73 ـ يونان النبي
وأعد حوتا عظيما (يون 1: 17)
* يونان أحد أنبياء العهد القديم, وله سفر يحمل اسمه, ولكن هذا السفر لا يحمل نبوة بقدر ما يحمل الاختبار الذي عاشه يونان مع الله في حياته التي استمرت حوالي مائة عام.
* صوم يونان ثلاثة أيام يقدم لنا ثلاثة دروس تمثل قوام الحياة الروحية, أول درس هو المخافة, والثاني هو الطاعة, والثالث هو التوبة, وهذه الدروس الثلاثة هي مقياس حياتنا.
الدرس الأول: المخافة
* طلب الله يونان في إرسالية, فأجاب الله بالقبول, لكن في قرارة قلبه لم يكن ينوي تلبية المطلب, بل قبل بلسانه فقط, لا بقلبه, لأن قلبه لا تسكنه مخافة الله فقد اعتمد علي فكره ورؤيته.
* قد يكون الإنسان مسئولا كبيرا في عمله لكن قلبه ليس في المخافة. إذا البداية أن يكون في قلبك مخافة الله.
* فكر يونان في الهروب وكان مقتنعا بهذا الفعل, لأن قلبه خال من المخافة. وعندما ركب السفينة وسأل عن اتجاهها, وكان الرد إلي (ترشيش) فرح لأنه الاتجاه المعاكس لإرادة الله (نينوي), وأراد أن يزيد الهرب فنزل إلي جوف السفينة, ولم تكن مخافة الله في قلبه.
* أجعل حضور الله في قلبك دائما. الله لا يغيب عن وعيك ولا عن فكرك ولا عن رؤيتك.
الدرس الثاني: الطاعة
* تذمر يونان وخالف وهرب, لكن الله دبر بحكمته حوتا عظيما.
* لكم أن تتخيلوا لو أن هذا الحوت تأخر دقيقة أو ثانية, ماذا كان سيحدث ليونان؟ نقرأ في الكتاب: وأعد حوتا عظيما (يون 1: 17) ليقف بجوار السفينة, وفي لحظة معينة يفتح فمه ويستقبل يونان, ويحتجزه في جوفه هذه الأيام الثلاثة, ويحرسه من أخطار البحر, ويصير هذا الحوت بمثابة هيكل أو كنيسة متحركة. فهل بدأ يتعظ ويري أن الحوت صار أكثر طوعا منه, وهو الإنسان العاقل؟!
* الطاعة يا إخوتي يقول عنها الكتاب: هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة (1صم 15: 22). الإنسان الذي لا يطيع يخسر كثيرا في حياته, مثلمافعل يونان.
* يونان وهو في بطن الحوت ابتدأ أن يعرف طريق الله, فماذا فعلت يا يونان؟ يقول: سوف أحول جوف الحوت إلي مخدع للصلاة, وبدأ يرفع صلاة قوية.
* أبحث عن الطاعة في قلبك, وقل للرب: علمني كيف أطيع وصيتك, وأعيش هذه الوصية, علمني يا رب أن يكون قلبي مملوءا بالمخافة أولا, وبالطاعة ثانيا, ليكون مرضيا أمامك كل حين.
الدرس الثالث: التوبة
* ذهب يونان لنينوي التي كانت مدينة عظيمة تجد مبانيها مغطاة بالذهب, وشوارعها تمتلئ بالخضرة, اللون الأصفر والأخضر يملآن المدينة العظيمة.
* عندما ذهب يونان ليبشر هذه المدينة توقع أنهم لن يستمعوا إلي كلامه, وتأتي المفاجأة! فعندما جاءت الرسالة الإلهية القصيرة إلي شعب نينوي اضطربوا جميعا, بدءا من الملك حتي الرضيع, وتسابق الجميع: الرجال والنساء, الكبار والصغار, وحتي الحيوانات, ليلبسوا المسموح ويجلسوا في الرماد, ويتذللوا أمام الله, ويرفعوا صلوات, ويقدموا أصواما, وفوق هذا كله يقدمون قلوبا تائبة, وتكون المفاجأة العظيمة أن يتوب هذا الشعب بأكمله.
* عندما تقرر الكنيسة صوما, فالمقصود أن أبدأ الصوم وأخرج منه شخصا جديدا تغيرت حياته, فنصوم ليس عن الطعام أو الكلام, ولكن عن كل ما يسرق أوقاتنا وأعمارنا وأزماننا.
* درس التوبة لا يأتي للإنسان إلا إذا عاش المخافة والطاعة, حينئذ تكون التوبة حاضرة أمامه, ويستطيع أن يتذلل أمام الله.