قال الباحث الأثري أحمد عامر, إن المصريين القدماء عرفوا الاحتفال بالعديد من الأعياد في سنتهم القديمة، وبما أن مصر بلد زراعية في المقام الأول، فنجد ما ارتبط بتقويم السنة “أول السنه، ونصف السنة، وبداية الفصول”، ومنها ما ارتبط بالزراعة “البذر، الحصاد، الفيضان”، وأثناء هذه الأعياد كانت ترتل أناشيد الطقوس، وتزين المعابد وتضاء، وتقدم القرابين، ومن أهم طقوس الأعياد أن يري الشعب تمثال سيده الإله، التي كانت تخرج من المقصوره، وتنتقل إلي مكان آخر بعد أن تزين بالتمائم وقلائد الذهب، وتوضع في قارب حيث كانت السفن بوجه عام تمثل للمصري القديم وسيلة النقل المعروفه الأكثر إنتشاراً، وكانت توضع أمام الإله أعلام مزينه بصوره إلهيه مثل “وب واوات” أي “فاتح الطريق”، وعند الدخول للمعبد يوضع الإله علي قاعدة حجرية عاليه ليراها كافه الناس ويقومون بتقديم القرابين والبخور والأدعيه. وتابع “عامر” أن المصريون القدماء كانوا يحتفلون بعيد رأس أو فاتحه سنتهم الزراعيه، وهو عيد قومي عام لا يزال يحتفل به حتي الآن يتمثل قي الإحتفال برأس السنه القبطية المعروفه باسم “عيد النيروز”، والذي ظلت مصر تعترف به كعيداً قومياً حتي العصر الفاطمي، وقد أطلق المصريون القدماء علي سنتهم اسم “أبت”، وهو رأس السنه المصريه القديمة، وكان إحتفالاً رائعاً حيث ينتظر أهالي “طيبه” الأقصر حالياً، الشهر الثاني من فصل الفيضان بفارغ الصبر، وكان الملك ابن الإله “آمون” يخرج في رحله من معبد الكرنك ليزور معبد الأقصر فتزين له السفينه المقدسه الخاصه بالإله “آمون” وتوضع في مقصوراتها الخاصه التي تشبه الطاووس وتتبعها سفينة الإله “موت” زوجة “آمون” وسفينه إبنهما “خونسو” ويكون هؤلاء ثالوث “طيبه” المقدس، وأشار “عامر” أنه كان يفتتح المعبد بتقديم القرابين وتحمل السفن علي أكتاف الكهان من المعبد إلي النيل، وتنقل إلي أماكن معده لها في السفن المقدسه الكبيره بمراسيه أمام ميناء المعبد ويسير قارب “آمون” المطلي بالذهب في المقدمه فينعكس بريقه علي الماء وتبعه بقية القوارب، والملك والملكه والكهان والجنود والبخور والموسيقون والراقصات في موكب آخر علي الشاطئ يغنون ويرقصون ويقومون بألعاب بهلوانيه في موكب تحف به الروعه والجلال، ويستقبل الشعب هذا الموكب في المعبد وتنحر الذبائح وتقدم القرابين إلي الإله وتنتقل السفن المقدسه إلي الأماكن المخصصه لها في المعبد، ويقدم الملك القرابين مره آخري، ويستمر الشعب نحو إحدي عشر يوماً حتي أربعه وعشرون يوماً في فرح وسرور ، فقد بدأت السنه المقدسه مع الفيضان وحين ينقضي العيد يعود الركب إلي معبد الكرنك مره آخري.
وإستطرد “عامر” أن عيد “إبت” قد عرف من خلال مناظر موجوده بمعبد الأقصر ترجع لعهد الملكين “توت عنخ آمون” و”حور محب”، وكان الشعب يقف علي ضفاف النهر تقف جميع المواطنين والموسيقين لتحيه الموكب، كما تقف كاهنات “موت” ومعهن الآلآت الموسيقية، كما تقف الشرطه لتنظيم الإحتفال، وعند النيل تنزل المراكب تتبعها مراكب القرابين، وعلي الشاطئ يقف الناس ويهللون ويهتفون ويساعدون في دفع المراكب في سعاده، وبرقصون ويرتلون الأناشيد ويعزفون بالصلاصل، ويبدأ عيد الإحتفال بالسنه الجديدة قبلها بليله، حيث يتوجه مجموعه من كبار الكهنه، وهم أربعه كهنه أساسيون في المعبد والكاهن المرتبط ب “دندره” والذي يطلق عليه عازف الموسيقي، حيث تتوجهه إلي المقصوره الموجودة أقصي يمين الحائط الجنوبي ويطلق عليها “بيت اللهب” ويقومون بأداء بعض الطقوس، وحول المقصوره توضع القرابين، وهنا يتحقق أهم حدث هو الإتحاد مع قرص الشمس، والذي يحدث عند بزوغ أشعة الشمس أول أيام العام الجديد.