عن العنف ضد الصحفيين وأخلاقيات الصحفي، دارت مناقشات جانبية مع رئيس مرصد أخلاقيات المعلومات الصحفية بفرنسا، بيير جانز، وذلك على هامش فعاليات الملتقي الدولي للصحفيين فى إربيل بكردستان – العراق. أوضح خلالها مفهوم أخلاقيات المهنة قائلاً: “العنف ضد الصحفيين موجود فى معظم دول العالم، لكن السؤال الأهم هو :”ما الذي يفسر تلك العدوانية نحونا نحن الصحفيون؟ يبدو انه على مدى العقد الماضي، أصبح تقريع الصحافة موضة. الأمر الذي يدعو للإحباط الشديد، بالرغم من أننا نحن الصحفيون نقضي وقتنا في سؤال الناس، التي تقدم لنا سرداً لما تفعله. ونتحمل مسؤوليته، لكن يتم استعداء البعض علينا حينما يقع واحد منا فى خطأ، نعم لسنا ملائكة، فنحن نُخطئ في بعض الأحيان، نحن بشر، لذلك تتولى مجالس الإعلام تنظيم العلاقة بين الصحفيين والجمهور، لأنه فى لحظة الخطأ يجب أن تكون لدى الجمهور إمكانية الاتصال بجهة مستقلة، ومجالس الصحافة عليها إعطاء رأي كهيئة خارجية. وأداة صغيرة تساعد على استعادة ثقة الجمهور فى الصحفييين، مجالس الإعلام ليست دائماً سلطوية، ولنا خير مثال فى مجلس الصحافة والإعلام في بلجيكا، حيث يبلغ عمره الآن عشر سنوات ، ويعمل المجلس كسلاح ضد “الأخبار المزيفة”. خصوصاً ما يتم نشرها على السوشيال ميديا.
كسر الهواء
ويعترض بيير جانز على ما يسمى ” الأخبار العاجلة ” ، أو الأخبار التي ” تكسر الهواء ” وتفرض معاملة طويلة لموضوع واحد، على حساب بقية الموضوعات، وربما تكون على حساب اخلاقيات المهنة احياناً، وهذا يدخل ضمن اخلاقيات المهنة التي يجب الا تقدم السرعة على الحقيقة مكتملة، ورغم ان بيير يؤكد على أن الصحفيين لم يخسروا أخلاقهم، إلا انه يؤكد أيضاً ان هناك خطابًا أخلاقيًا وضروريًا. يجب ان يتم تقديمه على أى خطاب عند ممارسة المهنة، ويقول جانز:”في ممارسة مهنة الصحفي، نواجه كل يوم مشاكل صغيرة، وتساؤلات لانفسنا، هل أقوم بتمرير هذه الصورة ام لا؟ هل كتبت المعلومات بشكل صحيح؟ هل مررتها كاملة دون نقصان؟ وهذا لا تقوله مواثيق الشرف الصحفي. لأن المواثيق تضع مبادئ، وليس تفاصيل، لذلك جمعت هذه النصائح وسجلتها فى كتاب تحت عنوان “سجلات السلوك المهني”.
وفى ظل وقوع الصحفي في فخ الاغتراب العقائدي، او السياسي تُعيده سجلات السلوك المهني الي دوره الحقيقي، فيمكن أن يكون لدى الصحفي قناعات سياسية أو فلسفية. يمكن أن يكون ناشطًا من أجل قضية ما مثل الدفاع عن الأقليات، والمساواة بين الجنسين، وحماية البيئة، وما إلى ذلك، ولكن لا يمكن أن يكون في خدمة فصيل واحد.
ويجب ألا يغيب عن بالنا حقيقة أن وظيفتنا كصجفيين، هي أننا أول من يبُلغ عن الحقائق بدقة، مهما كان التزامنا تحاه قضية ما، فإن الحقائق يجب أن تسود بشكل متناقض، ويأخذ الصحفي في الاعتبار ما يتعارض مع قناعاته ، وهو ما يسمى ب “التفكير ضد نفسه” حتى ينتج فى النهاية مادة صحفية متوازنة واخلاقية.”
الجدير بالذكر أن بيير جان صحفي فرنسي ، خبير في عالم الصحفيين مُلتزم بالدفاع عن المهنة. عمل بيير مُراسلًا لمحطة RMC في إذاعة “سود”، ثم مديراً لتحرير الوسائط المتعددة في إذاعة فرنسا الدولية، ويرأس حالياً مرصد أخلاقيات المعلومات الفرنسي (ODI) ، كما انه مُحاضر مرخص له “.