أحب الجميع… أحترم الجميع… وأتعلم من الجميع…
المسلم, المسيحي, اليهودي, البوذي, السيخي, الجايني, الزرادتشي, الصابئي.. وأحترم كل المعتقدت والأديان العالمية والعرقية.. أدرسها, وأتعلم منها فضائلها التي توحدنا كلنا في الإنسانية وتجمعنا حول كينونة الله التي لا تحد ولا توصف في براعتها وعظمتها.
لكني أتوقف.. معترفة بالجميل الأكبر والأعظم في حياتي وأعطي كل ذي حق حقه, وأشكر من كان له عظيم الفضل في حياتي.
أيها الملحد.. أنا مدينة لك.. أشكرك لأنك أكدت لي وجود الله.
صديقي الملحد.. لقد كان لك الفضل الأعظم في حياتي, لأمحو أي تشكك أو تشكيك في وجول الله في المطلق.. ومن منا في لحظات الضعف والتجارب.. الآلام والصعاب.. المرض والموت, لا تنتابه تلك الشكوك ولو للحظات.. من منا حين يجد الشر يتفشي والظلم يطغي وموازين العدل ترتبك.. لا يستسهل التفكير في العبثية والقلق الوجودي..
لحظات من عمرنا تتحدانا بقسوتها, فنعجز أمامها عن فهم المقاصد الإلهية وراء أمور تعصف بحياتنا وقد تصل لحد الكوارث.. أو نتعب من القيود والضوابط التي تفرضها علينا الأديان, وتغلبنا شهواتنا للحد الذي يفلت زمامها من سيطرتنا وإرادتنا, فتصبح وتمسي هي من تسوقنا كالأنعام فنصير عبيدا لها,
وإن كنا نوهم أنفسنا ـ باطلا ـ أننا أسياد أنفسنا وقراراتنا ورغباتنا.. فسواء كان السبب هذا أو ذاك مدعاة لاستسهال إنكار وجود الله حتي لا نشعر بيد عليا علينا فنخال أنفسنا نرمح في الحياة علي هوانا بلا ضابط ولا رابط ولكنا مربوطون بأشد الرباطات وأحكمها وهي العبودية.. عبودية الذات.
أجل رفضنا عبودية الله والتحرر بها من عبودية شهوات أنفسنا وتسلط الدونيات علينا. وإذ بنا ننزلق في عبودية ذواتنا المهزومة العليلة. ويقوم الملحد ببراعة بدور محام بارع يجد ويجتهد ـ بل ويستميت ـ ليثبت صحة حجته, يدافع عنها بكل ما أوتي من قوة وفكر ومنطق وفلسفة ويسخر لها الأعاجيب من الأدلة والبراهين والعلم والمعرفة.. يقوم بذلك ببراعة تسلب الألباب وتخلب العقول يدافع عن منطقه, يتسمك بكل كلمة أو بحث يشكك في وجود الله وكأنه طوق نجاة لتأكيد امتلاكه الحقيقة.. ويتبناه وكأنه من عاش في حقبة هذا البحث, بل من تابعه وكتبه بعد أن رأي وعاش ما به من إثباتات رؤي العيان. لا تشعر إطلاقا أنه يروج لفكر و أدلة علمية مفترض أنها صحيحة 100% ولا تحتمل التشكيك أو التعديل مع الزمن.. إنه فقط يريد أن يقول إن الله غير موجود. نسي لوهلة أنه وهو يجاهد لإثبات أكذوبة وجود الله أنه يفعلها باستخدام معجزة من معجزات الله وهو عقله. هذا العقل الذري والمنطق الفولاذي واللسان النافذ والتحليلات البارعة.. هذا العقل, هذا السر الذي لم ولن يوجد إلا في الإنسان. أيعقل لهذا العالم اللانهائي القابع في أعماقك ياصديقي ـ أن يكون مثواه التراب وقتما يهوي جسدك صريعا ـ أتصدق نفسك؟
أين تظن ياتري هذا الجبروت الساكن بداخلك ـ والذي سمح الله له ـ بكل الحب والاحتمال ـ أن يتخاصمه ويخاصمه, يحاججه ويحاجيه بل ويعاديه ويعلو فوقه ويقول: أنا إله نفسي..
أين الفردوس الروحي النابض في أوصالك تظنه يذهب؟ وإلي أين مآله بعدما يفني ذلك الجسد المادي؟!
إن كان الله غير موجود ويتساوي الخير والشر, الجريمة والرحمة.. فلماذا لا تنطلق ياصديقي وتثبت إيمانك ويقينك بخرافة وجود الله.. هيا اقتل وخذ ما لغيرك ويمكنك الإفلات بذكائك الذي دلك علي الحقيقة.. هيا أقدم وضاجع أمك وأختك وابنتك.. بل ابنك أيضا.. ما الذي يمنعك ياصديقي.. أراك متأففا متعففا.. أتدري لماذا.. لأن بك ذلك السر.. سر الوجود.. الروح.. رورحك التي هي من عند الله.
سأعيش دائما مدينة لك ياصديقي, فأنت ـ وأنت وحدك ـ بروعتك وجبروتك وبراعتك تكفي لتجعل العالم كله لا يشك لحظة في وجود الله…