كتبت الأسبوع الماضي عن قضية المرور في الشارع المصري, مستعرضا الفوضي والانفلات اللذين يميزان سلوكيات القيادة علي كافة المستويات وملقيا باللوم علي انعدام الرقابة الصارمة الدائمة من جانب الشرطة المسئولة عن تنظيم المرور واكتفائها بالأكمنة المباغتة التي تنقض لتوقع ببعض المخالفين, وهي غير مدركة أن تقاعسها عن رصد وتعقب جميع المخالفات طوال الوقت في سائر الأنحاء هو المسئول الأكبر عن تردي سلوكيات القيادة وتآكل الالتزام بقوانين المرور, بل أيضا استهانة السائقين بالقانون واستباحتهم مخالفة أحكامه طالما أن الأصل في الشارع إفلاتهم من المساءلة والعقاب.
اليوم أستكمل استعراض هذا الواقع من خلال تسليط الضوء علي ممارسات ومخالفات وسلوكيات قائدي المركبات التي تفشت حتي أصبحت واقعا مسلما به… والكارثة أنها تتم تحت بصر وسمع من نتصور أنهم رجال الشرطة المتواجدون في الشوارع دون أي اعتراض منهم حتي أن الشك يثور لدي البعض حول درايتهم أصلا بتلك المخالفات ودرجة تأهيلهم للتعامل معها… وإليكم نماذج مما بات واقعا مسكوتا عنه في شوارعنا, وأقول نماذج لأنني أعجز عن الحصر الكامل لما نعايشه في هذا الخصوص!!!
** عدم ربط حزام الأمان للسائق أثناء القيادة.
** تفشي ظاهرة استخدام التليفون المحمول ممسوكا باليد وموضوعا علي الأذن أثناء القيادة.
** إجلاس طفل رضيع أو صغير علي حجر الأم أو الأب أثناء القيادة.
* بروز جسم طفل من فتحة سقف السيارة أثناء القيادة.
** بروز أجسام شباب خارج السيارة جالسين علي نوافذ الأبواب أثناء القيادة.
*** سيارات تمرح دون لوحات معدنية وأخري تسير بلوحات مطموسة المعالم.
* استعمال فتحات الدوران للخلف في عكس الاتجاه المخصصة له… والغريب أن ذلك يتطلب مناورة صعبة من السائق تتسبب في ارتباك الحركة خلفه ليلتف بسيارته في منحني عكسي معترضا السيارات القادمة أمامه, ومع ذلك يفعلها السائق بكل جرأة وتحد دون أن يوقفه أحد!!
** اغتصاب حقوق المشاة في عبور الطريق عند التقاطعات المزودة بإشارات ضوئية. فبينما الأصل أن المشاة لهم أولوية عبور الطريق عند ظهور الضوء الأحمر للسيارات والضوء الأخضر للمشاة أصبحوا يفاجأون بالسيارات تقتحم أماكن عبور المشاة لتنعطف يمينا أو يسارا غير عابئة بهم وتحت سمع وبصر رجال المرور… ويقف المشاة عاجزين عن العبور خاصة كبار السن أو غير المستعدين للمغامرة بالقفز بين السيارات للعبور.
** توقف سيارات النقل العام والميكروباص عند مطالع ومنازل الكباري لتحميل وإنزال الركاب.
** توقف سيارات الأجرة في منتصف الطريق لالتقاط أو إنزال ركاب.
** اقتحام قائدي السيارات شوارع بالمخالفة للافتة ممنوع الدخول المثبتة علي مداخلها… فما فائدة اللافتة إذا استباح السائقون مخالفتها وأفلتوا من العقاب؟!!… ناهيك عما ينشب من مشاحنات في عمق تلك الشوارع عندما تتواجه السيارات المخالفة مع السيارات القادمة في الاتجاه الصحيح… وطبعا لا تجد أيا من رجال المرور لينصف صاحب الحق ويحاسب المخالف!!
** تكالب السيارات عند مطالع الكباري وتزاحمها للعبور ضاربة عرض الحائط بعدد حارات المرور المؤدية إلي الكوبري, فإذا كان عرض الكوبري يتسع لحارتين مثلا لا تصطف السيارات بنظام في الحارتين المؤديتين إلي الكوبري بل يسارع قائدو المركبات لشغل الحارات الأخري المتاحة في عرض الطريق والمخصصة للحركة المستمرة بجوار الكوبري ثم يأخذون في الضغط عنوة واعتراض الحارتين الأصليتين المؤديتين إلي أعلي الكوبري لاقتحامه… وأظن أن لا رجال المرور ولا قائدي المركبات لديهم التأهيل ولا الدراية أصلا لما يسببه ذلك من ارتباك وتعطيل لتدفق الحركة!!
** وضغ لافتات ممنوع الانتظار قطعيا علي الطرق الرئيسية والكباري المقصود به تخصيص كامل عرض الطريق أو الكوبري للحركة ضمانا لسرعة التدفق وعدم التكدس, وذلك يستلزم وجود آلية تابعة لإدارة المرور تتولي فورا رفع السيارات المنتظرة بالمخالفة للتعليمات وإخلاء الطريق منها وتيسير تدفق الحركة… لكن ما نعايشه غير ذلك ويثبت أن آخر شيء تهتم به إدارة المرور هو تدفق الحركة ويكون تركيزها فقط -إذا رصدت المخالفة أصلا وتدخلت- في لصق جندي المرور إشعار المخالفة علي زجاج السيارة أو استدعاء سيارة المرور المجهزة بوحدات أقفال معدنية تركب علي عجلات السيارة لتمنعها من الحركة… إذا الأصل في ضمان سرعة التدفق تم تنحيته جانبا وحل محله العقاب واستمرار تعطيل الحركة!!!
*** هذه كما قلت مجرد نماذج لصور تردي المرور في الشارع المصري وانعدام الرقابة والحساب والمساءلة… وأعرف تماما أنني لو أطلقت الدعوة للقراء لموافاتي بسائر أشكال الانفلات والفوضي يمكننا أن نصدر عددا خاصا تعج صفحاته بملامح الواقع المريض الذي نعيشه والذي أفشل في تلمس كيفية الخلاص منه.