هدى نصر الله : الحكم جاء استنادا لتطبيق المادة الثالثة من الدستور و لائحة الأقباط الأرثوذكس
بعد أن قضت الدائرة السابعة بمحكمة أسرة حلوان فى 25 نوفمبر 2019 ، بتطبيق المساواة بن الذكر والأنثى المسيحين بشأن توزيع الميراث في دعوى أقامتها المحامية هدى نصر الله، المحامية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ،جاءت حيثيات الحكم فى مطلع شهر يناير الجارى تؤكد على تطبيق المادة الثالثة من الدستور التى تنص على ” مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين و اليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية” بالإضافة إلى الاحتكام إلى لائحة الأقباط الأرثوذكس ..ولقد استقبل الكثير من الأسر المسيحية هذا الحكم و الحكم السابق فى عام 2016 من قبل محكمة استئناف القاهرة ، بترحاب و أمل فى أن يتم الاعتداد بمثل هذه الأحكام فى هذا الشأن تطبيقا للشريعة المسيحية و عملا بالمادة الثالثة للدستور التى اعطت الحق للمسيحين بالإحتكام إلى شريعتهم …لم يكن رد الفعل مقتصرا فى الترحيب بالحكم فقط و لكن ايضا بدأت بعض السيدات ممن تم اهدار حقهن فى الميراث البحث عن حقوقهن المهدرة فى الإرث و التحرك فى الأطر القانونية للحصول على حقوقهن …و لقد قام الحكم الصادر مؤخرا من محكمة أسرة حلوان بتحريك المياه الراكده التى ظلت لسنوات دون حراك و كان هناك استسلام لثقافة مجتمعية سائدة فى بعض القرى بالوجه القبلى والبحرى التى اعتبرت أن الأراضى و العقارات والأملاك من حق الذكور دون الإناث ، نلقى الضوء على تفاصيل الحكم وحيثياته والقضية، وهل هناك دور لإجتماعات الأسر لمزيد من الوعى القانونى لدى الأسر المسيحية بشكل عام حول الحقوق القانونية و بشكل خاص فيما يتعلق بحقوق المرأة التى لاتزال تعانى بشكل مضاعف مجتمعيا .
كانت قد قضت الدائرة السابعة بمحكمة أسرة حلوان، يوم الاثنين الموافق ٢٥ نوفمبر 2019 ، بتطبيق المساواة بن الذكر والأنثى بشأن توزيع الميراث في دعوى أقامتها المحامية هدى نصر الله، المحامية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.وقد أقامت الدعوى بشأن توزيع الإرث بالمساواة بين الذكور والإناث طبقًا للشريعة المسيحية، حول تفاصيل القضية تحدثنا إلى هدى نصر الله المحامية والمسئول القانوني لوحدة العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والتى أقامت الدعوى ،فقالت : ” بعد وفاة والدى تقدمنا بطلب لإعلام الوراثة و صدر بالفعل و لكنه صدر طبقا للشريعة الاسلامية و أنا واشقائى مسيحين متحدى المله ، فقمت برفع دعوى بطلان لإعلام الوراثة الصادر فى ديسمبر 2018 ، و بعد رفض الدعوى فى الدرجة الأولى و تقدمى بطلب الاستئناف، جاء الحكم فى 25 نوفمبر 2019 ،و كان منطوق الحكم أولا بإبطال إعلام الوراثة – الذى صدر فى أول الأمر طبقا للشريعة الإسلامية – رقم 2793 لسنة 2018 ورثات حلوان أمام الدائرة السابعة حلوان ،وثانيا : توزيع الإرث بين الورثة بالساوية . و سوف نتسلم من المحكمة الفترة القادمة صورة من الحكم تتضمن حيثيات الحكم تفصيليا . ”
استطردت نصر الله قائلة : هناك تساؤل يطرحه بعض الأسر المسيحية ماذا لو كان هناك عدم إتفاق بين الوارثين فى مطالبتهم بالمساواة فى الميراث ، ففى هذا الشأن كان هناك حكم سبق وأن صدر بالمساواة فى الميراث بين الاشقاء إناث و ذكور بعد أن حدث نزاع و تم رفع دعوى ، و جاء الحكم من محكمة الاستئناف القاهرة الدائرة 158 أحوال شخصية فى الحكم الصادر فى 29 مارس 2016 بالأحقية فى المساواة بين الأشقاء ذكور وإناث فى الميراث ، حيث كانت قد قضت محكمة استئناف القاهرة في 20 نوفمبر 2016، بالقضية رقم 11666 لسنة 133 ق، بهذا الأمر عملا بنص المادة الثالثة من الدستور، و لائحة الأقباط الأرثوذكس، في الدعوى المقامة بين “منقريوس زكي منقريوس” وشقيقته “وفاء”، في النزاع على آرث شقيقتهم المتوفاه “فريال”، إذ رفضت “وفاء” إعلام الوراثة الصادر بتطبيق الشريعة الإسلامية واحتكمت لتطبيق المادة الثالثة بالدستور.”
أما فيما يتعلق بحيثيات الحكم الصادر مؤخرا قالت هدى نصر الله :” لقد أودعت الدائرة السابعة بمحكمة أسرة حلوان، حيثيات حكمها القاضي بتطبيق لائحة الأقباط الأرثوذكس بشأن توزيع الميراث، ما ترتب عليه مساواة المحامية هدى نصرالله (مقيمة الدعوى) بأشقائها في الإرث.وقالت المحكمة إنه بعد الاطلاع على الأوراق، خلصت وقائع الدعوى أن المدعية “هدى نصر الله”، محامية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عقدت الخصومة مع المدعى عليهم “شقيقيها” مطالبة ببطلان إشهاد الوفاة والوراثة الخاص بتحقيق وفاة المتوفى والدهم رشاد برسوم نصر الله وذلك فيما جاء بتوزيع الأنصبة وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية مما شابه البطلان لمخالفته أحكام الدستور والقانون والقضاء بما لم يطلبه الخصوص كون المتوفى والورثة مسيحي الديانة بطائفة الأقباط الأرثوذكس، ويتوجب تطبيق لائحتهم والمساواة في توزيع الأنصبة بين الذكر والأنثى مستحقي الإرث.
وأضافت المحكمة أن المدعية استندت في دعواها إلى المادة الـثالثة للدستور التي تنص على تطبيق مبادئ الشريعة المسيحية في مسائل الأحوال الشخصية للمسيحيين.
واستندت المحكمة في حكمها إلى المادة الثالثة للدستور، بالإضافة لما نصت عليه المادة 245 من لائحة الأقباط الأرثوذكس “فروع الموروث مقدمون على غيرهم من الأقارب في الميراث فيأخذون كل التركة أو ما بقي منها بعد استيفاء الزوج أو الزوجة، فإذا تعددت الفروع (الأبناء) وكانوا في درجة واحدة قسمت التركة بينهم أصبة متساوية لا فرق بين ذكر وأنثى.. “.
تعقيبا على حيثيات الحكم قالت نصر الله : “أنا سعيدة جدا بحيثيات الحكم لانها أقرت تطبيق لائحة 38 للأقباط الأرثوذكس ،بالاضافة إلى تطبيق المادة الثالثة للدستور و لم يعتمد الحكم على التراضى بين الأطراف ،و كان هناك حكم سابق فى عام 2016 قام بتطبيق المادة الثالثة من الدستور بالرغم من وجود نزاع بين الأطراف و لم يتوافر التراضى ، واتمنى أنه مثلما يتم الحكم فى قضايا الأحوال الشخصية من زواج و طلاق للمسيحين طبقا للشريعة المسيحية أن يتم ذلك ايضا فى قضايا الميراث”.
و استطردت نصر الله قائلة:” كان هناك بعض السيدات تحدثن معى يريدن من قبل اصدار الحكم رفع قضايا متعلقة بذات الشأن و لكنهن كن مترددات لكن بعد اصدار حكم المحكمة فى نوفمبر الماضى قمن بالتواصل معى للبدء فى اجراءات رفع القضايا الخاصة بهن ، بالإضافة إلى أن هناك حكم محكمة ننتظره فى فبراير القادم حيث كانت قد نظرت محكمة بولاق لشؤون الأسرة الدعوى رقم 2709 لسنة 2019 فى 19 يناير الجارى الدعوى المقامة من أمل يوسف حنا فرج، لإبطال إعلام الوراثة رقم 548 لسنة 2019، بتحقيق وفاة ووراثة عمتها. لتطبيق المحكمة رغمًا عنها الشريعة الاسلامية وحرمانها من الإرث بالمخالفة لنص المادة الثالثة من الدستور المصرى الحالى، التى تقرر تطبيق مبادىء الشريعة المسيحية فى الاحوال الشخصيةللمسيحيين.وقد حجزت المحكمة الدعوى للحكم لجلسة 23 فبراير 2020″
أضافت الدكتورة سامية قدرى – أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، وعضو لجنة الثقافة الأسرية ببيت العائلة- قائلة:” كثيرا ما تقف الثقافة السائدة حائلا أمام تطبيق القانون ، وقضايا الميراث من المور التى تتعلق بالثقافة بشكل كبير حتى مع وجود قانون وأحكام قضائية ،وعلينا أن نعمل على تغيير هذه الثقافة السائدة خاصة فى قرى الصعيد ووجه بحرى التى يرتبط فيها ميراث الأراضى والعقارات بالذكور بغض النظر عن الديانه .”
خطوة نحو حصول المرأة على حقوقها
وأشارت قدرى إلى أن فكرة وجود أحكام تطبق الشريعة المسيحية أمر مهم جدا و كذلك الحكم الذى حصلت عليه المحامية هدى نصر الله يعتبر سابقة مهمه حيث جاء الحكم تطبيقا للمادة الثالثة من الدستور و لائحة الأقباط الأرثوذكس ، فهو يعد خطوة مهمه فى تطبيق القوانيين واحترامها ،وخطوة على طريق تفعيل حقوق المراة بشكل عام لانها حتى الان لاتزال حقوقها منقوصه ،وحينما نبدأ بالميراث فهى نقطة مهمه و بعدها ننطلق لباقى الحقوق والمطالبة بها ،وأتمنى أن يكون هناك تكرار لمثل هذه الأحكام و تفعيلها و أن يسهم ذلك فى تحفيز سرعة اصدار قانون موحد للمسيحين فيما يتعلق بالأحوال الشخصية فالقوانيين الموحدة لفئة من المجتمع تحفظ لهذه الفئة حقوقها ، فما يحدث من تحايل فيما يتعلق بتغيير المله و ما شابه سببه الأساسى عدم وجود قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحين يتم الاحتكام له
التوعية القانونية ضرورة
و أضافت قدرى :” من المهم أن يكون هناك ثقافة قانونية تقدم للأسر المسيحية فى إجتماعات الأسر أو فى كورسات و دورات المشورة الأسرية و دورات الاعداد للزواج ، حتى يعرف الأشخاص حقوقهم وواجباتهم و كل ما يتعلق بالجوانب القانونية ، فمن وجهه نظرى أن أحد الأسباب المهمة التى تتسبب فى مشكلات و ضياع الحقوق هى عدم الوعى القانونى، وحقيقة الأمر أن إشكاليات كثيرة فى حياتنا تعود بالأساس إلى نقص الوعى، فكيف نكون دولة قانون و نحن نفتقر إلى الوعى القانونى ”
يوسف طلعت – المستشار القانوني للكنيسة الإنجيلية – قال تعقيبا على حكم المساواة بين الإناث والذكور المسيحين فى الميراث ، قائلا : حكم جيد و سيكون سابقة جديدة للفصل أو الحكم بتأييد المساواة بين الرجل والمرأة المسيحين فيما يتعلق بالمواريث ،و هو حكم مستأنف و يتم الاعتداد به ،و هو استمرار للتأكيد على أحقية المسيحين فى تطبيق شريعتهم طبقا للمادة الثالثة من الدستور .
حيث دفعت هدى نصر الله في مذكرتها بمخالفة الحكم المطعون عليه للمادة الثالثة من الدستور بشكل مباشر، وكذلك مخالفة القانون رقم 462 لسنة 1955 القاضي بإلغاء المحاكم الملية والذي أقر في المادة السادسة منه بحق غير المسلمين ممن كانت تنظم شئونهم مجالس ملية سابقة لتاريخ صدور القانون في الاحتكام لمبادئ شرائعهم، وهو النص الذي أقره وأكدّ عليه القانون 1 لسنة 2000 القاضي بتنظيم التقاضي في بعض مسائل الأحوال الشخصية في المادة الثالثة منه.
أما بخصوص تعريف “مبادئ الشريعة المسيحية”، والتي يحتج البعض بخلوها مما ينظم مسائل الإرث، فاستشهدت هدى نصر الله في مذكرتها بقضاء محكمة النقض التي شددت أن المقصود بمبادئ شرائع غير المسلمين ليس نصًا دينيًا بعينه، بقدر ما أن المعنى ينصرف إلى المطبق من أحكام في المجالس الملية السابقة على صدور القانون 462 لسنة ١٩٥٥. وحيث أن المطبق في المجلس الملي السابق لطائفة الأقباط الأرثوذكس هو لائحة الأقباط الأرثوذكس لعام 1938، فيجب العودة لها لتبين حكم الشريعة المسيحية في توزيع أنصبة الإرث. وبالعودة للباب الحادي عشر، وتحديدًا المادة 245 من اللائحة، يتضح بجلاء النص على توزيع الإرث بالتساوي بين الوارثين الأبناء من الذكور والإناث.
وأشارت المبادرة المصرية إلى أنها تأمل أن تساعد هذه المذكرة القضاة والمحامين وعموم النساء المسيحيات الراغبات في تطبيق مبادئ شريعتهن، على تطبيق نصوص الدستور والقانون، كما تأمل أن يكون هذا الحكم المهم فاتحة لحوار مجتمعي طال انتظاره حول تنظيم الأحوال الشخصية لغير المسلمين في ضوء مبادئ حرية الدين والمعتقد وعدم التمييز على أساس النوع الاجتماعي المنصوص عليها دستوريًا.