات.. وجاءتني عشرات الأوراق.
وكم كانت دهشتي كبيرة, وأسفي أيضا كبيرا, أن أجد أكثر من خمسين في المائة من الأوراق يتضمن العبارات التالية: أنا لا أجد من يستمع إلي مشاكلي.
والدي ووالدتي مشغولان عن الاهتمام بي. وأنا في هذه السن التي أحتاج فيها إلي من أقول له أسراري, وأستمع منه إلي الرأي والنصيحة, لا أجرؤ أن أسأل أمي عن شيء وإلا اتهمتني بقلة الأدب وفساد الأخلاق. القسوة والاتهامات هي أسلوب تعامل أمي معي.. لمن ألجأ لكي لا أقع في الأخطاء؟.
كانت قضية وضع حواجز من الخوف والشك بين جيل الأمهات وجيل البنات, هي القضية الأولي التي تشغل فكر نصف بناتنا في أحرج سنوات عمرهن. قلت لهن: علينا أن نكسر هذا الحاجز.. تحدثون مع الآباء والأمهات بصراحة.. لا تخفن رد الفعل السلبي منهم, فكل أب وكل أم حريص جدا علي مصلحة ابنته.. لكنني أقول أيضا للآباء والأمهات: تنبهوا, فإنكم تجهلون تماما العالم الداخلي لمعظم بناتكم.
(2) : إزالة الحواجز حجرا بعد حجر
وصلتني هذه الرسالة: جدي لوالدتي مريض منذ شهرين, ويرقد في المستشفي القريب من بيتنا, لذلك جاءت جدتي لتقيم عندنا. إنني أحبها وهي تحبني, لكن أذواقنا لا تتفق في شيء, فهي دائمة الانتقاد لي علي الفاضي والمليان. وقد حاولت أن أتحدث معها, لكنها انفجرت تبكي وقالت: ما دمنا لا نتحملها فإنها ستعود إلي بيتها! والإمضاء روحي في حلقي!.
إلي هذه الابنة التي فقدت القدرة علي التفاهم مع الجدة, أنصحها بأنه كان يجب أن تتحدث مع والدتها, وتطلب منها أن تكون حمامة سلام مع الجدة. اكتبي قائمة بالأشياء التي تسبب الضيق بينك وبين جدتك, ابتداء من إنها تذكر أوصافا ساخرة عن ملابسي, إلي إنها تؤكد أنني لا أفهم شيئا!. ثم استمعي إلي وجهة نظر والدتك في التعامل مع كل موقف لتجعلي الأمور أحسن, واسأليها إذا كان يمكن أن تتحدث هي مع والدتها (التي هي جدتك), فهي أقدر علي استخدام الأسلوب الذي لا يجرح الجدة. يمكن في نفس الوقت أن تقنعها بأن تكتم بعض ملاحظاتها, ما دامت لا تستطيع تغيير وجهات نظرها.
إن الحواجز تنشأ بين الناس تدريجيا, مثل بناء حائط, حجرا فوق حجر, ويمكن إزالة هذه الحواجز والتغلب عليها بنفس الطريقة, بأن نهدمها حجرا بعد حجر.
(3) : أسد في حلم
حكي أحد كبار علماء التربية الواقعة التالية, قال: في منتصف إحدي الليالي, استيقظ أحد الأطفال منزعجا من حلم مروع أفزعه أشد الفزع. في الصبح سأله والده: بماذا كنت تحلم في الليلة الماضية؟ قال الابن: حلمت أن أسدا كان يقترب مني, فاتحا فمه, وهو يصدر صوتا مثل ذلك الذي سمعته في حديقة الحيوانات.
سأله أبوه: هل تستطيع أن تتذكر ما إذا كان هذا الأسد يشبه أي شخص تعرفه؟ في براءة شديدة أجاب الطفل الصغير: كان يشبهك يا بابا, وأنت تفتح فمك وتزعق في وجهي!!.
(4) : من منهما علي حق؟
قالت أم تحكي عن طفلها: كان طفلي, وعمره سنتان ونصف السنة, يشعر بسعادة كبيرة وهو يجذب خلفه قطعة خشب, ويصدر من فمه أصواتا عالية كأنما هي أصوات آلة تنبيه سيارة.
أردت أن أشاركه لعبه الخيالي, فقلت له: كم هي جميلة هذه السيارة.. عندئذ توقف ابني عن لعبه, ونظر ناحيتي في شفقة ودهشة وهو يقول: إنها ليست سيارة يا أمي.. إنها قطعة خشب!!.
Email: [email protected]