جمعية مارمينا للدراسات القبطية باإسكندرية
بعد حياة مقدسة وخدمة حقيقية، رحلت عنا الأم المباركة زوجة كاهن الحق القمص بيشوى كامل، رحلت مُعطّرة بالمر واللبان وكل أذرة التاجر. رحلت فى عشية أحتفالنا بعيد أستشهاد القديس مينا العجايبى. وهنا اسجل تلك الخواطر:
تحية إلى الأم التى أدركت من الساعة الأولى معنى الأمومة ومسئولياتها، وأعطت الأمومة الأولوية فى حياتها الأسرية، فكانت نِعم الأم لأولادها، حتى صاروا آباء وأمهات.
تحية لكل أم بذلت صحتها وجمالها الجسدى فى سبيل اهتمامها بأسرتها، كشمعة تحترق لأجلهم.
تحية لكل أم أنجبت وقدمت لنا عمالقة فى شتى الميادين، وعلى مدار التاريخ.
تحية إلى الأم التى ترملت مبكراً، وعاشت بقية أيامها تجتر الآمها وتمزجها بالشكر، وتستعين عليها بالصبر ومناجاة الله.
تحية إلى الأم التى اُضطرّت أن تقوم بدور الأب والأم، وذلك لغياب الزوج خارج بلده أو تخليه عن مسئولياته وهو فيها، فجمعت الأبوة والأمومة فى شخصيتها.
تحية إلى الأم التى تنكر لها أولادها بعدما كبروا وتزوجوا، ناسين كل ما فعلته لأجلهم، فلم تغير موقفها منهم، ولم تتخلّ عن أمومتها لهم.
تحية إلى الأم التى صارت “أماً” لأمها وأبيها بعد أن تقدما فى أيامهما، فجمعت بأمومتها جيلين، بحبها وحنانها.
تحية إلى الأم التى أبت أن تحيا مع أولادها فى منازلهم الجديدة، وألا تقتحم حياتهم وتجرح خصوصياتهم وتُثّقل عليهم، فعاشت وحيدة راضية.
تحية إلى تلك الابنة التى صارت أماً لأمها وأبيها وإخوتها، متخلية عن طفولتها وحقوقها كصغيرة، وأحنت كتفها للنير منذ صباها، وربما تنازلت عن حقها الطبيعى فى تكوين أسرة.
تحية إلى الأم التى أختارت أن تحيا خلف باب بيتها وفى الظل، ولم تظهر فى المجتمعات والمحافل، وحسبها فقط أن تفرح وتفخر بخدمة أولادها ونجاحهم.
تحية إلى الأم التى لم تتزوج ولم تنجب، وإنما صارت أماً حنوناً لأولاد غيرها، بفرح وشكر، ودنما تقصير أوتذمر.
تحية إلى المربية التى صارت أكثر وأفضل من أم، التى تعلقت قلوب الأولاد بها، فلازمتهم بقية حياتهم فى منازلهم الجديدة.
تحية إلى الأم التى صارت أماً للمعاقين والمسنين والأيتام واليتيمات والمرضى، بحنو وبذل عطاء مستمر.
تحية إلى الزوجة التى صارت أماً لزوجها، وليس أولادها فقط فاحتضنت الأسرة بكاملها.
تحية إلى الخادمة التى صارت أماً مثالية لأطفال مدارس الأحد، وقامت معهم بما يجب على الأمهات المثاليات.
تحية إلى الأم التى سلمت الإيمان لأولادها وأعدتهم للأستشهاد، وربما اُستًشهدت قبلهم وأمامهم، وأستقبلتهم فى الفردوس.
تحية إلى كل أم روحية، كانت مناراً لكثيرين فى الإيمان والحُب، سواء فى الرهبنة أو التكريس أو الخدمة.
تحية إلى الأم التى ما تزال تبكى على أولادها مثل “راحيل”، وتأبى أن تتعزى حتى يصبحوا موجودين، ومثل الأم “مونيكا” والتى لم تكف حتى عاد أبنها القديس أغسطينوس.
تحية إلى كل أم ماتت وطفلها فى مهده، أو لم تره بعينيها يوم وُلد، ولم تسعد به وهو يشب ويخرج عن الطوق.
تحية لأمهاتنا اللآئى فارقتنا إلى الفردوس يصلين عنا، ونذكرهن بكل الخير والامتنان.
تحية إلى الكنيسة “الأم” التى من بطنها (جرن المعمودية) وُلد جميع المسيحيين أولاداً لله، التى جعلت جميعنا إخوة، وما تزال تطعمنا وتسقينا وتحتوينا.
تحية إلى أم كل حى، الست العذراء، رمز الأمومة، حواء الجديدة.
تحية إلى تاسونى أنجيل باسيلى التى أتقنت ألحان الكنيسة وصلواتها ولغتها القبطية وسلمتها لكثيرين.
الآن أنتقلت بكل فرح إلى كنيسة الأبكار وتعاين بكل تهليل شفيعنا القديس مينا العجايبى، وأبونا الرائع البابا كيرلس السادس، وحبيبنا أبونا بيشوى كامل كاهن الحق، وزمرة من القديسين الذين يشفعون فينا.
من مدينة الإسكندرية نرسل لك بتحياتنا ومحبتنا ومودتنا، وقد صرت لنا الآن شفيعة أمينة أمام مخلصنا الصالح.
يا بختك.