عندما تغنت أسمهان عن ليالي الأنس في فيينا سرح معها السامعين تخيلًا لفيينا الساحرة التي صورتها أسمهان بصوتها العذب الشجي، إلا أن الحقيقة أجمل من أي خيال فتلك المدنية رائعة الجمال، والتي أخذت اسمها من طبيعتها ففيينا اسم لاتيني قديم معناه الهواء العليل تضم العديد من المباني والمتاحف والقصور القديمة، بالإضافة إلى طبيعة خلابة تعجز الكلمات عن وصفها مما يجعل العاصمة النمساوية قبلة السياح من كل مكان، وفي هذا الموضوع نصحبكم في جولة داخل قصر شونبرون أحد ملامح فيينا الرئيسية.
قصر شونبرون
يعتبر قصر شونبرون المقر الصيفي السابق لعائلة القيصر النمساوية من أجمل قصور أوروبا حيث كانت عائلة القيصر تمضي ايام السنة في الغرف الضخمة داخل القصر الذي يحتوي على ١٤٤١ غرفة يستطيع الزائر التجول في ٤٥ غرفة منها، ويتألف القصر من خمس أقسام رئيسية هي المبنى الرئيسي للقصر والحدائق الملحقة به والفناء الداخلي وحدائق النباتات وحديقة الحيوان.
بني القصر المخصص للقيصرة “إليونورا غونزاجا” بين عامي 1638 و 1843، ولحق به تدمير كبير أثناء الحصار التركي الثاني لفيينا في عام 1683.
وفي عام 1687 قرر القيصر ليوبولد الأول إعطاء المهندس المعماري “يوهان فون إيرلاخ” التصريح بتكملة القصر بباء مخصص لولي العهد جوزف الأول.
وفي عام 1743 في عهد الإمبراطورة ماريا تريزا اكتمل القصر وأصبح بحديقته على شكله الحالي. وكان القصر المبنى مطابقا لفن روكوكو منذ أواسط القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الأولى المقر الصيفي للقياصرة النمساويين.
وكان في رعاية عدة مئات من العاملين في البلاط الملكي، وتقام به المقابلات الرسمية والحفلات الخاصة بالعائلة الحاكمة هابسبورغ، وأثناء الإمبراطورية النمساوية المجرية سمى القصر “قصر الاستمتاع”.
يقع القصر على مساحة قدرها 160 هكتار ويعتبر طبقا لليونسكو موقع تراث عالمي منذ عام 1996.
ومن معالمه الهامة، توجد في حديقته أقدم حديقة حيوان في العالم ولا تزال تعم بالحياة وهي “حديقة حيوان شونبرون” على مساحة 16 هكتار، يزورها السياح من كل قطب.
يستطيع الزائر التمتع بالتجوال في أروقة القصر وتأمل النقوش والزخارف الموجودة على الجدران، بالإضافة إلى الحدائق الغناء التي يطل عليها القصر حتى توجد أجمل النباتات الملونة، هناك أيضا متاهة شونبرون وهي من أكثر الأماكن تشويقا، كما توجد نافورة نبتون، وهي من أهم ملامح القصر، حيث تتميز بتصميمها الفريد.
قصر الشونبرون في النمسا تحفة معمارية تحمل في طياتها تاريخ عريق، فهذا القصر الإمبراطوري يمتزج فيه الفن بالتاريخ ليشكل تحفة فنية صاغتها انامل ايرلخ أشهر معماري عصره لتبقى ماثلة عبر القرون بجماله الاخاذ والعراقة بهيئتها الشامخة.
قصر شونبرون الذي يعني “نبع الجميع” يعتبر أحد معالم فيينا الخالدة وواحدا من اهم معالمها على الأطلاق ويرى النمساويون ويشاطرهم بذلك العديد من زوار هذا الصرح التاريخي والمعماري أن القصر يعد من أجمل وأهم قصور الأباطرة النمساويين التي عرفت بجمالها ورونقها المعماري الفريد.
وإلى جانب أن قصر شونبرون يعتبر مزارا للنمساويين والسياح الأجانب نتيجة لاحتوائه على جوانب ممن الفن المعماري الراقي فإن قاعاته ودهاليزه واروقته تختزل طريقا عريقا لمراحل من عصر النهضة الأوروبية.
وتكمن الأهمية التاريخية لهذا القصر الصيفي لأسرة هابسبورغ الحاكمة في النمسا باعتباره إلى جانب هوفبورغ الشتوي مركز اتخاذ القرارات الرئيسية ليس على نطاق النمسا فقط، بل على النطاق الأوروبي نظرا لأن فيينا كانت آنذاك ترسم الى حد كبير الدبلوماسية الأوروبية.
أشهر غرف القصر
تحتوي أروقة القصر على ساحات رقص فيها حكام أوروبا المتحالفين ضد نابليون عند افتتاح مؤتمر فيينا الشهير 1814 والذي كان بمثابة تحدى للهيمنة الفرنسية على أوروبا آنذاك.
ومن الغرف الطريفة الجديرة بالزيارة غرفة الرسم الخاصة بالإمبراطورة ماريا تريزا واطفالها الستة عشر، وكذلك غرفة المرايا التي أحيا فيها الموسيقار العبقري موزارت حفلا موسيقيا وهو لم يتجاوز ال 16 من عمره،.
كما أن الموسيقار الخالد بتهوفن ألف جزءًا كبيرًا من مقطوعته الموسيقية “فيدليو” في قصر الشونبرون، وفي قاعة الاستقبال المسماة بالصالون الصيني الأزرق وقع الامبراطور كارل آخر أباطرة النمسا وثيقة تخليه عن العرش، وبذلك انتقلت ملكية قصر الشونبرون مع بقية ممتلكات أسرة هابسبورغ إلى الجمهورية النمساوية.
ساكنوا القصر
من جانب آخر، اشتهر الشونبرون بكونه بيتا سكنته أسرة قوامها 16 طفلا، هم أبناء وبنات ماريا تريزا، وتوفي آخر سكان الشونبرون، الإمبراطور فرانس جوزف، ابن الإمبراطورة ماريا تريزا وفاة طبيعية، داخل غرفة نومه بالشونبرون، القصر الذي ولد وعاش فيه 1830 – 1916.
فمن هي الامبراطورة ماريا تريزا السيدة الأقوى في أوروبا سوف نتعرف عليها في لقاء آخر؟
ميرفت ايوب من امام القصر