ضمن فاعليات ورشة العمل التى اقيمت بالمتحف القومى للحضارى تحت عنوان “التراث القبطى بين الماضي والحاضر”، تحدث فيها الدكتور لؤى محمود سعيد مدير عام مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية عن العلاقة بين اللغة القبطية واللغة العربية، حيث قال أول انطباع للناس على هذا العنوان انه لاتوجد اى علاقة بين اللغة القبطية واللغة العربية.
وذلك لسبابين وهم:
اولا : شكل الحروف مختلف جدا بين الحروف القبطية والحروف العربية
ثانيا: الارتباط العضوى فى الازهان بين اللغة القبطية والمسيحية واللغة العربية والإسلام يعطى انطباع عند الناس، بأن هذا موضوع وذاك موضوع اخر ولابد للتعريف اكثر لابد
ان نعيد النظر فى الموضوع للوصول لكل الحقيقة فهناك فارق بين اللغة والخط بمعنى ان اللغة هى الصوت المنطوق الذى يخرج من الفم باتفاق مجموعة من البشر على مجموعة من المستطلاحات.
وضرب الدكتور لؤى محمود مثلا على هذا بقولة عندما نقول كلمة “قط ” فهى تعنى كائن ذو شكل معين يعرفة الجميع يعيش فى البيئة المصرية، وهو حيوان اليف له دلالة فكل لغة لها مجموعة من الأصوات يتفق على دلالتها مجموعة من الناس، الخط عند تحويل هذا الصوت المنطوق الى كتابة مدونة فهل الصوت يسبق الخط ام الخط يسبق الصوت، من يسبق من تاريخيا الصوت طبعاً.
واذا اتينا للعلاقة بين القبطية والعربية اول شئ نحرر ازهاننا من شكل الخط ونضع امام انظارنا:
اولا : نزع الفروق الزهنية بين الخطين من رؤسنا.
ثانيا : مصر طول تاريخها الطويل غيرت لغتها مرة واحدة وتغيرت عقيديا مرتين.
غيرت لغتها من المصرية القديمة الى العربية وغيرت عقيدتها من المصرية القديمة الى المسيحية ومن المسيحية الى الاسلام، إذا ماهى الهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية هى كلها خطوط تمثل لغة واحدة فقط، وهى المصرية القديمة فعندما تحولنا من المصرية القديمة الى العربية لم نستطع ان نخرج من عباءة اللغة المصرية القديمة.
– ماذا عن ارتباط القبطية بالمسيحية وارتباط العربية بالإسلام؟
يتسأل الدكتور لؤى محمود هل القرأن الكريم أولاً ام اللغة العربية أولاً.
الإسلام لم يبتكر اللغة العربية بل استخدمها، اذن كانت اللغة العربية موجودة قبل الإسلام وتوجد نصوص بالخط العربى موجودة قبل الإسلام، حيث توجد نصوص بالخط العربى موجودة من القرن الرابع الميلادى قبل الإسلام محفورة على كنائس وحوائط فى مدينة حيران بسوريا، وذلك مثبوت وموثق اثريا موجود إلى الآن، وبالتالى اللغة العربية ليست قاصرة على الإسلام بل الإسلام استخدم اللغة العربية واكتسبت هذة اللغة قدسية خاصة عندما كتب بها القرأن الكريم.
كذلك اللغة القبطية او الخط القبطى فهو موجود قبل المسيحية وعندما بدء المسيحيون فى مصر فى كتابة الكتاب المقدس والنصوص الدينية كتبت باللغة القبطية، واكتسبت هذة اللغة قدسية خاصة عند المسيحيين عندما كتب بها النصوص الدينية والكتاب المقدس.
ومن ذلك يتضح أن لا اللغة القبطية مسيحية ولا اللغة العربية اسلامية فلا ارتباط بين اللغة والدين فأن اللغة لادين لها ولا عقيدة.
– والسؤال التالى متى تحول المصريين للتحدث من اللغة المصرية القديمة والقبطية الى اللغة العربية؟
فعند دخول الإسلام مصر فى القرن السابع الميلادى لم تكن هى بداية علاقة المصريين باللغة العربية، طبعا هذا غير حقيقى بالمرة فعندنا قرائات عديدة وخرائط اثرية وتوجد رسائل دكتوراة وماجستير بمصر والجزيرة العربية عن فترة ماقبل الإسلام تثبت وجود اللغة العربية بشبة الجزيرة العربية قبل الإسلام فى نصوص عديدة.
وهناك دراسة دكتوراه نوقشت في ألمانيا للاستاذ السعيد وهو سعودي الجنسيه، تكلم فيها عن العلاقات الخاصه بين مصر وشبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، فكمية النصوص التي تحدثت فيها عن مصر والمصريين والعلاقات الدينية والحضارية والاجتماعية “فلان تزوج مصرية، فلان احب مصرية” كذلك كثير من الهه المصريين ايزيس وازوريس مذكورين في نصوص عديدة باللغة العربية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وكذلك التجارة بين مصر والجزيرة العربية مسجله في نصوص بالعربية قبل الإسلام.
اذن علاقات اجتماعيه وعاطفيه وتجارية ودينية كلها مسجله كنصوص باللغة العربية قبل الإسلام، وعندنا في المتحف المصري “ذكر الله “كاهن يمني كان يقيم في منف “عربي يمني يعيش في مصر ككاهن لاله مصر يعمل بالتجارة”، كل ذلك مسجل على تابوته الموجود في المتحف المصري اذن علاقه مصر بالثقافة العربية قبل الإسلام علاقه وثيقه وعمربن العاص عندما جاء الي مصر قبل الفتح الإسلامي زار الإسكندرية كتاجر وابهر وازهل بالحضارة والتحضر المصري والمدن والمباني المصرية، واصبح تعلقه بمصر كبير حتي بعدما رجع الي شبه الجزيره العربيه وكان يلح علي عمربن الخطاب لدخول مصر وفتحها وعندما ارسلة امير المؤمنين عمربن الخطاب لفتتح مصر قال له اذ ارسلت لك للرجوع حتي وان لم تكن دخلت مصر فارجع وعندما اوشك عمربن العاص علي دخول مصر وصلته رساله من امير المؤمنين عمربن الخطاب يطلب منه اذا كان لم يدخل مصر بعد فليرجع اليه ولايدخلها واذا دخلها فليكمل ويعتمد علي الله، فلم يفتح عمر بن العاص الرساله حتى دخل مصر، لانه يكمن مابداخلها وقال لمساعدية هل وصلنا مصر فقالو له نحن بالعريش وهناك فتح الرسالة، واكمل طريقة وكان امام قرية اطلق عليها المساعيد كناية عن سعادتة بدخول ارض مصر.
ويضيف الدكتور لؤي محمود عند دخول الإسلام مصر وبدء المصريون يتحولون الي الثقافة العربية واللغة العربية فغالبية المصريين تحولو للغه العربية في النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي، ولم يتحول غالبيه المصرين الي الإسلام إلا في القرن الرابع عشرالميلادي، فلم يكن تحول المصريين للإسلام سبب في تكلمهم اللة العربية بل كانو يتكلمون اللغة العربية قبل دخولهم للإسلام وليس العكس.
وأول من كتب من الأقباط باللغة العربية هو ساويرس بن المقفع فكتب كتاب (الدور الثمين في ايضاح الدين) في القرن العاشر الميلادي.
والسوال الآن: لماذا كتب ساويرس باللغه العربيه ؟
نجد الإجابة من ساويرس نفسه في كتابه لقد ضاع الإيمان بين المؤمنين لانهم لم يستطيعوا القراءة باللغة القبطية ولا الكتابة، وبالتالي اصبح واجب عليا ان اكتب باللغة العربية التي يفهمها الناس حاليا انهم لم يعودو يعرفون عن الله غير انه الواحد الأحد او مايقوله الغير عن الله (يقصد المسلمون)، حتي عقائدنا لم يعرفها الشعب لا التثليث والتوحيد ولا الفداء والخلاص والتجسد ومعلومات كثيرة عن الايمان لم يعرفها الشعب لعدم معرفتهم باللغة القبطية، فأصبح لازما على ساويرس وغيره ان يكتبو باللغة العربية ليعيدو الشعب الي الإيمان.
وبدء من القرن العاشر اصبح المصريين يقرأون ويكتبون باللغة العربية، واصبح غالبية الأقباط يتحدثون باللغة العربية باستثناء اعداد قليلة تمسكت بالقبطية.
وكان هذا احد اسباب الدخول في الإسلام تدريجيا حتي اصبحت مصر غالبية اسلامية في القرن ال١٤.
واصبح لازما على الأقباط المثقفين حفظ التراث الديني الثري والكبير ولكن المصريين لايعرفون القراءة ولا القواعد وفي القرن ١4،١3 بدء عمل اول قاموس ونظمت اول القواعد وهنا يأتي سؤال اخر.
مصر ظلت تحت الاحتلال الروماني اليونانى عشر قرون من القرن الرابع قبل الميلاد وحتي القرن السابع الميلادي عند دخول الإسلام ثقافة مختلفه وعقيده مختلفه، وكل حاجه مختلفه لمده عشر قرون ونصف لغه يونانيه ولاتنينيه حتي في الدواوين الحكوميه لكن مع ذلك لم تتحدث هذه لغة الاحتلال ولم تعترف بها طيلة العشر قرون ونصف اذن لماذا تحول المصريين للغة العربية خلال قرنين فقط.
وتكون الإجابة كما اوردها الدكتور لؤى محمود ان ماتعرض له المصريين من اضطهاد وتعذيب على يد الاحتلال اليونانى الروماني من القرن الاول الميلادي، وسحل مارمرقس في شوارع الإسكندرية واستشهاد وقتل المسيحيون، وإلقائهم الى الأسود الجوعى هو ما دفع المصريين للتحول للغة العربية سريعا خلال قرنين فقط.
اذن السر في التحول السريع للثقافة العربية واللغة العربية، هو تعب وكراهية المصريين للاحتلال اليونانى الرومانى.
وهنا اود ان اذكر الدور العظيم لأول اثري مصري احمد باشا كمال فى عمل اول قاموس لللغة المصرية القديمة احمد باشا كمال اسم لابد ان يعرفه كل اثري وكل العاملين بالسياحة والآثار، فقد قضى هذا الرجل اكثر من خمسون عام من عمره في تمصير علم الآثار ليكون علم مصري ويكثر احتكار الأجانب له.
هذا الاثرى احمد باشا كمال كان عالما وباحثيا واثريا قام بعمل قاموس للغه المصريه القديمة، قضى ٢٥ عام من عمرة فمل هذا القاموس، والذى سبق قاموس بارلين عمل ٢٢جزء، وبسبب هذا القاموس الذي اثبت فيه ان اللغة المصرية القديمة واللغة العربية من اصل واحد، وقد رفض طبعة من لجنه مشكله من اعضاء من “انجلتر وفرنسا وامريكا” الأمريكي وافق على الطبع اما الانجليزى والفرنسى، فقد رفضا طبع القاموس بحجة كيف انه لا علاقة بين الحضارة المصرية العظيمة والثقافة العربية المتدنية بالنسبة لهم، هذا ما كان فى الازهان عندما قررو ان يحكمو على قاموس احمد باشا كمال بالموت وفي ٢٠٠٣ ثم طبع هذا القاموس، والذى حاطة احمد باشا كمال بيده، وقام احمد باشا كمال بعمل ترجمة للغة القبطية فكتب الخط الهيروغليفي وتحته حروف لغة لاتينية لكى مانرى صوت للنطق، وقام بكتابة كتاب الفرائد الباهية فى قواعد اللغة الهيروغليفية، واثبت فية ان اللغة المصرية القديمة واللغة العربية من اصل واحد فالقبطى هو احد خطوط اللغة المصرية القديمة.
الكلام المصري الذي كان يكتب يرموز واشكال عصافير وقطط وطيور، اصبح يكتب بحروف لاتينيه او يونانيه مثلها مثل الكتابة بالفرنك اراب كمثل “انا بحبك تكتب ” Ana b7bk الفرنكو هو انى اتكلم عربي واكتب حروف يوناني او انجليزي، اللغة المصرية القديمة التى كان يتحدثها المصريون بدلا من كتابتها بالخط اليوناني او الاتينى عمل احمد باشا كمال لها ترجمة بالقبطى، وهذا ليست لغة جديدة بل هى خط جديد للغة المصرية القديمة .
حيث هناك علاقه وثيقة بين اللغة المصرية القديمة والعربية، وهي علاقه تاريخية وكانت السبب في التحول السريع والثلث للمصريين للثقافة العربية والإسلام، ومن المعلوم ان الرسول تزوج من ماريا القبطية والتى لم تلاقى اى مشاكل فى التحدث او التعايش فى شبة الجزيرة العربية.
المصريون حسو بالالفة وقاموا بعمل تقبيط للغة العربية او تعريب للغة القبطية فطوعوا اللسان العربى الوافد على الثقافة المصرية، واصبحت اللغة المصرية لا هى عربى مائة فى المائة، ولا هى قبطى مائة فى المائة لذلك اصبحت المصرية لهجة مفهومة فى كل الدول العربية فقد اخضع اللسان العربى الوافد للسان المصرى.
والسر يكمن فى العلاقات التاريخية الوثيقة اللغوية بين الثقافة المحلية فى مصر وغيرها من الثقافات العربية الوافدة.
وقد هدفت ورشة العمل والتى عقدت بالمتحف القومى للحضارة تحت رعاية وإشراف الدكتور أحمد الشربينى المشرف العام على المتحف القومي للحضارة، وبرئاسة الدكتور عزت صليب مدير عام الادارة العامة لترميم الآثار القبطية وتنظيم وادارة الدكتورة مها سويلم مدير مركز التدريب بالمتحف،
إلى زيادة الوعي الثقافي وإلقاء الضوء على التراث القبطي الذي هو تراث مصري أصيل بل هو تراث لكل المصريين ، وأن الحضارة القبطية هى نسيج من الحضارة المصرية وهي جزء لايتجزأ من تاريخ الوطن، وقد القيت بعض الكلمات فى الجلسة الافتتاحية للورشة من الدكتورة مها سويلم مدير مركز التدريب بالمتحف و الدكتور إسحاق إبراهيم عجبان عميد معهد الدراسات القبطية، والدكتور عادل فخري وكيل المعهد وحاضر فى جلسات الورشة الدكتور عزت صليب مدير عام الادارة العامة لترميم الآثار القبطية ورئيس المؤتمر ، والدكتور جمال ابو زيد استاذ التاريخ بمعهد ايجوث للسياحة والدكتورة شروق عاشور وكيل أكاديمية المستقبل للعلوم الحديثة والدكتور عاطف عوض استاذ العمارة بمعهد الدرسات القبطية والاستاذ اشرف ايوب مدير رعاية الشباب بجامعة المنيا وباحث فى التاريخ والاستاذ اسحق الباجوشى استاذ التاريخ القبطى بمعهد ديديموس وحضور الاب ميلاد شحاتة مدير المركز الفرنسيسكانى للدرسات القبطية.