احتفلت أمس السبت كنيسة مار مرقس في مونتريال والشعب القبطي، بمباركة ومشاركة صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا، بالعيد الخامس والعشرين علي خدمة وكهنوت أبينا المحبوب القمص ميخائيل عزيز، راعي كنيسة مار مرقس في مونتريال.
وتمثلت شعائر الاحتفال بهذه المناسبة المباركة والسعيدة، في صلوات القداس الإلهي، صباح أمس السبت الموافق 14 ديسمبر، بمباركة ومشاركة نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا، ومشاركة الآباء الأجلاء المحبوبين أبينا ميخائيل عزيز وأبونا فيكتور نصر، أبونا موسي، وأبونا أرساني عزيز (ابن أبونا ميخائيل، الذي جاء من أمريكا للمشاركة في صلوات قداس وتكريم القمص ميخائيل عزيز) وكهنة آخرين من كنائس مونتريال.
“القمصية” وخدمة الأب الراعي
وفي عظته بعد قراءات الإنجيل المقدس، قال نيافة الحبر الجليل أبينا المحبوب الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا، أنه بعد التهنئة بشهر كيهك المبارك، شهر التسابيح للتسجد الإلهي من السيدة العذراء، فإننا نكرم اليوم قدس أبونا ميخائيل عزيز، وخدمته الطويلة المباركة، لذا فاليوم نكرمه، ويرقي لرتبه القمصية، أى مدبر الشعب.
أضاف نيافة الأنبا بولس أن إنجيل اليوم يتحدث عن أنجيل إرسالية السيد المسيح للكهنة، والكنيسة ركز اليوم علي خدمة الأب الراعي، المعتمد علي 4 أمور، شفاء المرضي وسر مسحة المرضي بالصلاة علي زيت، والأب الكاهن يقيم موتي من الخطية، للإنسان الذي له فترة طويلة في الخطية، الأب الكاهن كراعي بدأ أن يعطيه الرجاء في المسيح يسوع ويقيمه، فهو يرعي من كان في الخطية، ويعطية رجاء القيامة. بعد شفاء المرضي، بعدها قال أقيموا الموتي.
أشار الأنبا بولس إلي أن الأمر الثالث طهروا البرص، والأبرص في العهد القديم لم يكن له مكان بين الأصحاء، وكان يوضع خارج المدينة، وعند اليهود كانوا يعتبرونه نجسا بسبب خطيته، والأب الراعي يطهر هذا الأبرص من خطيته. كما فعل السيد المسيح عندما طهر الأبرص، لذلك فالكنيسة والأب الراعي، لا يرفضا أبدا إنسانا قد ناله برص الخطية. ولا يفرز بين إنسان “كويس” وإنسان “وحش”، بل يعطي اهتماما أكبر لهذا الأبرص، لأن هذا المرض يسبب له ضعف واحتقار من الجميع، لكنه في نظر الراعي يحتاج إلي تطهير.
وأوضح الحبر الجليل أبينا الحبيب نيافة الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا أن الأمر الرابع يتمثل في إخراج الشياطين، ليس فقط بالمعني الحرفي، اي اخراج الأرواح التي تسيطر علي الإنسان، ولكن ربما هناك البعض الذي يضع تفكيره تحت طوع الشيطان، فمن وظيفة الأب الراعي بصلاته عن رعيته، ليل نهار، يبدأ أن يخرج هذا الشيطان، الذي تحول نفس الإنسان إلي عبدة، وهذا الشيطان سيد لها. كل هذه الوظائف، هي من الروح القدس، وليست من الأب الكاهن نفسه. ولهذا يقوم الكتاب المقدس: مجانا أخذتم. في الكهنوت المقدس، نقوم برسامة أو سيامة أب كاهن، نقول له أفتح فمك، وقل: فتحت فمي والتزمت بالروح القدس، الذي يعمل بنعمة الكهنوت، لشفاء المرضي، وإقامة الموتي، وتطهير البرص، وإخراج الشياطين.
قصة خدمة ورعاية منذ عقود
وأعقب صلاة القداس الإلهي وتكريم أبونا ميخائيل، احتفال بالعيد الخامس والعشرين لسيامة وكهنوت أبينا المكرم ميخائيل عزيز في بيزمنت “الدور الأرضي” الكنيسة، شارك فيه العديد من الشعب القبطي في مونتريال وكنيسة سان مارك، من الساعة الحادية عشر صباحا وحتى الثالثة عصرا، من مختلف الأعمار.
هذا وقد تمت رسامة أبينا المحبوب القمص ميخائيل عزيز كاهنا علي كنيسة سان مارك “مار مرقس” عام 1994، ومنذ هذا الوقت، وقبله بسنوات، وهو يقوم بخدمة شعب الكنيسة بكل أبوة حانية وتواضع. هذا وقت تمت سيامة أبونا ميخائيل بيد مثلث الرحمات صاحبة القداسة البابا شنودة الثالث، يوم 24 ديسمبر 1994. وكانت نصيحة مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة لأبينا ميخائيل عزيز، منذ سيامته، أنه لو ارتاح فالناس ستتعب، ولو أراد أن يريح الناس، فعليه أن يتعب، ومن ثم كان طريقه، الذي اختاره بكامل إرادته، أن يتعب هو لكي يرتاح الشعب.
كانت بداية خدمة أبونا ميخائيل عزيز مع المتنيح أبينا المكرم القمص بيشوي سعد. وكانت ولا تزال كنيسة مار مرقس في مونتريال تقوم بخدمة الأقباط، منذ بدأت موجات هجرتهم الأولي إلي كندا في الستينيات من القرن الماضي. وكان أبونا مرقص مرقص أول أب كاهن يرسل إلي أمريكا الشمالية، ويستقر في مونتريال عام 1964. ثم كان أبونا روفائيل يونان نخلة، الذي أرسله مثلث الرحمات قداسة البابا كيرلس السادس عام 1967 ليخدم ويؤسس كنيسة مار مرقس في مونتريال، وكانت الجالية القبطية محدود العدد، ومع مرور السنوات، نمت وبوركت الجالية القبطية، وتم شراء كنيسة مار مرقس عام 1974، ويعتبر المبني الحالي ملكا للكنيسة منذ ما يقرب من 40 عاما.
ن رعاية النشء للشباب وأبوة حانية للمهاجرين الجدد
تنوعت خدمة أبينا الحبيب أبونا ميخائيل عزيز، بجانب الصلوات والإلهية والاجتماعات الروحية، ورعاية النشء والشباب، إلي الاهتمام حتى بالنشء الصغير، حيث كان له دورا مهما في تأسيس وتطوير مركز رعاية الطفولة للأطفال في مرحلة ما قبل التعليم الإبتدائي CEP Centre de Petite Enfance، وهو مركز تديره الكنيسة، ولكنه يخضع لإشراف وزارة التعليم.
أما الأطفال والشباب فيحبون أبينا الحبيب ميخائيل عزيز حبا كبيرا، لأنه يتفهم احتياجاتهم ويحترم عقلياتهم، وكل ما يدخل لمكتبه يخرج من عنده مبتسما، ومحملا بالبهجة والشيكولاتة، ولذا يعشق الأطفال الذهاب لمكتب أبونا ميخائيل بعد القداس لأنه سيقدم لهم ما يحبونه، فضلا عن معاملته الأبوية الحانية مع الكبير صغيرا وكبيرا، واهتمام بصلاة القداس باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، بما يساهم في اندماج كل الأجيال في صلوات القداس، بالطبع مع بقية الآباء الأجلاء أبونا فيكتور نصر وأبونا موسي. ولا ينسي أخد وجه أبونا ميخائيل البشوش وابتسامته المريحة، التي تمنح الطمأنينة والسلام لكل من يتعامل معه.
كثيرون من المهاجرين الجدد، الذين أصبحوا مواطنين كنديين، يرون في أبونا ميخائيل، أبا روحيا لهم، حيث كانت من بين خدماته العديدة والمتنوعة، خدمة استقبال ومساعدة المهاجرين الجدد، والتي تعد إحدى الخدمات المتميزة التي تقدمها كنيسة سان مارك في كل مونتريال.
وبالفعل لا ينسي أحد من المهاجرين الجدد، وهم كثر وبالطبع عائلتي وأنا منهم، أن جناب القمص المحبوب أبونا ميخائيل عزيز من بين خدماته المتنوعة والمباركة، خدمة القادمين المهاجرين الجدد، فهو من يتواصل معهم ويطمأنهم، وينتظرهم بنفسه بالساعات في سيارته في المطار، ليصطحبهم هم وأولادهم وشنطهم، للسكن التابع لكنيسة مار مرقس. وإذا حدث تأخير للمهاجر الجديد في المطارات بالأربع أو الخمس ساعات، يستمر منتظرا المهاجر الجديد وأسرته بعد انتهاء إجراءات ضباط الحدود والجمارك، ليصطحبهم إلي سكن مجاني في أحد مباني كنيسة مار مرقس. ثم في مرحلة تالية يساعدهم علي استيفاء أوراقهم الرسمية مع السلطات الكندية، والمساعدة في الحصول علي سكن جديد دائم، ومساعدة البعض في الحصول علي فرصة عمل كلما يسرت له الظروف هذا.
هذه الخدمة المباركة، تجعلنا جميعا مدينين لمار مرقس “السيد المسيح”، نحن وأبناءونا وأحفادنا، لأن مار مرقس هو الذي أعطانا الأمان والاطمئنان في هذه الرحلة المجهولة، عبر هذا الدور المبارك الذي يقوم به أبينا القمص ميخائيل عزيز، وكنيسة مار مرقس، خاصة لو كنت لا تعرف أحدا في هذه الأرض الجديدة، إلا مار مرقس وخدام مار مرقس الأمناء الأحباء، وفي مقدمتهم أبينا الحبيب ميخائيل عزيز وكذلك أبينا الحبيب فيكتور نصر وبقية الخدام والشمامسة في الكنيسة.
فلذا يتمني الجميع لقدس أبينا الحبيب القمص ميخائيل عزيز، أن يديم السيد المسيح كهنوته سنوات عديدة وأزمنة مديدة، لأننا لا ننسي القلب الذي ضمنا ونحن جدد، وأعطانا الثقة والاطمئنان وساعدنا علي الاندماج والانخراط في المجتمع الجديد نحن وأولادنا.