نظم المركز الإيطالي للآثار لقاء الأثريين الإيطاليين بالمركز الثقافي الإيطالي، وشاركت في اللقاء باربارا باريش Barbara Barich وهي عضو في مجلس إدارة الرابطة الدولية للدراسات المتوسطية والشرقية ISMEO وعضو في البعثة الأثرية الإيطالية بالفرافرة، حيث ألقت كلمة عن منطقة “الجِلف الكبير”.
وقالت إن “الجلف الكبير” عبارة عن هضبة تقع بالجزء الجنوبي الغربي بمحافظة الوادي الجديد، وتتكون بشكل أساسي من صخور الحجر الرملي، وتحوي رسوم صخرية وحياة نباتية وحيوانية متنوعة. أول من أكتشفها هو الأمير كمال الدين حسين عام 1926، أعقبه العديد من الرحالة من بينهم لازالو ألماسي المجري. وتحولت الهضبة إلى محمية طبيعية عام 2007 . وقام الألمان بدراسات بيئية وأثرية، وأعادوا ترتيب التسلسل الزمني لتلك المواقع لتتراوح ما بين الألفية التاسعة والألفية الرابعة قبل الميلاد.
وأوضحت باريش أنه تم إطلاق مشروع ترميم وحفظ الرسوم الصخرية بالجلف الكبير بين البعثة الإيطالية بمصر وجامعة روما تحت إشرافها في عام 2010 ، مشيرة إلى أن محور الاهتمام الرئيسي هو وادي صورة وهو طريق كبير على الجانب الغربي من الهضبة.
وتطرقت باريش إلى أن الرسوم الصخرية بتلك المنطقة قديمة جدًا لكن العديد من تلك الرسوم تدمر بفعل عوامل طبيعية كالرياح والزلازل، إلى جانب الأنشطة البشرية المتمثلة في زيارة الرحالة والسائحين للمنطقة خلال العشرين سنة الماضية، فضلا عن حركة السيارات على الطريق القديم القريب من ذلك الموقع، لافتة إلى أن تلك الرسوم قد رُسمت على طبقة هشة من الحجر الرملي.
وأشارت باربارا باريش إلى أن العمل تركز في ثلاثة مواقع هم كهف السباحين وهو يحوي رسوم لأُناس في أوضاع تشبه السباحة، وقد اكتشفه لازلو ألماسي عام 1933 ، وكهف الرماة وهو يحوي أشخاص يحملون أقواس وسهام بالإضافة إلى حيوانات، وكهف فودجيني مستكاوي (أطلق عليه الألمان اسم وادي صورة 2 والفرنسيين أطلقوا عليه اسم كهف الماشية)، وهو يحمل اسم المسكتشف الإيطالي ماسيمو فودجيني خبير الصحراء وابنه ياكوبو فودجيني والعقيد أحمد المستكاوي أحد رواد الصحراء الغربية. ملمحة إلى أن مواقع الرسوم الصخرية قريبة من بعضها البعض خاصة، كهفي السباحين والرماة الذين لا يفصلهم عن بعضهم البعض سوا أمتار قليلة، ويبعد عنهم بمسافة قليلة كهف فودجيني مستكاوي.
وقالت: “إن كهفي السباحين ومستكاوي يمثلان بيئة برية تمامًا، أما كهف الرماة فوجدنا رسوم بها قطعان وهذا يوضح فارق زمني بين السباحين وفودجيني – مستكاوي من جانب وكهف الرماء من جانب آخر. وبحسب دراسات التسلسل الزمني (كرونولجي) التي قام بها الألمان، فيمكن تأريخ كهفي السباحين وفوديجي مستكاوي فيما بين 6500 و4300 ق.م، وكهف الرماة فيما بين 4300 و3500 ق.م، وهنا يمكن أن نسجل كيف انتقل المجتمع في تلك المنطقة، اقتصاديًا، من مرحلة الجمع والالتقاط والصيد إلى استئناس الحيوانات.”