رافائيل “الله الشافي ، مُفرّح القلوب ”
رافائيل ثالث رؤساء الملائكة له كرامة قوية (طوبيا ٣ : ٢٥)، ومعنى اسمه ” الله الشافي ” لذلك دُعي مطيِّب القلوب . رافائيل من الأرواح السماوية العاقلة الناطقة التي صنعها وخلقها الله ضمن قواته الملائكية . منظره لهيب نار، ولباسه كالثلج ، قائم في السماء ، مملوء قوة ومعرفة وعِلماً ، واقفاً أمام الله كل حينٍ يُسبح الحي إلى أبد الآبدين .
رافائيل رئيس طغمات الملائكة في البلاط السماوي ، يَعبد ويَخدُم ربّ الجنود وإله القوات، أدرك حكمة ونور الله منذ خلقته، لكنه شاهد في كنيسة العهد الجديد عجباً لحكمة الله المتنوعة ، ورأى أعماقاً جديدة للسر المكتوم منذ الدهور .
رافائيل الوديع يُسبِّح في عظمة واتساق مفعماً بالإلتهاب ، جماله يذهل الخيال ، يشاهد عياناً الأسرار العظيمة ، عظيماً في المعرفةِ والحكمةِ والبهاءِ الإلهي في قوته الجوهرية ، طعامه رؤية الله ، وشرابه التمجيد والسجود للقدوس ، وقد عُيِّن ضمن رؤساء الملائكة وله رتبته في العمل والإنارة والمَقام ضمن غير المتجسدين ، رافائيل ضمن الملائكة والخدام الملتهبين نارًا، خالدًا ليس بالطبيعة بل بالنعمة ، جوهره عقلي أعلىَ وأسمىَ من الجنس البشري ، دائم الحركة ، مُطلَق الحرية ، يتمتع بنعمة الخلود، يستمد نوره من النور الأول الجوهري الذي لا يُدنى منه (نور إلهنا) الذي لا بداية ولا نهاية ولا حدود له . .. يتكلم بأنفاس الله ويتخذ صورة يستطيع معها الناظرون إليه أن يروه .
ولأنه دائماً في حضرة اللهِ يُعاين مجده ، ولأنه لا ينفصل عنه ، شاخصاً إليه كل حين . سيأتي أيضًا معه في مجد الدينونة ، وسيكون له دوره ضمن الرتب الملائكية في ساحة القضاء ، من حيث الدفاع والشفاعة والتقدم بالشهادة الصالحة عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته .
رافائيل ضمن رؤساء عساكر السموات جند الرب المقتدرين قوة الفاعلين أمره ، يحفظوننا في الطريق ويمنحوننا البركة ويلمسوننا بالفهم والفطنة ، يبشروننا بالأخبار السارة وبأفراح الخلاص ، يحلّوا ويسيِّجوا حولنا، وفيما يخدمون السر الخفي يشفعون في جنس البشر كل حين ويطلبون عن خلاص الناس وتدبير النفوس ، هم حُرّاس مُرشدون مُنقذون مُعينون مُلاحظون شُفعاء يُصعدون الصلوات والصدقات ، ملائكة تعزية ورحمة ونجاة ومساندة وشفاء وقوة ونياح وحراسة ومؤازرة من المهْد إلى اللَحْد، يحرسوننا وسط الأعاصير والشدائد .
يشرحون لنا المعاني الإلهية والأسرار المخفية، ويحملون لنا الوعود والمواعيد الثمينة. وقد جاء الكثير عنهم في علم الملائكة (Angelology) من حيث طبيعتهم النورانية الفائقة ورتبهم ودرجاتهم ، كأرواح مرسَلة لخدمة العتيدين أن يرثوا الخلاص .
أخذوا مهاماً رسمية لحمل رسائل إلهية ، لا يحدّهم زمان ولا مكان ، لا يشيخون ولا يتغيرون ، طبيعتهم خالدة بحسب النعمة ، قائمون بخدمة التسبيح بلا فتور، وهم المُنفذّون لإرادة الله ، يُظهرون نوره غير المرئي بلا عتامة ولا دنس ولا فساد، ويكشفون عن الجمال المطلق للسر الصامت الذي للحضرة الإلهية ، مثل أنشودة أبدية مع ألوف الألوف من الجوقات السماويّة واقفين امام الحيِّ في المجمع ، وطغمات ورتب علوية تتدرّج في رتبها وسموها وقوتها واقترابها وعملها وإختصاصها ضمن جيش الله .
نطلُب في تذكار الملاك رافائيل الرئيس مطيِّب القلوب أن يشفع من أجل شفاء كل طوبيت من العمىَ، وأن يرافق الفقراء والأرامل والأيتام وجثث القتلىَ والذين ليس لهم من يواريهم الثرىَ في هذا الزمن الصعب ، وأن يرافق مسيرة غربتنا وسفرنا عبر هذا العالم ، وأن يحضر إلى ولائم المحتاجين والمساكين لكي يباركها، وأن يتشفع ويطلب من أجل المطرودين والمذلولين وكل المشردين والمخطوفين ، ويداوي بالتعزية القلوب القلقة والمنكسرة ببركة قيامه ووقوفه امام الله .