نظم مركز “بى لمباس” للدرسات القبطية بكنيسة السيدة العذراء مريم بمهمشة، برئاسة وحضور نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس أسقف عام منطقة شرق السكة الحديد، اللقاء الشهري المعتاد، حيث استضاف المركز ولأول مرة محاضرتان فى لقاء واحد المحاضرة الأولى القاها القمص صليب جمال كاهن كنيسة ابى سييفين بمصر القديمة، ومقرر اللجنة العامة لترميم كنائس مصر القديمة عن ترميمات كنيسة السيدة العذراء المعلقة ، والمحاضرة الثانية القاها المهندس وهبة صبرى مدير الإدارة الهندسية للآثار القبطية ومصر القديمة سابقا عن ترميمات كنيسة ماريعقوب المقطع بمصر القديمة، وذلك بحضور العديد من الباحثين والدكاترة والمهتمين بالتراث والفنون القبطية والعديد من الآباء الكهنة والخدام.
بدء اللقاء بصلاة أفتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس، ثم رحب بالحضور الكريم.
كذلك أشار القمص صليب جمال لدور القمص مرقس عزيز فى التواصل مع المسئولين واحتمالة الكثير من اجل الكنيسة والحفاظ على هذة الآثار الهامة ليس لمصر فقط بل للعالم كله، والمتمثلة فى كنائس مصر القديمة ومراسلة اليونسكو لحث الدولة على الاهتمام بالمنطقة وتسجيلها وجلب المنح من الخارج للصرف على مشروعات الترميم .
وعن ترميم كنيسة المعلقة أضاف القمص صليب جمال، بعد تنفيذ المشروع الأمريكي 102 لسنة 2002 والذي خفض منسوب المياه الجوفية من المنطقة، أصبحت هناك فرصة كبيرة لمعالجة الرطوبة التي ظهرت على حوائط وأعمدة الكنيسة مع عمل الترميمات بكل عناصر المبنى من حوائط واعمدة وايقونات وخلافة، وبدء الترميم بمرحلة جمع المعلومات الشاملة عن الكنيسة المعلقة والمنطقة المحيطة بها كبداية لوضع خطط الترميم شاملة الترميم المعمارى والانشائى والدقيق.
فقمنا فى البداية بتدعيم الاساسات والحوائط الحاملة والاعمدة وعمل قمصان خرسانة مسلحة للأساسات الحاملة للحوائط.
وقمنا ايضا بتقشير المحارة فى بعض المناطق التى تضررت من المياة الجوفية، كذلك بخصوص الطوب تم معالجته إذا لزم الأمر، فقد تم تغيير الطوبة المشروخة أو المكسورة بطوبة تحمل نفس المواصفات والشكل والحجم، حيث تم تحليل عناصر الطوبة الأصلية في معامل كلية الهندسة بجامعة القاهرة؛ للوصول إلى العناصر المكونة للطوبة، ويتم تصنيع هذا الطوبة من طمي النيل في أحد مصانع الطوب بالمنيا.
ولكننا فى ترميم الكنائس لا نستطيع أن نرمم الكنيسة كلها في وقت واحد لأسباب عديدة، منها وجود قداسات وخدمات واجتماعات يومية، فقمنا بالترميم على مراحل وأجزاء .
ويضيف القمص صليب جمال تم عمل الأرضيات الرخامية بنوع الحجر الطبيعي التريستا، والذي له نفس شكل الحجر الطبيعي الذي كان مستخدماً من قبل، ولكن بقوة واحتمال أربعة أضعاف ثم تم الاتجاه إلى الهياكل الثلاثة الرئيسية لتدعيم الأرضيات القديمة بنفس الطريقة، كذلك تم بناء درجات السلالم بالشرقية، كما كانت وتغطيتها بالرخام البيانكو شديد البياضوترميم الشروخ التي كانت موجودة بالقباب فوق الهيكل الأوسط، وكذلك القباب فوق الهيكلين الجانبيين.
و تغيير البراطيم الخشبية الحاملة للآرشات ثم بناء الآرشات مرة أخرى فوق البراطيم، مع تثبيت الفريسكات التى كانت مدعمة مكانها دون فكها.
ثم تم الترميم الدقيق للايقونات والنقوشات وحجاب الكنيسة والانبل والرخام، وتم ترميم مدخل الكنيسة ايضا وصيانة وترميم النقوش والزخارف بمدخل الكنيسة، كذلك النافورة امام الباب “نافورة بدون مياه” وتنسيق منطقة فناء الكنيسة حتى الباب الخارجى على الشارع العمومى امام محطة مترو الانفاق “مارجرجس” .
وعن أعمال الترميم الدقيق يضيف ابونا صليب، تم في البداية تغطية الأحجبة وفكها ووضعها في أماكن آمنة داخل الكنيسة، وكذلك فك الأيقونات من الحوائط ووضعها بطريقة صحيحة وتغليفها بالإسفنج والفوم والابلاكاش، وحصرها وتوثيق أماكنها فيوجد بالكنيسة 110 ايقونة اثرية ترجع للقرن الثامن عشر والتاسع عشر ليوحنا الارمنى وابراهيم الناسخ وانسطاسى الرومى، وأيضاً تغطية الفريسكات (اللوحات الجدارية) بالشاش والفوم، ثم الأخشاب لحمايتها من أي صدمات، قد تحدث أثناء الترميم، وأيضاً تغليف المقصورات الخشبية في الأماكن المراد الترميم بها وبعد الانتهاء من ترميم الكنيسة إنشائيا ومعماريا قمنا فى المرحلة الأخيرة بأعمال لترميم الأيقونات، وإظهار جمال الفن القبطي من فريسكات، كذلك نظافة أخشاب أحجبة الكنيسة بعد إعادة تركيبها وبترميمها عن طريق متخصصين على أعلى مستوى فى الترميم الدقيق، وبإشراف من الدكتور شوقى نخلة صاحب الخبرة الكبيرة فى أعمال الترميم الدقيق مع ترميم ونظافة المقصورات الخشبية والبلدكين، وهى القبة الخشبية الموضوعة فوق المذبح الأوسط ومعالجة جميع الأخشاب في الكنيسة عن طريق نصب سقالات بارتفاعات كبيرة داخل الكنيسة لنظافة الأحجبة والأخشاب ومعالجتها من السوس بدهانات كيماوية مخصوصة ليس لها لون لقتل السوس فى جميع مراحل نموه، وكذلك تعليق الأيقونات فوق الأحجبة وعلى حوائط الكنيسة مرتبة حسب طقس دورة الصليب، بعد ترميمها ومعالجتها واحدة تلو الأخرى في مكان خاص داخل الكنيسة يحافظ على الخامات والأيقونة فى وقت واحد، .مع وضع تصميم إنارة مناسبة لها
و تم إفتتاح الترميمات الجديدة في عهد البابا تواضروس ورئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب الذى كان رئيس مجلس ادارة المقاولون العرب واشترك بنفسة فى أعمال الترميم.
هذا وقد قدم القمص صليب جمال شرحة لهذة المحاضرة الشيقة مصحوبا بالصور التوضيحية، مما كان له اكبر الاثر فى شد انتباة الحضور، وخصوصا الصور القديمة والنادرة للكنيسة فى عصور سابقة وبعيدة وايضا صور للمنطقة كلها.
ثم كانتمحاضرة المهندس وهبة صبري، والذى القى فيها الضوء على ترميمات كنيسة ماريعقوب المقطع والتى من حسن الحظ ان يكون هذا الترميم هو الأول لهذة الكنيسة، فلم يذكر انه تم اجراء ترميم شامل بمعنى الكلمة لها فى اى عهود سابقة، مما كان لة اكبر الاثر فى الحفاظ على جميع العناصر، كما كانت وبنفس الشكل
وللأسف كان لزلزال ١٩٩٢ أثارة السيئة على الكنيسة، وقد تم الترميم بمشاركة هيئة اليونسكو، وفى السابق لم يكن هناك دراسة متخصصة لأعمال الترميم بل كانت هيئة الآثار تستدعي مقاولين لترميم الجدران الآيلة للسقوط ليسوا متخصصين فى أعمال الترميم مما كان لة اثره السيئعلى الجدران .
فتم وضع خطط جديدة للترميم الشامل بعد زلزال ١٩٩٢م وتم التوثيق الفوتوغرافي، لكل المشاكل المعمارية كالمياه الجوفية والرطوبة ومشاكل تآكل الأخشاب.
وتم دراسة جميع العناصر التالفة وظروف كل عنصر ومشاكل ودراسة مستويات الأرضيات المختلفة ومعرفة القديم والحديث ومعرفة نمط المباني مع أعمال الرفع المعماري للكنيسة كلها
وتم الإستعانة بالإستشاري الدكتور عادل فريد، حيث تم أولا تدعيم الأساسات بالكامل بعمل قمصان من الخرسانة المسلحة للأساسات الحاملة للحوائط،وتم عمل تربة إحلال جزئيا ثم صب فوقها خراسانة عادية وبعدها خرسانة مسلحة.
وتم عمل ترميمات للفرسكات والرسومات الحائطية رغم أنها قليلة جدا، وتم إكتشاف شبابيك جديدة وطاقات واعمدة وحنيات جديدة اثناء اعمال نزع طبقات البياض القديم، وتم إرجاعها مرة أخري لاصلها .
وايضا تم ترميم الأرشات ومعالجة الأملاح الشديدة بالقباب وترميم الشروخ التي كانت موجودة بالقباب فوق الهيكل الأوسط، وكذلك القباب فوق الهيكلين الجانبيينوبعد ذلك تمت معالجة الأسقف وغالبيتها من الأخشاب، وتم تغيير التالف منها بخشب عزيزي مجفف لتحمله وعدم التوائه أو انحنائه، وعمره أطول من أي نوعية أخرى من الخشب .
وبخصوص عمدان الكنيسة يضيف المهندس وهبة صبرى، تم عمل طرف رباط لمباني الأعمدة بكمرات مسلحة تصل جميع العمدان ببعضها كشبكة مع ربط اطراف مبنى الكنيسة من جميع الجهات بكمرات مسلحة تتصل بكمرات الأعمدة من الأسفل، كذلك تم جلب الطوب الأحمر القديم بمواصفات خاصة 7سم فى 11سم تقريبا لترميم الجدران والإرشات صنع خصيصا فى أحد مصانع الطوب بالمنيا.
كذلك تم عمل الأرضيات الرخامية بنوع من الحجر الطبيعي التريستا بسمك 6 سم، والذي له نفس شكل الحجر الطبيعي الذي كان مستخدماً من قبل، ثم تم الاتجاه إلى الهياكل الثلاثة الرئيسية، فقد تم فك الأرضيات القديمة واستبدالها بنفس الحجر الطبيعى.
كذلك تم ترميم ايقونات الكنيسة بواسطة فنانين متخصصين فى أعمال الترميم الدقيق للرجوع الى اصلها، كذلك نظافة أخشاب أحجبة الكنيسة ونظافة وترميم المقصورات الخشبية ومعالجتها من السوس بدهانات كيماوية، مخصوصة ليس لها لون لقتل السوس فى جميع مراحل نموه .
واختتم اللقاء ببعض المداخلات الهامة من الباحثين والسادة الحضور، كما أجاب القمص صليب جمال والمهندس وهبة صبرى على العديد من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات والمداخلات من الحضور، في جو من الحب والود ثم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للحضور الكريم وللقمص صليب جمال والمهندس وهبة صبرى.
وبعد انتهاء المحاضرة استمع الحضور لكورال ثيؤطوكوس بقيادة الشاعر كمال سمير التابع لكنيسة العذراء مريم بمنطقة مهمشة، والذى يلقى تشجيع كبير من نيافة الانبا مارتيروس، حيث قدم ترنيمة “اجمل ليالى عمرنا بنعشها .فى ليلة الميلاد”
ومن المعروف ان مركز (بي لمباس) يختص بدراسة أنشطة التراث القبطي والرحلات العلمية وورش عمل، وتبنى أبحاث علمية جديدة لتدريب صغار الباحيثن على الدراسة والبحث فى مجال القبطيات، بالإضافة إلى كورسات خاصة بدراسة اللغة اليونانية ، لمدة ساعة ، ومناقشة نصف ساعة ، وذلك بقاعة مجهزة خاصة بمقر نيافة الأنبا مارتيروس ويحاضر فية نخبة من السادة الأساتذة المتخصصين في التراث القبطي ، كالتاريخ والفن والآثار ، والأدب القبطي ، والموسيقي القبطية ، وتاريخ الرهبنة ، والمخطوطات ويقيم المركز محاضرة شهرية تقام فى الساعة السادسة والنصف من يوم الجمعة الأولي من كل شهر.