شهدنا على مدى الأسابيع القليلة الماضية ظهور عامل مُمرِض جديد لم يكن معروفا ًسابقاً، سرعان ما تحوّل إلى فاشية لم يسبق لها نظير قوبلت باستجابة لم يسبق لها نظير كذلك.
وكما أكّدت مراراً منذ عودتي من بيجين، إن الحكومة الصينية جديرة بالثناء على ما اتخذته من تدابير استثنائية لاحتواء هذه الفاشية رغم ما يترتب على هذه التدابير من آثار اجتماعية واقتصادية فادحة على الشعب الصيني.
ولولا تلك الجهود التي بذلتها الحكومة وما أحرزته من تقدم في حماية شعبها وشعوب العالم لشهدنا اليوم عدداً لا يحصى من الحالات خارج الصين، بل ربما عدداً كبيراً من الوفيات أيضاً.
إن السرعة التي كشفت بها الصين هذه الفاشية وعملت على عزل الفيروس واستخلاص تسلسله الجينومي وتقاسمه مع المنظمة والعالم هو أمر جدير بالإعجاب للغاية ولا تفيه العبارات حقه، شأنه شأن ما أبدته الصين من التزام بالشفافية وبدعم البلدان الأخرى.
لقد أرست الصين في الواقع معايير جديدة في مجال الاستجابة للفاشيات، بأشكال عديدة ودون أي مبالغة.
ولا بد في هذا السياق من الإعراب عن خالص تقديري واحترامي لآلاف العاملين الصحيين الشجعان وجميع العاملين في صفوف الاستجابة الأمامية الذين عملوا دون كلل أو ملل، على مدار الساعة، من أجل معالجة المرضى وإنقاذ الأرواح والسيطرة على الفاشية، في خضم احتفالات مهرجان الربيع.
بفضل جهود هؤلاء، بقي عدد الحالات في بقية أنحاء العالم منخفضاً نسبياً حتى الآن.
فهناك اليوم 98 حالة في 18 بلداً خارج الصين، من بينها 8 حالات انتقال فيروسي بين البشر في أربعة بلدان هي: ألمانيا واليابان وفييت نام والولايات المتحدة الأمريكية.
ولم تقع أي وفيات حتى الآن خارج الصين، وهو ما ينبغي أن نشعر بالامتنان لأجله جميعاً. ولكن، رغم العدد القليل نسبياً لهذه الحالات مقارنةً بعددها في الصين، فإن علينا جميعاً أن نعمل معاً الآن للحد من زيادة انتشار العدوى.
والغالبية العظمى من الحالات خارج الصين هي لأشخاص سبق أن سافروا إلى ووهان أو خالطوا أشخاصاً سافروا من قبل إلى ووهان.
ولا نعلم مدى الضرر الذي يمكن أن يلحقه هذا الفيروس إذا ما قُدّر له أن ينتشر في بلد لديه نظام صحي ضعيف.
يجب أن نعمل اليوم لمساعدة البلدان على التأهب لإمكانية حدوث ذلك.
لهذه الأسباب جميعاً، أعلن أن الفاشية العالمية لفيروس كورونا المستجد تشكّل طارئة صحية عمومية تسبب قلقاً دولياً.
والسبب الرئيسي لهذا الإعلان لا يرتبط بما يجري في الصين، وإنما بما يجري في بلدان أخرى.
فالمخافة الكبرى هي إمكانية أن ينتشر الفيروس في بلدان لديها نُظم صحية أضعف وليس لديها مستوى التأهب اللازم للتعامل مع الوضع.
وأقولها بوضوح تام: إن هذا الإعلان ليس تصويتاً بسحب الثقة من الصين. بل على العكس، لا تزال المنظمة واثقة تماما من قدرة الصين على السيطرة على هذه الفاشية.
فكما تعلمون، كنت في الصين قبل بضعة أيام حيث التقيت الرئيس شي جينبينغ. وغادرتها مطمئناً كل الاطمئنان إلى التزام الصين بالشفافية وحماية شعوب العالم.
وأقول لشعب الصين ولكل من تضرر جراء هذه الفاشية حول العالم، اعلموا أن العالم يقف إلى جانبكم. نحن نعمل دون هوادة مع شركائنا في مجال الصحة العمومية على الصعيدين الوطني والدولي من أجل السيطرة على هذه الفاشية في أسرع وقت ممكن.
هناك اليوم ما مجموعه 7834 حالة مؤكدة، من بينها 7736 حالة في الصين، أي ما يعادل 99 في المائة من جميع الحالات المبلغ عنها حول العالم. وقد خسر 170 شخصاً حياتهم جراء هذه الفاشية، جميعهم في الصين.
يجب أن نتذكر أن هؤلاء بشر وليسوا مجرد أرقام.
أما ما يفوق إعلان الطارئة الصحية العمومية أهميةً فهي توصيات اللجنة بشأن الوقاية من انتشار الفيروس وضمان استجابة موزونة وقائمة على الأدلة.
وأودّ أن أوجز هذه التوصيات في سبع عناوين رئيسية هي التالية:
أولاً، ليس هناك ما يدعو إلى اتخاذ تدابير تقيّد حركة السفر والتجارة الدولية دون داعٍ. المنظمة لا توصي بتقييد التجارة أو حركة المسافرين.
نحن في المنظمة ندعو جميع البلدان إلى تنفيذ قرارات متسقة وقائمة على الأدلة، ونبدي استعدادنا لتقديم المشورة إلى أي بلد ينظر في ما يلزم اتخاذه من تدابير في هذا الشأن.
ثانياً، يجب أن ندعم البلدان التي لديها نُظم صحية ضعيفة.
ثالثاً، الإسراع في تطوير اللقاحات ووسائل التشخيص والعلاج.
رابعاً، مكافحة انتشار الشائعات والمعلومات المضللة.
خامساً، استعراض خطط التأهب وتحديد الثغرات وتقييم الموارد اللازمة للتعرف على الحالات وعزلها ورعايتها ومنع انتقال العدوى.
سادساً، تبادل البيانات والمعارف والتجارب مع المنظمة والعالم.
وسابعاً، إن السبيل الوحيد لهزيمة هذه الفاشية هو أن تتوحد جميع البلدان في العمل معاً بروح التضامن والتعاون. جميعنا نواجه معاً هذه الأزمة، ولن يتسنى لنا دحرها إلا بالعمل معاً.
لقد حان وقت الحقائق لا الخوف.
وقت العلم لا الشائعات.
وقت التضامن لا الوصم.
وشكرا لكم جميعا.