“عندما كطفل ضحكت وبكيت.. زحف الوقت.
عندما كنت شابًا يحلم، ويفكر، ويغامر.. مشى الوقت.
عندما أصبحت رجلاً في منتصف العمر.. ركض الوقت.
لما تقدمت بي الأيام.. طار الوقت.
وسرعان ما سأكون على موعد للسفر.. عندما يحين الوقت.”
كلمات مكتوبة على ساعة حائط كبيرة موجودة في كاتدرائية مدينة «تشستر» بإنجلترا، وتلخص ما أشعر به هذه الأيام.
الحياة رحلة جميلة.. الأمس فيها أصبح تاريخًا، وغدًا قد يكون لغزًا، ولكن الحاضر عطية. وقبل أن يتحول اليوم إلى أمس، ويحين وقت الرحيل، تساءلت: مادام الله قد أنعم علينا بفرصة جديدةلنعيش أيامًا أطول؛ كيف نكون على استعداد لقبول تغييرات يريدالله أن يأتي بها إلى حياتنا، مع أنها قد تكون غير مألوفة لنا؟أعتقد أنه لدينا خياران لا ثالث لهما.. إما أن نعيش حياتنا لمجرد البقاء على قيد الحياة، في انتظار انتهاء اليوم وقدوم اليوم التالي.. أي «نأكل ونشرب لأننا غدًا نموت!»؛ أو نمضي قُدمًا في مواجهة التحديات بإيمان، وتحقيق الأهداف التي تصنع المستقبل، وكأن كل يوم يعطيه لنا الرب لنحياه هو اليوم الأخير في العمر.
قرأت قصة عن شخص عمل ليلاً ونهارًا لسنين طويلة وحقق نجاحات عظيمة.. وفي أحد الأيام، قرر أن يستريح من العمل، وأن يعيش في ترف وسعادة بقدر ما تسمح له ثروته. لكن بعد فترة قصيرة من اتخاذه لهذا القرار جاءه ملاك الموت؛ ولأنه كان ثريًا جدًا بدأ يفاوض الملاك بكل مهارات البيزنس ليشتري مزيدًا من الوقت بأي ثمن. لكن الملاك رفض أن يستمع له! فترجاه الرجل في يأس أن يمهله ساعة واحدة مقابل كل ثروة عمره؛ لكي يفعل أشياءً هامة كان يؤجلها لسنين بسبب مشغوليته، كأن يقضي القليل من الوقتمع عائلته وأصدقائه الذين لم يرهم منذ فترة طويلة. لكن الملاك رفض أيضًا هذا العرض السخي، وأصر أن يصحبه في الحال إلى أبديته. أخيرًا قال الرجل للملاك، وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة: ”هل يمكن أن تعطيني دقيقة واحدة لأكتب مذكرة وداع قبل أن أغادر هذه الحياة؟“ فمنحه هذه الفرصة، وهو يتعجله؛ فكتب: “عش أيامك التي يعطيها لك اللـه بالطريقة الصحيحة.. فأنا لم أستطع أن أشتري بكل مالي حتى ساعة واحدة من الحياة!” إذا أردت أنيكون عام ٢٠٢٠ مختلفًا عن أي سنة مضت، ما الذي يحتاج لتغيير في حياتك؟
دع الشكر يكون جزءًا من عادات حياتك.. اشكر كل يوم، وعلى كل حال، وفي كل حال؛ وستجد حياتك تمتلىء بالبهجة، وسيتقوى إيمانك، ويقل ميلك للشعور بالإحباط، ويزداد اتكالك على نعمة الله.
اقرأ كتابك المقدس يوميًا.. ادرس الكلمة، تأمل معانيها في ظل ما تعايشه في بيتك وفي عملك.. في علاقتك مع جيرانك، وشركتك مع المؤمنين في الكنيسة. وعندما تصلي، حاول دائمًا أن تتجاوبمع ما أعلنه الله لك في كلمته.
اقض وقتًا أطول مع أسرتك، وأقل مع الإنترنت أو في العمل! عندما يتقدم بك العمر مثلي، ما الذي تريد أن تتذكره: الساعات الطويلة التي قضيتها أمام شاشة الكمبيوتر أو التليفزيون، أم ذكرياتك مع من تحب؟ الذكريات تأتي إلى مخيلتي مثل مشاهد “الفلاش باك” لفيلم، وكثيرًا ما أتمنى أن يعود الزمن بي لأعيش مرة أخرى أوقاتًا مع أبي وأمي وأخوتي، مع أصدقائي وزملاء دراستي. لكن لأن عجلة الزمن لا تعود للوراء؛ لا تضيع أيامك مع أشياء أقل قيمة، ولا تدع مشغولياتك تمنعك من أن تزور أمًا قبل أن تمضي، وتستمع لحكمة أب قبل أن يصمت إلى الأبد!
استخدم أقوى كلمة من حرفين: “لا”! قلها لأي عادة تهدم صحتك، التي هي رأس مالك الذي لا يعوض إذا خسرته.. ولكل ما يهدد سلام أسرتك؛ فالسعادة في البيت لا تقارن أبدًا بأي متعة وقتية تسلبك حريتك، وتمزق أوصال شخصيتك.. ولكل إغراء أن تشتري ما تقنعك الإعلانات أو العروض أنه فرصة مع أنك لست بحاجة إليه.
اغفر وأعطِ ظهرك لكل ماضٍ ينزع منك سلامك اليوم، ويحرمك بهجة الغد.. التمسك بشعور المرارة داخلك يشبه ابتلاعك للسم على أمل أن يعاني الآخرون من آثاره! قد تحتاج مع بداية العام الجديد أن تغفر لأحد أفراد عائلتك تشعر أنه ظلمك أو تخلى عنك في وقت أزمتك.. أو لصديق أهانك على غير توقع. أو ربما تحتاج لأن تغفر لنفسك، وتنفض عنك غبار الفشل. بالطبع نحن لا يمكننا أن نغير ما حدث معنا في الماضي، ولا الطريقة التي عُوملنا بها.. لكن مايمكن أن نغيره، بقبولنا لعمل الروح القدس داخلنا، هو ردود أفعالنا، ووجهة نظرنا تجاه إساءات الآخرين، أو غدر الأيام.
أعط بسخاء إذا كنت تريد أن تختبر سخاء الله يملأ جعبتك وبيتك.. فالمعطي المسرور يحبه الرب. لا تدع الظروف الاقتصادية تعيقك عن أن تُعطي من مالك وباكورات حصادك.. لا تحد عطاءك للمال فقط؛ فكل الذين هم من حولك يحتاجون لكلمة تشجيع، ولمسة محبة، وتعبير عن التقدير.. وإذا أردت أن تستمتع أنت بهذه الثلاث قدمها بصدق، وبلا تحفظ، وفي مناسباتها.. هكذا يمكنك أن تبارك الآخرين بالنعم التي أُعطيت لك، فتسمح لها أن تفيض أكثر في حياتك.
«فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء،مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة» (أفسس ٥: ١٥- ١٦).