” واعتمد يسوع عن يد يوحنّا في الأردن ” ( مرقس ١ : ٩ ) :
عظيمةٌ رحمته : ذاك الذي لم يرتكب خطيئةً اعتمد كخاطئ .
في معموديّة الربّ غُفِرَت كلّ الخطايا. لكنّها ليست سوى سابقة لمعموديّة المخلّص ، لأنّ مغفرة الخطايا الحقيقيّة هي في دم الرّب يسوع المسيح : ” … ” إشربوا منها كُلُّكم ، هذا هو دمي ، دمُ العهد الجديد يُراقُ من أجل جماعةِ الناس لغُفران الخطايا ” ( متى ٢٦ : ٢٧ – ٢٨ ) ، في سرّ الثالوث .
” وبَينَما هو خارِجٌ مِنَ الماء رأَى السَّمَواتِ تَنشَقّ ” ( مرقس ١ : ١٠ ) :
كلّ هذا مكتوب لأجل خلاصنا. إذاً قبل نَيل المعموديّة، تكون عيوننا مغلَقة، ونحن لا نرى الحقائق السماويّة .
” والرُّوحَ يَنزِلُ علَيه كَأَنَّهُ حَمامةَ . وانطَلَقَ صَوتٌ مِنَ السَّمَواتِ يقول : ” أنتَ ابنِيَ الحَبيبُ، عَنكَ رَضيت “. ( مرقس ١ : ١٠ – ١١ ) :
نرى هنا سرّ الثالوث الأقدس : الرّب يسوع يعتمد، الرُّوح القدس ينزل بشكل حمامة ، والآب يتكلّم من أعلى السَّمَوات .
لنتأمل عظَمة هذا السر الفائق الإدراك :
” رأى السماوات تنشقّ ” . شرح فعل “رأى” يدلّ على أنّ الآخرين لم يروا. بكُلِّ بساطه ، نحن أيضاً لا نستطيع أن نتصور السماوات مفتوحة أو مغلقة فعلاً ، إلاّ بإلإيمان الذي أُعطي لنا بالمسيح يسوع . والإنسان المملوء إيماناً يرى السماوات مفتوحة ، ولكنّ ، الإنسان الّذي يشكّ يراها مغلَقة .
“رَأَيتُ الرُّوحَ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ كأَنَّه حَمامَة فيَستَقِرُّ علَيه” (يوحنا ١ : ٣٢) :
أنظروا ما يقوله الكتاب المقدّس على لسان يوحنا الإنجيليّ : ” يستقرّ عليه ” ، أي : على الرب يسوع ولا يتركه ويرحل عَنهُ .
نزل الرُّوح القدس واستقرّ على يسوع .
بينما علينا نحن البشر، ينزل لكنّه لا يستقرّ ، لماذا ؟
إنَّ الرُّوح القُدُس فعلاً يسكن ويستقر فينا عندما تكون لدينا نيات وأفكار صالحة . ولكن عندما تكون لدينا أفكار سيئة نخالف وصايا الله ومحبة السيد المسيح ونبغض أخانا وبعضنا ، فهذه علامة على أنّ الرُّوح القدس قد انسحب منّا . لهذا قيل في المخلِّص : ” إِنَّ الَّذي تَرى الرُّوحَ يَنزِلُ فيَستَقِرُّ علَيهِ ، هو ذاكَ الَّذي يُعَمِّدُ في الرُّوحِ القُدُس ” .
وأنا رأيتُ وشَهِدتُ أنّهُ هو ابْنُ الله (يوحنا ١ : ٣٣ – ٣٤).