يحتفل محرك البحث جوجل، اليوم الثلاثاء 10ديسمبر 2019، بالمطربة العراقية عفيفة اسكندر، و ولدت إسكندر في الموصل من أب عراقي وأم يونانية، عاشت في بغداد، وغنت وهي في عمر الخامسة، وكانت أولى حفلاتها في عام 1935، ولقبت بمنلوجست من المجمع العربي الموسيقي كونها تجيد ألوان الغناء والمقامات العراقية.
يُذكر أن إسكندر من عائلة مثقفة فنيًا، فوالدتها كانت تعزف على أربع آلات موسيقية وتدعى “ماريكا ديمتري” وكانت تعمل مغنية في ملهى هلال عندما كان يطلق عليه اسم ماجيستيك، والذي أٌنشئ بعد احتلال بغداد في منطقة الميدان بباب المعظم، كما هو حال بقية الملاهي التي ظلت تعمل حتى عام 1940 ،وكانت والدتها المشجع الأول وكانت تنصحها دومًا بأن الغرور هو مقبرة الفنان.
تزوجت إسكندر في سن الثانية عشر من رجل عراقي أرمني يدعى “اسكندر اصطفيان” وهو عازف وفنان وكان عمره يتجاوز ال 50 عامًا عندما تزوجا ،ومنه أخذت لقب اسكندر.
وقد بدأت إسكندر مشوارها الفني عام 1935 في الغناء في ملاهي ونوادي بغداد وغنت في أرقى ملاهي العاصمة بغداد حينها مثل ملهى (الجواهري) و(الهلال) و(كباريه عبد الله) و(براديز).. علما أن الملاهي كانت سابقا أفضل من النوادي الاجتماعية الموجودة حاليا.
واستطاعت عفيفة بنباهة تحسد عليها أن تتعلم وتتأقلم مع أجواء الفن.. وبسرعة تحولت إلى نجمة من نجوم الفن، كانت حينها شابة مغناج وذكية جدا. والتف حولها شخصيات مهمة وذات مكانة اجتماعية.. وغنت لهم المونولوج لمدة (5-6) دقائق باللغة التركية والفرنسية والألمانية والإنكليزية، وعملت مع الفنانة (منيرة الهوزوز) والفنانة (فخرية مشتت).
وظهرت إسكندر لأول مرة على المسرح في ملهى صغير بمدينة أربيل في أواسط الثلاثينيات وكانوا يُسمونها (جابركلي) أي “المسدس سريع الطلقات”، وأتت هذه التسمية من صفة الغناء الذي أدته حيث كان غناء سريعا نتيجة لصغر سنها وعدم نضوج صوتها آنذاك. وأول أغنية غنتها في أربيل كانت بعنوان: “زنوبة” وهي بعمر 8 سنوات.
جدير بالذكر أن عفيفة إسكندر جاءت إلى مصر وعملت مع فرقة (بديعة مصابني) وكذلك غنت لفترة طويلة مع فرقة (تحية كاريوكا) ،وأبرز مشاركتها العربية هي التمثيل في فيلم (يوم سعيد) مع الفنان الراحل محمد عبد الوهاب والرائعة الراحلة فاتن حمامة ،وغنت في الفيلم ولكن لسوء الحظ أن الاغنية لم تظهر عند عرض الفيلم ،فقد حذفها المخرج لطول مدة العرض التي تجاوزت الساعتين ،كما مثلت اسكندر في أفلام أخرى في سوريا ولبنان ومصر ،منها القاهرة – بغداد ،وتم عرض الفيلم في سينما روكسي عام 1949 ،وكان من إخراج أحمد كامل مرسي ،ثم تعرفت إلى الأديب المازني والشاعر إبراهيم ناجي وعندها بدأ مشوارها الأدبي ،ثم عادت إلي العراق واستقرت في بغداد.
يُذكر أن إسكندر كان لها صالون ثقافي خاص في منزلها الواقع في منطقة المسبح في الكرادة، وضم مجلسها في ذلك الوقت أبرز رجال السياسة والأدب والفن والثقافة في البلاد، والذين كانوا يحرصون على حضور النقاشات من رجال الدولة في الحكم الملكي.
وكان من أبرز الملحنين الذين تعاملت معهم هم أحمد الخليل والملحن خزعل مهدي والملحن ياسين الشيخلي ومن الاغاني التي قدمتها هي (يا عاقد الحاجبين) و(ياسكري يا عسلي) و(اريد الله يبين حوبتي بيهم) و(قلب.. قلب) و(غبت عني فما الخبر) و(جاني الحلو.. لابس حلو صبحية العيد) و(نم وسادك صدري) ومن اغانيها أيضاً (يايمة انطيلي الدربين انظر حبي واشوفه) وأغنية (مسافرين) واغنية (قسما) وأغنية (حركت الروح) وأغنية (قيل لي قد تبدلا) وأغنية(هلال العيد) وأغنية (دورت بغداد للموصل رحت) وأغنية (جينا من بغداد) وأغنية (الك يومين) وأغنية (شايف خير ومستاهلها) وأغنية (يانجوم غني) وأغنية (جوز منهم) وأغنية (خلهم يكولون) وغيرها من الأغاني الكثيرة، حيث بلغ رصيدها من الأغاني أكثر من (1500) أغنية.
وكانت عفيفة هي المغنية الأولى بالعصر الملكي وكان كبار المسؤولين في الدولة العراقية من ملوك وقادة ورؤساء ووزراء يطلبون ودها ويطربون لصوتها ويحضرون حفلاتها من دون حياء. فالملك فيصل الأول كان من المعجبين بصوتها. أما نوري السعيد رئيس الوزراء السابق فقد كان يحب المقام والجالغي البغدادي وكان يحضر كل يوم اثنين إلى حفلات المقام ويحضر حفلاتها. وعبد الكريم قاسم أيضاً كان يحب غناءها ويحترمها. ولكن عبد السلام عارف كان يحاربها ويضيق عليها حسب وصفها وتقول إنه كان يتهمها بدفن الشيوعيين في حديقة بيتها.
لم تغن عفيفة لقادة الثورة ولم تطلب منها الملكية ان تغني لها رغم أنها كانت على صلة وثيقة بها، وانما كانت تغني في عيد الجيش وغنت لفيصل الثاني، ولهذا أُهملت وغُيبت في عهده وظلت مُغيبة، وقالت متعجبة: أعجب على الناس قالوا للملك لا نصدق لأن نراك عريساً، وبعد أسبوع واحد من هذا الكلام قتلوه!
وتوفيت عفيفة إسكندر في 22 أكتوبر 2012 بعمر 91 عامَا، في مدينة بغداد بعد صراع طويل مع المرض.