في الترجمة اليونانيّة لأسفار العهد القديم، تُرجِمَ الاسم الفائق الوصف الذي كَشَفَ فيه الله نفسه لموسى أي “يهوه”، باسم “كيريوس”، أي “ربّ ” . وقد أصبح منذُ ذلك الوقت الاسم ” ربّ ” أكثر ما يُستعمل للدلالة على الألوهة نفسها لإله إسرائيل .
والعهد الجديد يَعمدُ إلى هذا المعنى القويّ للاسم ” ربّ “، ويُطلقُه لا على الآب وحسب ، ولكن على الرّب يسوع أيضًا مُعترفًا به إلهاً . لقد سمّى الرّب يسوع نفسه بهذا الاسم بطريقة خفيّة عندما ناقش الفرّيسيّين في معنى المزمور ١١٠ ، وتكَّلّمَ يسوعُ وهو يُعلِّمُ في الهيكل قال : ” كيفَ يقولُ الكَتَبَةُ إنَّ المَسيحَ هو ابْنُ داود ؟ وداودُ نَفْسُه قال بِوحيٍ من الرُّوحِ القُدُس : ” قال الرَّبُّ لِرَبِّي : إجلس عن يميني حتّى أَجعَلَ أعداءَكَ تحتَ قَدَمَيك ” ( مرقس ١٢ : ٣٥ – ٣٦ )، ولكنّه صرَّحَ أيضاً بذلك في كلامه لرُسُلِه ليلة العشاء السرّي : ” فإذا كنتُ أنا الرَّبَّ والمعلٍّم ” ( يوحنا ١٣ : ١٤ ). وعلى مدى حياتِهِ العلنيّةِ كلِّها، كانت مواقف هَيمَنَتِه على الطبيعة ، والأمراض، والشياطين، والموت، والخطيئة، تُظهر سيادتَه الإلهية .
عندما نقرأ الإنجيل المُقدّس ، نَجِدُ الذين كانوا يخاطبونَ يسوع يدعونَه “ربّاً “. وهذا الاسم يتضمّنُ احترامًا وثقةً من قِبَل الذين يَقتربونَ من الّرب يسوع ويَترقَّبون منه عوناً أو شفاءً . وبدافع من الرُّوح القدس، كان هذا الاسم يعبِّرُ عن الاعتراف بسرّ الرّب يسوع الإلهيّ . وأصبح هذا الاسم في اللقاء مع الرّب يسوع المُمجَّد عبادةً : ” ربيّ وإلهي ” ( يوحنا ٢٠ : ٢٨ ) ويُصطَبغُ منذ ذاك الوقت بصبغة المحبّة والعطف التي ستبقى ميزة التقليد المسيحي : ” هو الربّ ” ( يوحنا ٢١ : ٧ ).
بإطلاق اللقب الإلهي ” ربّ ” على يسوع ، تُثبِتُ إعترافات الإيمان الأولى في الكنيسة منذ البدء أنّ السلطة، والكرامة، والمجد الواجبة لله الآب واجبةٌ أيضاً ليسوع المسيح ” القائم في صورة الله ” ( فيليبي ٢ : ٦ )، وأنّ الآب أظهرَ سيادة الرّب يسوع هذه بِبَعثِه من بين الأموات وبِرَفعِه إليه في مجده .
منذ بدء التاريخ المسيحيّ ، الاعتراف بسيادة الرّب يسوع على العالم وعلى التاريخ ، يعني أيضاً الاعتراف بأنّه لا يجوزُ للإنسان أن يُخضِعَ حُريَّته الشخصيّة ، إخضاعاً مطلقاً ، لأيّ سلطانٍ أرضيّ، بل لله وحدَه ، وللربّ يسوع المسيح .
الصلاة المسيحيّة موسومةٌ دائماً باسم ” الربّ “، سواءٌ كان ذلك في الدعوة إلى الصلاة ” ليَكنْ الربّ معكم “، أو في ختام الصلاة “بيسوع المسيح ربّنا ” أو أيضاً في الهتاف المملوء ثقةً ورجاءً : ” آمين ، تعال أيّها الربّ يسوع ” ( رؤيا يوحنا ٢٢ : ٢٠ )