الندبة (Scar)، وفق التعريف الوارد في ويكيبيديا، هي: “منطقة من الأنسجة الليفية تحل محل الجلد الطبيعي بعد إصابة. وتنتج الندبة من عملية بيولوجية لإصلاح جروح في الجلد وأنسجة أخرى من الجسد. وهكذا، يعتبر التندب عملية طبيعية من عملية الالتئام. وينتج من كل جرح (مثال بعد حادث، أو مرض، أو عملية) نوع من أنواع الندوب مع استثناء الإصابات الصغيرة جدا. ولا يحدث ذلك مع الحيوانات، حيث تتجدد الأنسجة بالكامل دون ندوب”. وعادة ما تكون ندوب الجسد مرئية، ولكن ندوب الروح غالبا ما تكون خافية عن الأعين، وربما عن أصحابها، وفي كل الأحوال فإن مشهد الندوب غير مرغوب حيث يعتبرها البعض علامات تشوه وميراث ألم. وفي الواقع أن الندوب، بالمعنى الطبي، ليست علامات مرض بل علامات تعافي، فهي الدليل على إنتهاء الجروح وإكتمال الالتئام. وهذا المعنى الطبي هو أحد معاني كلمة “ندبة” أو فعلها “تندب”، لأن لها معان أخرى مثل الإجهاد والأسى.
ومع ذلك فإن ليست مجرد علامة يحملها الجسد كأثر لحادث أو عملية جراحية، بل قد تكون علامات على أشياء أخرى مثل البسالة والنضال، أوالبلطجة والإجرام، فالمناضل والمحارب يعتبر ندوب جسده مدعاة للشرف والفخار، والضحايا يعتبرونها ميراث الألم، أما المجرمون فهي وصمة على أجسادهم. وعادة لا تكون الندوب متوقعة، لأن الإصابات والجروح غير متوقعة، ولكنها مع ذلك يمكن أن تكون متوقعة الحدوث كما هو الحالات الجراحية مثل الولادات القيصيرية. ولذا قد تتطلب الجراحات، لمن يستطع، أن تكون تجميلية للوقاية من آثار الجروح. وعندما تكون ندوب الجسد تكون موجودة، وإن توارت عن الأعين، فقد تسبب ألما في النفس، وتبدو وكأنها دخيلة على الجسد.
أما ندوب الروح، الناجمة عن الفقد أو الإيذاء الجسدي و النفسي، فهى غير مرئية لأنها ليس أنسجة وإنما أثر وإحساس مؤلم. فما يخلفه الإيذاء والعنف في النفس قد يكون أشد إيلاما من فعل الإيذاء ذاته. وفي أحد تقارير منظمة العفو الدولية تقول إمرأة كانت ضحية اغتصاب تحت تهديد السلاح: “يمكنك أن تتعافى جسديا، لكن ندوب الروح لا تلتئم”. وهكذا، فإذا كانت الندوب في الجسد هي جزء من عملية الالتئام، فإن ندوب الروح هي الجرح ذاته، فالجسد له أنسجة ليفية تنهي الجروح، أما الروح فلها ذكريات تنكأ الجروح. ويمكن القول أن الندوب تتوسط المسافة بين الجسد والنفس وبين الجرح والالتئام، فهي في الجسد علامة الالتئام، وهي في الروح صوت الجروح وصداها.
وعلى الرغم من أن علم النفس والتحليل النفسي هما المجالان الأكثر ارتباطا بالندوب غير المرئية، إلا أن كلمة ندبة Scar تكاد لا تكون موجودة في الموسوعات والمعاجم ذات الصلة، وربما أكون مخطئ ولكن هذا ما توصلت إليه بمراجعة عدد قليل من المصادر. ومع ذلك فإن معالجة الندوب غير المرئية هى مهمة أهل الاختصاص فى مجال علم النفس والتحليل النفسي. ولكن هذا لا يعني أننا بلا دور، فنحن ضحايا هذه الندوب وصانعيها في الوقت، فبعضنا يرغب في الشفاء التعافي منها، والكثير منا يحفرون الندوب في النفوس بالعنف والإيذاء. أما الأمر الأهم فهو أن الندوب سواء كانت مرئية أو خفية، فإنها تؤدي إلى العزلة والتهميش والتي تعد الأشد إيلاما، ولنا أن نتخيل ضحية من ضحايا الاغتصاب كم تعاني في أوساط تحملها مسئولية إغتصابها، فهذا هو الألم الفعلي واليومي والمستدام.
صحيح أنه قد لا يكون في مقدرونا رؤية ندوب الروح لأنها بالفعل غير مرئية، ولكن علينا ندرك أنها موجودة، ويجب ألا تخدعنا هيئة الشخص، فقد يبدو أمامنا سليما معافى ولكن بداخله ندوب لا نراها، وهنا تأتي قيمة التفهم والتقدير والرفق. فقط علينا أن نتذكر أن بعض الندوب غير مرئية Some scars are invisible.