يوصينا السيد المسيح قائلا: وإذا صليتم فلا تكرروا الكلام عبثا مثل الوثنيين, فهم يظنون أنهم إذا أكثروا الكلام يستجاب لهم, فلا تتشبهوا بهم, لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوهمت6:7-8, لا يستطيع الإنسان أن يحيا بدون صلاة, ولكن للأسف كم من الأشخاص الذين لايصلون إلا وقت الاحتياج إلي الله؟ فإذا انتهي, ماتت الصلاة علي شفاهم وفي قلوبهم, لأنهم لايرون بأن الصلاة هي حوار بين الله وأبنائه, هل نقبل بأن الابن لا يتحدث مع والديه, إلا إذا كان في حاجة منهما؟ كم من الأشخاص الذين يصلون عندما يمرضون, لا حبا بالله أو قياما بواجب الصلاة, ولكن طمعا في الصحة والعافية, كأنما الله بالنسبة لهم طبيب يقصدونه للعلاج مقابل صلوات يدفعونها له! مما لاشك فيه أن الله هو الطبيب الشافي لجميع أمراضنا, ولكنه قبل ذلك هو أب حنون يعرف ما نحتاج إليه وهناك آخرون يصلون فقط إذا ما أصابهم الفقر والبطالة, كما لو أن الله في نظرهم صاحب مكتب تموين وتوظيف فقط, ويوجد من يصلون طلبا للنجاح سواء في الامتحانات أو في مشاريعهم الخاصة, أو لينجيهم من الشدة والضيق, أو ليحل مشاكلهم, هؤلاء وغيرهم يلجأون إلي الله عندما يمرون بأزمة أو يشعرون باحتياج, وخلاف ذلك لايتذكرون الله, كان بإحدي قري إيطاليا كاهن قديسا, حتي أن سكان تلك القرية كانوا يلجأون إليه عندما يمرون بأزمة أو يشعرون باحتياج, فكان يختلي في ركن من الغابة ويرفع لله صلاة خاصة, فكان يستجيب له ويحقق كل مايريدون, ثم انتقل الكاهن من هذا العالم, فكان هؤلاء يذهبون إلي خليفته, ولكنه لم يكن قديسا, بل كان يعرف الركن السري والصلاة المناسبة,فكان يردد هكذا: يا الله أنت تعلم أنني لست قديسا ولكن هذا لايمنعك من مساعدة شعبي؟ استنمع لصلاتي وأسرع إلي نجدتنا فكان الله يستجيب لهذه الصلاة ويحقق لهم كل شيء, وبعد انتقال هذا الكاهن أيضا, كانوا يهرعون لخليفته الذي كان يعرف الصلاة ولكنه لم يكن يعرف المكان, وكانت كلماته هكذا: يارب ما فائدة هذا المكان أو غيره بالنسبة لك أليس حضورك يقدس كل مكان؟ أرجو أن نستمع لصلاتي وتأتي لخلاصنا فاستجاب الله لصلاته وحقق لهم طلباتهم,ثم رحل هذا الكاهن, فكانوا يلتجأون لخليفته الذي لم يكن يعرف الصلاة ولا المكان, فكان يكلم الله هكذا: يارب, لاتهمك الصيغة ولكن صراخ المسكين والبائس إذا استجب لتوسلاتني وتعالي لمعونتنا, وسمع الله أيضا لهذه الصلاة وحقق لهم رغباتهم, وبعد رحيله كانوا يستنجدون بخليفته ولكنه كان محبا للمال وكان يعاتب الله في صلاته قائلا: إذا كنت تعلم احتياج هؤلاء لماذا لاتستجيب لهم دون صلاة؟ فافعل ماتشاء فاستجاب الله لهم أيضا وقدم معونته لهم, إذا فالصلاة هي حديث الإنسان مع أبيه السماوي! فالأبوة وحدها تجعلنا ندرك معني وصية الله التي تأمرنا بأن نصلي دائما, وإذا اعترض البعض علي هذا قائلين: ما الفائدة من صلاتنا إن كان الله يعرف ما نحتاج إليه قبل أن نسأله؟ مما لاشك فيه بأن الله يعرف كل هذا,وبما أنه أب حنون يريد منا أن نتحدث إليه فالحديث يجلب السعادة للمحبين بين الوالد والأبناء,فالطلب لايعود سؤالا من أجل الحاجة بل دليل ثقة واعتراف بالأبوة,إذا فالصلاة هي نداء الحب, والمحبون الصادقون يدركون معني الصلاة ولايشبعون منها, ويقول الفيلسوف كيركيجارد: الصلاة هي بمثابة التنفس للإنسان فمن البلادة والبلاهة أن تسأل:لماذا يصلي الإنسان؟بل أسألك أنا: لماذا أنت تتنفس؟فتجيب: إذا لم أتنفس,أموت و;كذلك إذا لم تصل تموت روحيا أي يختل توازنك النفساني, أي شرف لنا أن نتحدث مع الله أبينا؟! وكم من النعم والبركات يغمرنا بها؟! إذا فالصلاة ما هي لا حديث نبوي بين الله والإنسان, كما أنها تبدد الظلام وتضيء النفس وتنعش القلب, كم ستتغير حياتنا للأفضل عندما نحياها بالصلاة والقرب من الله؟ ونختم بكلمات أفلاطون: إن أحسن ما نعمله لجعل حياتنا مشرقة وثمينة,هي أن نحياها تحت أنظار الله.