71- يوناثان
وقطع يوناثان وداود عهدا لأنه أحبه كنفسه (1صم18:3)
* يوناثان الابن البكر لشاول الملك, جاء شاول كثمرة لإلحاح الشعب, بينما صموئيل جاء ثمرة لصلوات أمه حنة.. ولكن شاول لم يرض قلب الله, أما داود الذي جاء كثمرة لصلوات صموئيل, أرضي الله.
* كلمة يوناثان تعني الرب أعطي, وهذا الاسم مذكور لأكثر من 20 شخصية في الكتاب المقدس ولكن أشهرهم يوناثان بن شاول.
* يوناثان من أنبل شخصيات العهد القديم, ومن أكثر الشخصيات التي نحبها, وعندما نحكي قصته للأطفال فإنهم يتعلقون به وبطريقته وأسلوبه, لأن فيه كل معاني الوفاء والصداقة الحقيقية.
–
العظيم لا يقاس بإنجازاته, العظيم يقاس بتأثيره الإيجابي الفعال في حياة الآخرين.
–
* تنحصر القصة بين داود وشاول الملك ومن بينهما يوناثان, يوناثان بن شاول وصديق لداود, ولك أن تتخيل هذه الرابطة بين الثلاثة (شاول الملك ويوناثان ابن الملك وداود من الشعب), ويوناثان يصادق داود من عامة الشعب, لذلك يقولون إن هذه العلاقة كانت بين داود الأشد نورا وشاول الأشد ظلمة ويوناثان في الوسط.
* هناك فارق زمني بيننا وبين داود ما يقرب من ثلاثة آلاف سنة إلا أن هذه القصة مازالت حية بسبب هذه الفضيلة التي هي الوفاء.
* أرجو أن تتعلم من هذا السفر -صموئيل الأول- الفضيلة التي تجسدت في شخص يوناثان, وأن تتعلم الوفاء العملي وليس بالكلام للأسرة وللكنيسة وللمجتمع والوطن. وقطع يوناثان وداود عهدا لأنه كما أحبه كنفسه (1صم18-3).
* الوفاء هو إحدي الفضائل الإنسانية العميقة والتي يتميز بها يوناثان, وسوف نذكر بعض المشاهد في حياته تبين هذا الوفاء.
-
الذي يغيب عنه الوفاء, يفقد إنسانيته.
–
المشهد الأول: العطايا الخمس.
* عندما عاد داود إلي شاول وهو منتصر في الحرب تعلقت نفس يوناثان بنفس داود, وأحبه يوناثان كنفسه بالرغم من الفارق الاجتماعي, وهذا الحب لم يكن علي مستوي المشاعر والأحاسيس بل كان محبة عملية صادقة أثبتتها الأيام بعد ذلك.
* يوناثان أراد أن يعبر عن حبه لداود فقدم له خمس عطايا رمزية عظيمة في تاريخ بني إسرائيل, قدم له الجبة (الغطاء الخارجي), الثياب, السيف, القوس, والمنطقة أي الحزام الذي علي الحقوين, هذه تعتبر بلغة اليوم نياشين الفوز, لأنه منتصر, ورأي في داود أنه الملك القادم بالرغم من أن يوناثان هو ولي العهد الذي له الأحقية في الملك.
* عندما أعطي داود العطايا الخمس كأنه يتنازل عن الملك لداود, إن في هذا قمة الوفاء وقد كان, فقد صار داود ملكا بعد شاول.
المشهد الثاني: الحماية الأمينة:
* عندما غار شاول من انتصار داود في الحرب والشعب يهلل له أراد قتله من الغيرة, أما يوناثان ذهب لصديقه داود كي يخبره ليحميه من غضب أبيه, يوناثان كان وفيا لأبيه فأراد أن يحميه من الشر, وأيضا كان وفيا لداود ولم يكن يوما خائنا لأبيه أو لداود.
* الإنسان الوفي هو الإنسان الذي يحمل محبة حقيقية دائمة ومستمرة للطرف الآخر.. الوفاء هذا علي مستوي الأفراد مثل زوج وفي, زوجة وفية, ابن وفي, خادم وفي, وتلميذ وفي, هذا علي مستوي شخصية الإنسان, أما في الأمور الاجتماعية نقول عنه انتماء, وعكس الوفاء كلمة سيئة وهي الخيانة, ولا يوجد شيء في الوسط.
المشهد الثالث: الشجاعة النبيلة:
* دخل يوناثان بكل شجاعة في صفوف الأعداء وحمل سلاحه وبدأ مع داود وقال: ليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو بالقليل (1صم14:6) وحدث أن يوناثان كان يحمل قلبا شجاعا مثل صديقه داود, فقد أصبح بينهما عامل مشترك وهو الشجاعة.
=
الصديق الوفي هو الذي يرفع صديقه إلي أعلي.
==
المشهد الرابع: المحبة العميقة:
* من مشاهد هذا الوفاء, أن داود ويوناثان, كانت بينهما صداقة قوية لدرجة أن هذه الصداقة غار منها شاول الملك حتي وصلت إلي أنه أراد قتل داود, ووبخ شاول ابنه قائلا: يا ابن المتعوجة (1صم20:30), لأن شاول تعجب من أن ابنه رفض الملك.
* عندما تقرأ كلمات يوناثان نجدها تهدئ من روع داود الذي يريد شاول أن يقتله, وفي نفس الوقت يهدئ أباه شاول الذي يريد قتل داود في غضبه, وكل هذا كان من محبته لداود.
المشهد الخامس: المساندة المستمرة:
* كم مرة تعرض داود للموت ويوناثان أنقذه؟ وكم مرة تعرض داود للإحباط ويوناثان يشجعه؟ وكم مرة تعرض داود لليأس ويوناثان يسنده؟ هذه صفات الصديق الوفي الذي ينقذ ويشجع ويسند, وبالرغم من أن داود عفا عن شاول عدة مرات إلا أن يوناثان كان يشجع داود ويقول له: تذكر أن الله معك, ويقول أيضا: لا تخف يا داود, بل قال له أكثر من ذلك: أنت تملك علي إسرائيل, مع أن يوناثان كان الأحق بهذا الملك بعد أبيه, والأجمل من ذلك حينما قال يوناثان لداود: أكون لك ثانيا, لذلك عندما علم داود أن شاول ويوناثان قتلا في الحرب قدم لهما رثاء قال فيه: محبتك لي أعجب من محبة النساء (2صم1:26), وتعهد له بأن يرعي أهل بيته.
==
الإنسان لا يكون عظيما بمركز أو سلطة أو تاج أو إكليل, بل بحبه ووفائه وشجاعته وتواضعه.
==