هزات مالية تضرب الأسواق الأسيوية .. وشركات ترحل موظفيها من الصين
الشركات الصينية تعمل ساعات إضافية لإنتاج أقنعة وكمامات لارتفاع الطلب عليها
مع بداية ظهور “فيروس كورونا “القاتل في الصين، والتي تعد أكبر مصدر للسلع وثاني أكبر الاقتصادات في العالم، وزيادة قدرة “كورونا “على الانتشار السريع، تعرضت أغلب الأسواق المالية، لهزات وتراجعات مع إغلاق بعض الأسواق في آسيا، مع انتشار الفيروس يمر الاقتصاد العالمي بفترة ووقت صعب، حيث لم يتم السيطرة على الفيروس الجديد إلى الآن .. ومحلياً سوف يكون التأثير محدوداً خلافاً لبعض القطاعات كقطاع التصدير والاستيراد وقطاع السياحة الصينية لمصر، فضلاً عن القطاع الزراعي.
وكانت قد أعلنت الصين، تفشي وباء “كورونا”، والذي أصيب به ما يقارب ألف و400 شخص حول العالم وأودى بحياة 80 شخصا في الصين، ومنذ أواخر شهر ديسمبر من العام 2019 الماضي، وبدأت الصين عازمة بكل قوة على وقف انتشار المرض بأي ثمن، وظهر الرئيس الصيني ليعلن أن بكين دخلت في حالة حرب، قائلا إن بلاده “قادرة على الانتصار على الفيروس”.
وتعتمد سيناريوهات تداعيات الفيروس على الاقتصاد العالمي على درجة تفاقمه وتفشيه، وقدرة الصين على وقف انتشاره، وربما يكون التأثير الأخطر على الاقتصاد العالمي، هو قيام السلطات الصينية بإغلاق شركات ومصانع في الصين تملكها دول أجنبية مثل الولايات المتحدة، مما يعني فقدان وظائف وتباطؤ النمو وانخفاض العملات الأجنبية المحولة إلى البلاد.
كما تم إغلاق جميع مصانع السيارات في الصين خلال عطلة السنة القمرية الجديدة الممدة، وليس من الواضح ما إذا كانت ستفتح كما قيل أبوابها في 3 فبراير المقبل، وفي حال تجاوز الإغلاق لهذا الحد، فهذا يعني توقفا في عجلة الإنتاج، خاصة أن هذه الشركات مثل نيسان وجنرال موترز وهوندا قامت بإجلاء موظفيها غير الصينيين، الأمر الذي سيؤثر بشكل وبآخر على عملية الإنتاج.
من جانبها، قالت مجموعة بيجو ستروين (بي.إس.إيه) الفرنسية لصناعة السيارات في بيان إنها ستُرحل موظفيها الأجانب وعائلاتهم من منطقة ووهان الصينية التي تفشى فيها فيروس كورونا الجديد.
وأضافت بيجو – بحسب رويتر – أنه سيتم إجلاء 38 شخصاً في مبادرة يتم تنفيذها بالتعاون الكامل مع السلطات الصينية والقنصلية الفرنسية العامة، و أوضحت المجموعة أنه سيتم الإبقاء على هؤلاء في حجر صحي في تشانغشا قبل إعادتهم إلى بلدانهم، وانخفضت أسعار النفط أكثر من 2% لأدنى مستوياتها في أشهر، مع تنامي المخاوف بشأن الطلب على الخام، بعد تزايد عدد حالات العدوى والوفاة من فيروس كورونا الجديد في الصين، وإغلاق مدن فيها، انخفض خام برنت 2.1 بالمئة للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ أواخر أكتوبر، وتراجع الخام الأمريكي 2.3 % للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ أوائل أكتوبر.
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن السعودية تتابع عن كثب التطورات في الصين وذلك في مساع لتهدئة السوق، مضيفًا أنه واثق من قدرة الحكومة الصينية والمجتمع الدولي على احتواء انتشار الفيروس.
من ناحية أخرى، باتت الشركات الصينية تعمل ساعات من العمل الإضافي لإنتاج أقنعة وكمامات وسط ارتفاع الطلب بسبب تفشى فيروس كورونا في البلاد، حيث استأنفت خمس شركات من أصل 12 شركة منتجة للكمامات ومقرها في مقاطعة قوانجدونج الإنتاج بعد توقفها في عطلة العام القمري الجديد، حسبما أفادت صحيفة فيرست فاينانشال، وتلزم مقاطعة قوانجدونج الجميع بارتداء الكمامات في الأماكن العامة أو مواجهة غرامات غير محددة، وانتشرت مقاطع فيديو لركاب لا يرتدون الكمامات في المترو تم إنزالهم بالقوة بواسطة الأمن.
ويتفق المراقبون على أن انتشار «فيروس كورونا جديد» كان له العديد من الأضرار الاقتصادية سواء على مستوى الصين أو الدول الأخرى، فمن ناحية تضرر قطاع السياحة بشكل واضح، حيث ألغى ملايين الصينيين رحلاتهم خلال العام الجديد، وفرضت السلطات قيوداً على السفر والتنقل في بعض المناطق.
كما تسببت القيود التي فرضت على التنقل والسفر في حدوث العديد من المشكلات للشركات والأعمال، التي تحتاج إلى نقل بضائعها وموظفيها من مكان إلى آخر، وهو ما سيؤثر بدوره على مجموعة الإمدادات التي تحتاجها الشركات والمصانع لمواصلة أعمالها، كما سيؤدي إلى تعطل وصول البضائع والإمدادات في أوقاتها، الذي قد يقود إلى ارتفاع في أسعار بعض السلع.
من ناحية أخرى، تأثرت الأسواق العالمية بانتشار الفيروس، حيث هبط مؤشر أسعار الأسهم في سوق نيكي باليابان بنسبة 2 %، بعد إعلان الحكومة الصينية عن تمديد إجازة السنة القمرية الجديدة.
كما هبطت أسعار النفط والنحاس، لتوقع التجار تضاؤل الطلب العالمي عليها في ظل استمرار غلق بعض المدن الصينية ، وبالفعل اتخذت الصين إجراءات غير مسبوقة لمواجهة الفيروس، إذ عزلت مدينة ووهان، منشأ الفيروس، عن العالم الخارجي، فألغت الرحلات الجوية إليها، وقطعت الشوارع والسكك الحديدية المؤدية إليها، في أكبر عملية حجر صحي في العالم ، ويبدو أن أحد الأسباب التي تدعو الصين لمواجهة الفيروس هو الاقتصاد ، وفي ذاكرة الصينيين القريبة، تفشي فيروس “سارس” عام 2003، الذي أدى حينها إلى تباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني، وكلّف البلاد حينها 40 مليار دولار، ويقول الاقتصاديون إن التأثير الكلي لم يتضح كليا بعد، خاصة أن أزمة الفيروس لا تزال في بدايتها.
وقال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، أن انتشار فيروس كورونا يهدد الاستقرار الاقتصادي للصين، والقارة الآسيوية بأكملها، وبالفعل هناك مؤشرات لمثل هذا التأثير السلبي على الاقتصاد، وبدأت الأسهم الآسيوية تتراجع مما انعكس على كافة بورصات العالم، فالاقتصاد يتأثر بأي حدث أو اضطرابات سياسية أو أمنية أو حتي بيئيه، وأضاف الشافعي، لوطني ” أن الصين صاحبة الحصة الأكبر في الاقتصاد العالمي، لذلك الاضطرابات التي وقعت في الصين جراء هذا الفيروس انعكست على أداء الاقتصاد العالمي وليس الصيني فقط، وبدأ المستثمر يشعر بقلق جراء انتشار الفيروس ومن ثم لجأ إلى الملاذات الأمنة .
كورونا” يرفع أسعار المعدن النفيس “
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن الانتشار الواضح للفيروس، تسبب في زيادة الطلب على المعدن النفيس عالمياً وهو” الذهب” مما سبب ارتفاع 1.5% في المعدن، نتيجة إقبال المستثمرين على شراء الذهب خوفا من تفاقم الأزمة الصينية ومن ثم مزيد من الاضطرابات لاقتصادها والذي تطالع أغلب الدول، وبمراجعة أداء البورصات نجد أن التراجعات طالت الأسهم الآسيوية، وعدد من بورصات الخليج العربي، جراء فيروس كرونا، فالقلق الذي أصاب المستثمرين له تداعيات، وهنا لا يمكن التوقغ ما تسفر عنه الوقائع والأحداث خاصة أن الصين أعلنت انتقال المرض إلى بكين العاصمة وهنا أعتقد أن الاقتصاد العالمي سيكون في تحدي كبير، وكذلك حركة التنقل والسياحة والسفر، إضافة إلى حركة التجارة خاصة أن الصين لها نصيب الأسد من حركة التجارة العالمية.
ويمكن تقسيم التداعيات المترتبة على تفشي فيروس كورونا إلى قسمين: على المدى القصير، وعلى المدى البعيد ، فعلى المدى القصير يمكن مشاهدة أثار الفيروس مباشرة، ولنأخذ مدينة ووهان، منشأ المرض مثالا، فقد توقفت كل الرحلات الجوية منها وإليها، مما يعني خسائر مالية، الأمر الذي ينطبق أيضا على وسائط النقل الأخرى، كماأغلقت الحكومة الصينية العديد من المنتزهات الترفيهية البلاد، بما في ذلك حديقة المحيط (أوشن بارك) الشهيرة في هونج كونج.
كما أغلقت العديد من دور السينما أبوابها، وهذا يعني اقتصاديا انخفضا في الدخول المتوقعة، خاصة أن الإغلاق يأتي حتى إشعار آخر، وتزامن تفشي فيروس كورونا الجديد الذي يسبب التهابا رئويا مميتا، مع احتفالات الصينيين بالسنة القمرية الجديدة، وهو الموسم الذي يسافر فيه ملايين الصينيين داخل بلادهم أو خارجها.
وفرضت الصين قيود سفر على 35 مليون صيني، ونسبة من هؤلاء كانت بصدد الاحتفال بالسنة القمرية خارج الصين، وتقييد سفرهم حرم دولا وشركات طيران من نفقات هؤلاء، وألغت العديد من الاحتفالات العامة الكبرى ، الذي يعني خسائر مؤكدة بالنسبة لصغار التجار وتجارة التجزئة والمرافق الترفيهية، وأغلقت” المدينة المحرمة”، التي تعد أبرز المعالم السياحية في العاصمة الصينية، التي يزورها يوميا 80 ألف شخص، وألغت العديد من الشركات السياحية في أوروبا رحلات إلى الصين ، وتراجعت الأسهم في الأسواق الآسيوية متأثرة بالتراجع الكبير الذي طرأ على بورصة بكين، وسجل على سبيل المثل مؤشكر نيكي الياباني، أكبر خسارة يومية على مدى 5 أشهر، مع تعرض الأسهم الشركات المرتبطة بالسياحة للضغوط.
وفي الولايات المتحدة، تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بـ500 نقطة متأثرا بمخاوف كورونا، خاصة ما خسائر شركات الطيران بسبب الخوف من السفر إلى الصين ، وقد تتأثر هذه الصادرات سلبا في حال تفشي المرض أكثر في الصين، مما يعطل عملية الإنتاج بسب احتمال زيادة القيود على التجمعات العامة ، وكانت ميزانية 2020 تستهدف في بدايتها تقليص العجز المستهدف في ميزانية 2019 نحو سبع نقاط مئوية، وذلك أساسا عن طريق إسقاط الفوائد المستحقة على الدين الحكومي الذي في حوزة البنك المركزي.