· شرعية بناء سد النهضة يجب أن يُلزمها أحقية الشعب المصري في الاحتفاظ بحصته
مرت ثماني سنوات منذ وضع حجر الأساس لسد النهضة الإثيوبي، قامت خلالها حكومات الدول الثلاث مصر، السودان وإثيوبيا بإجراء الاجتماعات والمباحثات الثلاثية بشكل مستمر حتى يقفوا على أسس مناسبة لوضع السد وأهميته بالنسبة لكل منهم، ولكن حتى الأن لم تتفق هذه الحكومات على الكثير من هذه الأسس والذى يأتي على رأسها إدارة السد بشكل عام، وعلى الرغم من اختلاف أنواع المباحثات التي بدأت بوزراء المياه مرورا بوزراء الخارجية ونهاية برؤساء الدول إلا ان الجانب الإثيوبي متعنت بشكل واضح في عدم التفاوض بشأن الحقوق المصرية، إلى أن طالبت مصر وساطة أمريكية استناداً إلى البند العاشر من المفاوضات والتي تُعطي الفرصة لطلب الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول أو الحكومة .
الجانب المصري
في البداية، صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري، إن مفاوضات سد النهضة قد وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة الاطروحات التي تراعى مصالح مصر المائية وتتجنب إحداث ضرر جسيم لمصر، وأوضح أن إثيوبيا قد قدمت خلال جولة المفاوضات التي جرت في الخرطوم على مستوى المجموعة العلمية البحثية المستقلة وكذلك خلال الاجتماع الوزاري الذي تلاها في الفترة من 30 سبتمبر وحتى 5 أكتوبر 2019 مقترحاً جديداً يعد بمثابة ردة عن كل ما سبق الاتفاق عليه من مبادئ حاكمة لعملية الملء والتشغيل، حيث خلا من ضمان وجود حد أدنى من التصريف السنوي من سد النهضة، والتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد التي قد تقع في المستقبل.
كما رفضت أثيوبيا مناقشة قواعد تشغيل سد النهضة، وأصرت على قصر التفاوض على مرحلة الملء وقواعد التشغيل أثناء مرحلة الملء، بما يخالف المادة الخامسة من نص اتفاق اعلان المبادئ الموقع في 23 مارس 2015، كما يتعارض مع الأعراف المتبعة دولياً للتعاون في بناء وإدارة السدود على الأنهار المشتركة.
وأشار المتحدث أن هذا الموقف يأتي استمراراً للعراقيل التي وضعها الجانب الإثيوبي أمام مسارات التفاوض على مدار السنوات الأربع الماضية منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ، حيث سبق وأن أعاقت إثيوبيا المسار الخاص بإجراء الدراسات ذات الصلة بالأثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية لسد النهضة على دولتي المصب بامتناعها عن تنفيذ نتائج الاجتماع التساعي وموافاة الاستشاري الدولي بملاحظات الدول الثلاث ذات الصلة بتقريره الاستهلالي في مخالفة واضحة للمادة الخامسة من اتفاق إعلان المبادئ والتي تقضى بإجراء تلك الدراسات واستخدام نتائجها للتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وأوضح المتحدث أنه على ضوء وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، فقد طالبت مصر بتنفيذ المادة العاشرة من اتفاق إعلان المبادئ بمشاركة طرف دولي في مفاوضات سد النهضة للتوسط بين الدول الثلاث وتقريب وجهات النظر والمساعدة على التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحفظ حقوق الدول الثلاث دون الافتئات على مصالح أي منها.
الجانب الإثيوبي
ومن الناحية الأخرى نفت الحكومة الإثيوبية ذلك، وأكدت أنها على استعداد لحل أي خلافات ومشاغل معلقة عن طريق التشاور بين البلدان الثلاثة، وفي سلسلة تغريدات على صفحته الرسمية على موقع “تويتر”، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، أن حكومته تعزز جهودها لإنجاح الحوار الثلاثي، كما تتوقع التزامًا مماثلًا من بلدي المصب مصر والسودان، مشيدا بوزراء شؤون المياه في إثيوبيا والسودان ومصر في جهودهم لمواصلة الحوار الثلاثي حول ملء وتشغيل السد، وقال إن إثيوبيا تكرر حقوق جميع دول حوض النيل البالغ عددها 11 في استخدام مياه النيل وفقًا لمبادئ الاستخدام العادل وعدم التسبب في أي ضرر جسيم، مما يؤكد حق إثيوبيا في تطوير مواردها المائية لتلبية احتياجات شعبها.
البيت الأبيض
أصدر البيت الأبيض، بيانًا أعلن فيه دعم كلا من مصر، وإثيوبيا، والسودان، للتوصل إلى اتفاق تعاوني ومستدام ومتبادل المنفعة بشأن تشغيل سد النهضة الإثيوبي، وأكد البيت الأبيض، حق جميع دول وادي النيل في التنمية الاقتصادية والازدهار، ودعت الإدارة الامريكية في بيانها، جميع الأطراف إلى بذل جهود حسنة النية للتوصل إلى اتفاق يحفظ تلك الحقوق، مع احترام حقوق مياه نهر النيل في الوقت ذاته .
وردًا على بيان البيت الأبيض، صرح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، بأن جمهورية مصر العربية ترحب بالتصريح الصادر عن البيت الأبيض بشأن المفاوضات الجارية حول سد النهضة، والذي تضمن دعم الولايات المتحدة لمصر والسودان وأثيوبيا في السعي للتوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، وبمطالبة الولايات المتحدة الأطراف الثلاثة بإبداء حُسن النية للتوصل إلى اتفاق يحافظ على الحق في التنمية الاقتصادية والرخاء وفي الوقت ذاته يحترم بموجبه كل طرف حقوق الطرف الآخر في مياه النيل.
وذكر المُتحدث الرسمي أن جمهورية مصر العربية تتطلع لقيام الولايات المتحدة الأمريكية بدور فعال في هذا الصدد، خاصة على ضوء وصول المفاوضات بين الدول الثلاث إلى طريق مسدود بعد مرور أكثر من أربع سنوات من المفاوضات المباشرة منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ في ٢٠١٥، وهي المفاوضات التي لم تفض إلى تحقيق أي تقدم ملموس، مما يعكس الحاجة إلى دور دولي فعال لتجاوز التعثر الحالي في المفاوضات، وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، والتوصل لاتفاق عادل ومتوازن يقوم على احترام مبادئ القانون الدولي الحاكمة لإدارة واستخدام الأنهار الدولية، والتي تتيح للدول الاستفادة من مواردها المائية دون الإضرار بمصالح وحقوق الأطراف الأخرى.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن جمهورية مصر العربية تذكر في هذا السياق، بما جاء في كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من انفتاح مصر على كل جهد دولي للوساطة من أجل التوصل إلى الاتفاق المطلوب، وفى نفس السياق أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنه تابع عن كثب نتائج الاجتماع الثلاثي لوزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا من أجل مناقشة ملف سد النهضة الإثيوبي .
قال الدكتور عباس شراقي رئيس قسم الموارد الطبيعية بكلية الدراسات الأفريقية، مصر أمام عدة خيارات ومسارات في الوقت الحالي، وفى البداية يجب أن نوضح أن مصر أقررت بفشل المفاوضات لكن لم تغلق الباب ولم تنهي المفاوضات، فالمفاوضات تبقى أول اتجاه تستمر فيه.
الولايات المتحدة
أما الاتجاه الثاني هو “الوسيط” ولقد عبر السفير بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة عن ترحيب مصر بالدعم الأمريكي لمفاوضات سد النهضة، فأمريكا كانت أصدرت بيانا تحس الأطراف الثلاثة على التوافق لكنها حتى الأن لم تعرض الوساطة، إلا أن البيان الأمريكي والرد المصري يحمل تلميحا إلى إمكانية أن تكون أمريكا وسيطا في هذه القضية، حتى وأن رفضت إثيوبيا مبدأ الوساطة، فإذا وافقت أمريكا أن تكون وسيطا لن يرفض أي من الأطراف، فإثيوبيا لها مصالحها مع أمريكا وكذلك السودان، الولايات المتحدة في يدها مفتاح القضية وقادرة على حلها، ولكن الأزمة منذ 8 سنوات ولم تتدخل، إلا أنه مع وجود مستجدات في المنطقة يمكن أن تتدخل أمريكا في هذه القضايا مقابل تحقيق بعض المكاسب الخاصة بها.
مجلس الأمن
أما عن المسار التالي والأخير للتحرك في هذا الملف أوضح “شراقي”، الاتجاه لمجلس الأمن الدولي مباشرة، ونحن بدأنا في تدويل القضية فقط من خلال عرضها عبر جامعة الدول العربية والسفراء الأجانب في القاهرة ، مجلس الأمن الخطوة الأهم التي كان يجب اتخاذها من زمن ونسجل اعتراضنا لدى مجلس الأمن الدولي، لأن إثيوبيا تنتهك اتفاق إعلان المبادئ، وأيضا مشروع سد النهضة الدراسات الهندسية فيه ضعيفة ولو حدث انهيار سيدمر السودان والسد العالي، وهذا مبرر قوي لنلجأ لمجلس الأمن فالسد يشكل خطورة كبيرة جدًا على السودان ومصر وليس فقط في جانب المساس بحصتهما المائية، بل لأن بناءه قد يتبعه أمور ومشكلات أخرى، فينتج عنه غياب السلم، وهنا يظهر دور مجلس الأمن ووظيفته الأساسية، المتمثلة في حفظ الأمن والسلم على مستوى العالم”.
تسوية المنازعات
قالت الدكتورة أماني الطويل مديرة البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن دور الوساطة الأمريكي في ملف سد النهضة الذى طالبت به مصر في الأونه الأخيرة ، من المُبكر أن نعول عليه في الوقت الحالي، نظراً لأن الجانبي الأثيوبي والسوادني لم يُعلنا بقبوله حتى الآن ، وفيما يتعلق بموقفنا الحالي من المفاوضات الموقعة في 2015 ترى مديرة البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أنه من المُبكر أيضاً الحكم بالفشل في هذا المفاوضات نظراً لأن المادة العاشرة تنص على أن “تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا، وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول والحكومة”.
وأشار الدكتورة أماني الطويل إلى أن شرعية بناء سد النهضة يجب أن يُلزمها أحقية الشعب المصري في الاحتفاظ بحصته ونصيبه من المياه تحقيقاً لأنه المائي واستنادا على المعايير الفنية في بناء السدود، منوهة إلى أهمية قيام مصر بالمزيد من الضغوط على النطاق الإقليمي والدولي مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة.
وقالت “الطويل”: أتصور أن المنظمات الدولية ستنحاز إلى مصر نظراً للعد من الأمور الموضوعية والمتعلقة بارتباط نقصان المياه بزيادة معدلات الفقرة نتيجة التأثير السلبي على الزراعة، مما سيترتب عليه نزوح وهجرة غير شرعية من جانب أعداد كبيرة من السكان من مناطق مأهولة إلى مناطق أخرى ، وفيما يتعلق بإمكانية إيجاد مصر بدائل من حصص المياه من خلال مشروع نهر الكونغو وربط بنهر النيل، أكدت مديرة البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الفنيين في مجال الري قالو إنه ليست له أمكانية لتحقيقه على أرض الواقع.
رفض الوساطة .. سيكون تعنتاً جديداً
وأوضح المستشار الدكتور مساعد عبد العاطى عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولى أن الوساطة الأمريكية فى هذا الملف هو طرح مصرى لإدخال طرف رابع للوقوف على أخر التطورات ، وما قامت به الدول الثلاثة فى إطار التعهد بالتزامات مفاوضات مارس 2015 بالخرطوم ، وموقف كل من السودان وأثيوبيا من رفض إدخال البنك الدولى كطرف رابع فى المفاوضات ، مؤكد أن هذه المواقف تكشف عن استمرار التعسف والتعنت الأثيوبى منذ الإعلان عن إنشاء سد النهضة ، وأضاف الدكتور “مساعد” : إن هذه المواقف المتعنتة تعطى لمصر الحق القانونى طبقاً للبند العاشر ، والذى يسمح بطلب الوساطة أو رفع الأمر لرؤساء الدول ، منوهاً أنه فى حالة رفض الوساطة فإن ذلك سيُعد دليل أخر للتعسف والذى تستطيع مصر توظيفه من خلال القانون الدولى ، مشيراً إلى مسألة ملئ الخزان الأثيوبى من 14 مليار متر مكعب إلى 74 مليار متر مكعب فى غضون أربعة أشهر ، يؤكد أن النظام المصرى ورث ملفاً ثقيلاً ، منوهاً أن بدء الأزمة جاء ثورة 25 يناير 20111 والتى استغلال فيها النظام الأثيوبى الظروف السياسية التى تمر بها البلاد ، ويرى المستشار الدكتور مساعد عبد العاطى أن الدبلوماسية الشعبية أضر كثيراً بهذا الملف ، حيث خلطت هذه الدبلوماسية بين أخطاء النظام السياسى السابق والمتمثل فى “الحُكام والساسة” والثوابت المصرية والأعراف القانونية الدولية .
ويرى المستشار الدكتور مساعد عبد العاطى الذى له مؤلف مُتميز يحمل عنوان “مبادئ القانون الدولى الحاكمة لإنشاء السدود على الأنهار” أن كل ما سبق يؤكد ضرورة إيجاد مجلس أعلى يُدير هذا الملف المصيرى ، على أن يتكون هذا المجلس من الكفاءات العلمية والمتفرغة ، والتى تعمل على منع تضارب الإجراءات التى تتخذذها الوزارات والهيئات المعنية ، مشيراً إلى أن الموقف القانونى يستند للعديد من الحُجج القانونية نظراً لأن مصر دولة المصب الأخير فى النهر وتعتمد على 95 % من نهر النيل وذلك بخلاف دول حوض النيل الأخرى ، كما أن هناك مبدأ أصيل يُمكن أن تستخدمه مصر ألا وهو “مبداً الإستغلال المعقول” الذى له مُفرداته وعناصره ، وكذلك معاهدة 1902 التى تُعد معاهدة محدودية ولا يجوز لأثيوبيا التنصل منه والإقدام على بناء سدود دون مواقف الطرف الأخر فى النهر .
وفيما يتعلق بمشروع نهر الكونغو يرى المستشار “عبد العاطى” أن هذه الفكرة مرفوضة على الأقل فى هذه المرحلة التى مازالت فيها مفاوضات ثلاثية ، منوهاً أن هناك أحكام قانونية تحظر نفل المياه خارج الأحواض ، وأيضاً هناك صعوبات فنية وعملية فى نقل المياه إلى نهر النيل ، منها إستواء التربة فى جنوب السودان ووجود برك ومُستنقعات وإحتياج المشروع إلى تكاليف ضحمة ، كما أنه ليس من المصلحة العليا أن يتم الحديث عن فكرة مشروع نهر الكونغو لا من قريب أو بعيد فى الوقت الحالي والذى سيُعطى الفرصة للمفوض الأثيوبى المراوغ لأن يتملص من التزاماته المائية القانونية تجاة مصر دولة المصب .
إساءة أستخدام الملف
وقال الدكتور خيرى الفرجانى أستاذ الاقتصاد السياسى بأكاديمية السادات للعلوم الإداراية لقد استغلت إثيوبيا حالة الإضطراب التي مرت بها مصر فضلاً عن الاضطرابات التي المت بالمحيط الإقليمي وحروب دامية في بلاد الجوار، استغلت إثيوبيا هذه الضغوط التي كانت تتعرض لها الدولة المصرية، وما كانت تعانيه من تبعات الثورة وبدأت في بناء السد مستغلة حالة الضعف التي كانت تتعرض لها الدولة المصرية، خاصة بعد وصول اﻹخوان للحكم، حيث كان رد الفعل المصري مضطرب ومرتبك للغاية، فقد اجتمع الرئيس المعزول محمد مرسي مع بعض النخب السياسية الموالية للنظام وقتذاك، فضلاً عن رموز سلفية وأخوانية غير مرغوب فيها على المستوى الإقليمي أو الدولي أو حتى المحلي، مما أشاع حالة من عدم الرضا على المستوى الدولي، ورغم أن هذا الإجتماع كان سرياً لكن تم إذاعته على الهواء، وكانت الطامة الكبرى ما تم تداوله من آراء ومقترحات وتهديدات صريحة وغير مسؤولة، ولا تليق بمصر ومكانتها، والغريب في الأمر أنه لم يتم دعوة أى من الخبراء والفنيين والقانونيين أو السياسين لهذا الإجتماع، وبعد الاجتماع جاءت خطبة مطولة للرئيس المعزول وكانت تحوي تهديدات عنيفة لإثيوبيا مما زاد من حدة الإحتقان بين البلدين .
وأضاف الدكتور “الفرجانى” قائلاً : لقد تمكنت القيادة السياسية بعد ثورة 30 يوليو 2013، بدأت المفاوضات لحل خذه الازمة، لكن عادت الأزمة تفرض نفسها بقوة في ظل التراجع الإثيوبي عن الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها، أثناء زيارة السيد أبي احمد رئيس وزرا إثيوبيا للقاهرة منتصف العام الماضي، وتضمنت تعهدا إثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر من المياه، لكن تراجع الجانب الإثيوبي عن هذه التعهدات ورفض مقترحات مصرية تدعوا إلى ملئ بحيرة سد النهضة في غضون سبع سنوات وليس ثلاث مثلما يطالب الجانب اﻹثيوبي.
واستطرد أستاذ الاقتصاد السياسى بأكاديمية السادات للعلوم الإداراية قائلاً : والواقع أن التنظيم الدولي للإخوان يستخدم ملف سد النهضة لتركيع مصر، مستغلاً علاقاته مع بعض الأنظمة الحاكمة المعادية للدولة المصرية، مثل قطر وتركيا. خاصة بعد أن فقدت جماعة اﻹخوان حاضنتها الشعبية بعد ارتكابها كل هذه الأعمال الإرهابية، وفقدت قدرتها على الحشد الشعبي .. ومن ثم، يلعب التنظيم الدولي على وتر توتر العلاقات بين مصر وإثيوبيا على خلفية بناء سد النهضة.
وقال الدكتور “الفرجانى” : فى الواقع أن الهدف الحقيقي من السد ليس اقتصاديا، أو للتنمية كما تدعي إثيوبيا، وذلك لتدني كفائته الكهربائية والاقتصادية، ولكن الهدف الحقيقي هو التحكم في مياه النيل الأزرق، وتغيير موازين القوى في المنطقة لتصب في كفة إثيوبيا كقوة صاعدة بدلاً من مصر، وكل هذا لصالح قوى اقليمية في في المنطقة غير راغبة في استقرار وتقدم الدولة المصرية، مثل قطر وتركيا وإيران وإسرائيل. وكنتيجة طبيعية لدعم الجانب اﻹثيوبي من كل هذه القوى اﻹقليمة فإن إثيوبيا تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط، وتريد أن تتفاوض بعيدا عن القانون الدولي أو الوساطة الدولية ، ومن هنا جاءت كلمة الرئيس السيسي في الأمم المتحدة واضحة وحاسمة، قال ان مياه النيل بالنسبة لمصر يمثل حياة وقضية وجود، ويضع مسؤولية كبرى على المجتمع الدولي للقيام بدور بناء، كما صرح لأحد الشخصيات الهامة في الولايات المتحدة الأمريكية على هامش اجتماعات الجمعية العامة ﻷمم المتحدة بقوله أن مصر لن ترضخ للأمر الواقع، ولن يتم تشغيل سد النهضة بفرض الأمر الواقع، وهو يعتبر بمثابة تحذير ضمني، وفي تصريح آخر أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملزمة بحماية حقوق مصر في مياه النيل. ومن هنا كانت المبادرة الأمريكية للوساطة في حل هذه الأزمة وتداعياتها .. وأختتم أستاذ الاقتصاد السياسى قائلاً : تمكنت القيادة السياسية بعد 30 يوليو 2013 أن تبدأ في المفاوضات الجادة لحل هذه الأزمة.