المجدلله في الأعالي وعلي الأرض السلام وللناس المسرة.كل عام نعيش مع نشيد الملائكة أياما ممزوجة بفرحة الميلاد المجيد في محبة وسلام,ومما لا شك فيه أن كل عيد ميلاد هو بداية جديدة لنا,لكي نغير من أنفسنا,ونحن نختبر هذا مع كل جديد نحصل عليه والذي يجلب لنا السعادة,مثل الهدايا والملابس وغيرها,كذلك عندما نحتفل بالعيد كأنه لأول مرة,سنشعر بطعم آخر,ونستطيع أن نولد من جديد في حالة النعمة وبراءة الأطفال.
ولكن للأسف كثيرا ما نهتم بالتجهيزات الخارجية التي تستغرق وقتا طويلا والتي تزين الظاهر فقط تاركين الداخل كما هو من قبل,ونهتم بالمظهر تاركين الجوهر,ونفعل مثل الرجل البسيط الذي يعيش في قرية بسيطة عندما نظر إلي ساعة الحائط الضخمة المعلقة علي الحائط في بيته,والتي ورثها عن أجداده,فلاحظ أن عقربي الساعة ثابتان لايتحركان,وبكل ثقة انتزعهما حاملا إياهما إلي ساعاتي المدينة لإصلاحهما.
فسأله الساعاتي:لماذا لم تحمل لي الساعة كلها؟ فأجابه بكل كبرياء:لا دخل لك بالساعة,لأنها تعمل كباقي الساعات,وهي موجودة علي الحائط بكل شموخ وثبات,لكن العيب الوحيد فيها هذان العقربان,إذا عليك إصلاحهما أو استبدالهما.وبدون جدوي حاول الساعاتي أن يقنعه,لكن الرجل الريفي كان متمسكا بآرائه المغلوطة وانصرف في غضب متمتما:الويل لكم يا أهل المدينة لأنكم تضخمون كل شيء حتي تحصلوا علي المال الكثير, ولكنني أفهم جيدا كل ألاعيبكم.
ثم مضي في طريقه مما دفع الساعاتي إلي الحديث مع نفسه:هل يغسل المريض وجهه ليصلح داء قلبه,أم يصلح القلب فيستنير الوجه ويضيء؟ من الملاحظ أن الغالبية العظمي من الناس يوم عيد الميلاد أو الأعياد الأخري يتظاهرون بأنهم أفضل البشر,صالحون وأسخياء ومتعاطفون ومهذبون ومتسامحون إلي درجة أنهم يبدون كالقديسين.ولكنهم في الغد يعودون كما كانوا من قبل إلي الأنانية واللامبالاة تجاه القيم الإنسانية والروحية,ويبحثون عن المنفعة الذاتية والمصالح الشخصية وغيرها دون أي اعتبار للآخرين.
ومما لا شك فيه أننا نخترع شتي الطرق للاحتفال بالعيد من طعام وملابس وهدايا وزينة ومشاعر طيبة,كلها تستهلك في هذا اليوم.ولكن من الأفضل أن نعيش كل هذه الفضائل والمعاملات الحسنة يوم العيد والأيام التي تليه,كثيرون هم الذين يقدمون أفضل ما عندهم في هذا اليوم,بينما الأوقع أن يكون الأفضل في حياتنا هو ثمرة ونتيجة العيد والتغيير الذي نناله منه,لأن أعظم شيء هو ما قدمه الرب لنا جميعا.
ولكن للأسف هناك الكثيرون الذين يعتبرون عيد الميلاد يوما خارج التقويم السنوي,أو أنه يوم لا وجود له في الزمن,وكأنه محطة الوصول النهائية.لكن الواقع هو أن عيد الميلاد نقطة الانتقال والسفر لأننا لم نصل إلي النهاية في عيد الميلاد,بل نبدأ مسيرة السفر والرحيل والتغيير.
وبالنسبة للكثيرين كل شيء ينتهي في عيد الميلاد,ولكن يجب أن نبدأ من هناك,وهذا ماحدث مع الرعاة والمجوس الذين بدأوا الرحيل من لحظة الميلاد, وكانت هذه نقطة حاسمة لهم.
إذا يجب أن نقتنع تماما بأن لحظة الاحتفال الحقيقي والمؤثر بعيد الميلاد,تبدأ بعد الانتهاء من مباهج الفرحة الخارجية التي نعيشها لمدة يوم واحد فقط.نستطيع إذا أن نكتشف مجيء عيد الميلاد وتأثيره في حياتنا,ونعلن ذلك للآخرين عن طريق أعمالنا الحسنة وتصرفاتنا الراقية والتجديد الذي تم بداخلنا وفي علاقتنا مع الآخرين.
إذا عيد الميلاد ليس تاريخا محددا مكتوبا في النتيجة السنوية كسائر المناسبات,ولكنه حدث مكتوب في قلوبنا ويسطع علي وجوهنا.الله أعطانا أفضل ما عنده في هذه المناسبة كما في باقي الأيام,فهل من المعقول أن يدعي أي شخص بأنه أضاف جديدا في هذا اليوم.
ياليتنا نعتبر عيد الميلاد بداية جديدة ومرحلة حاسمة في حياتنا الشخصية,وبهذا سيتغير العالم إلي الأفضل والأجمل مزينا بالحب الحقيقي والسلام الفعلي والتغيير الداخلي.إذا يجب الانتظار لليوم التالي للعيد حتي نبدأ إحياء هذه المناسبة علي مدار العام بأكمله.كل عام وجميع المصريين بخير وسلام بمناسبة العام الجديد وعيد الميلاد المجيد طالبا من الله أن يمنحنا الأمن والأمان,وأن يجعل هذه المناسبة السعيدة تغير من تصرفاتنا وسلوكنا إلي الأفضل,متبعين نهج الخير والحب والجمال.