6- هل الجريمة تحل مشكلة؟!
يلجأ البعض إلي الجريمة لحل إشكالهم, أو للوصول إلي أغراضهم. وقد فعل ذلك قايين أول قاتل علي الأرض, فماذا كانت النتيجة؟ لقد عاش حياته كلها في فزع ورعب, تائها في الأرض, يخاف أن كل من وجده يقتله (تك4:14).
ولجأ أبشالوم إلي الجريمة أيضا, فحرق حقل يوآب لكي يمكنه من مقابلة الملك (2صم14:30).
7- سلاح الخيانة:
يلجأ البعض إلي سلاح الخيانة, لكي يصلوا إلي أغراضهم, كما خان أبشالوم أباه داود لكي يصل إلي الحكم, ولم توصله الخيانة إلي شيء فمات قتيلا (2صم18:15).
ويهوذا لجأ إلي الخيانة أيضا, ولكنه لم يستفد, بل مضي وخنق نفسه (متي27:5).
ومع أن الخيانة أوصلت البعض إلي التشفي, أو إلي غرض -رخيص- إلا أنهم فشلوا جميعا واحتقروا ذواتهم..
ومع أنه قد يستطيع إنسان أن يحتمل احتقار الآخرين له, إلا أنه نادرا ما يقدر علي احتمال احتقاره لنفسه!! والخائن حينما تتكشف له حقيقة نفسه ويحتقرها, لا يحتمل.
ولكن سلاح الخيانة علي الرغم من هذا, لايزال موجودا, وما أسهل علي خائن لكي يصل إلي غرضه أن يغدر بأحبائه, أو أولياء نعمته.. أو يخون صديقا إن رآه منافسا له.. ومع ذلك لا يصل إلي شيء؟
8- حل المشكلات بالأعصاب!
إنسان يقع في إشكال, فكيف يحله؟ يحاول أن يواجه الأمر بالزعيق والصياح, وبالغضب والنرفزة, ولا يمكن لشيء من هذا أن يحل إشكالا.
إن الأعصاب الهائجة وسيلة منفرة.
تدل علي قلة الحيلة, وعلي فشل الإقناع والحوار علي محاولة تغطية هذا الفشل بالعنف الظاهري, الذي هو شاهد علي العجز الداخلي, أو هي وسيلة لمحاولة تخويف الطرف الآخر أو التخلص منه بهذا الأسلوب, ولكنها ليست طريقة روحية, ولا هي طريقة اجتماعية محترمة, ويبقي معها الإشكال كما هو..
وقد تجلب علي صاحبها أمراضا..
مثل ضغط الدم, وتوتر الأعصاب وقرحة المعدة, والسكر.. بالإضافة إلي أمراض أخري نفسية, وتعقيدات كثيرة في العلاقات الاجتماعية, وقد بحاول الشخص إصلاح نتائج غضبه وأثر ذلك علي الآخرين, فلا يجد حلا.
9- اللجوء إلي العقاقير وأشباهها:
يقع إنسان في إشكال, ولا يجد حلا فيلجأ إلي العقاقير, إلي أصناف من المهدئات والمسكنات والمنومات: إلي الليبريوم, والفاليوم, والأتيفان والفالينيل, وأشباه هذه الأدوية وأمثالها..
وينضم إلي هؤلاء من يظن أنه يحل مشكلته بالخمر والمسكر, أو بالتدخين أو المخدرات..
إنه بهذه الأدوية وبالتدخين وبالمخدرات لا يحل مشكلته, وإنما يحاول أن يتوه عن نفسه! وهو لا يحل مشكلته, إنما يهرب منها, وتظل باقية..
هذه العقاقير هي اعتراف بالفشل في مواجهة المشكلة, والفشل في احتمالها والفشل في حلها, وإذ لا تأتي بنتيجة.. وكلما يقل مفعولها, يجد متعاطيها المشكلة كما هي, يحاول أن يزيد كميتها, وأيضا بلا نتيجة.. وينتهي به الأمر إلي اليأس والتعب النفسي. إلي أن يحاول الوصول إلي حل عملي نافع..
والبعض قد يحل مشكلاته بطريق آخر وهو:
10- المقاطعة والخصام:
يفشل في بعض علاقاته الاجتماعية فيلجأ إلي المقاطعة والخصام, أو إلي العداوة والانقسام, وهكذا حدث مع يربعام لما فشل في التفاهم مع رحبعام.. انقسم عشرة أسباط, وكونوا لهم مملكة مستقلة (1مل12), واستمر هذا الانقسام قرونا طويلة ولم يكن حلا للمشكلة, بل صار مشكلة أعمق, نفس الوضع مع اليهود والسامريين, وحدث مثله أيضا بين اليهود والأمم.. وجاء المسيح ليعالج هذه المشكلة التي لم تحل, ويصالح هؤلاء مع أولئك. وأنت هل تلجأ إلي نفس الأسلوب!
11- مواجهة المشكلة بالكذب:
ما أكثر الذين كلما واجهتهم مشكلة يحاولون حلها بكذبة أو أكاذيب.
ويظنون أن الكذب يغطي المشكلة! فإذا ما انكشف الأمر, يغطون الكذب بكذب آخر, وهكذا دواليك.. والكذب يوجد جوا من عدم الثقة, فتزداد المشكلة تعقيدا..
هناك طريق آخر منحرف, في مواجهة المشكلات, وهو:
12- أسلوب العناد وصلابة الرأي:
إذ يواجه الإنسان مشكلة, فيصر علي رأيه ووجهة نظره, مهما كانت النتائج وخيمة وسيئة! وقد يتحول الأمر إلي عناد ويزداد تعقيدا.
وكل ذلك ناتج عن كبرياء داخلية واعتداد بالذات, ولا يمكن أن يأتي العناد بنتيجة, لأنه محاولة لإرغام الطرف الآخر, فإذا لم يقبل, لابد من التصادم..
والعلاج هو محاولة التفاهم, والتنازل عما يثبت خطؤه.
وهناك طريقة عكس العناد تماما وهي:
13- الخوف والاستسلام:
يلجأ إليها البعض حينما يضعفون ويشعرون بصغر نفس في داخلهم, فيستسلمون وليحدث لهم ما يحدث. وليس هذا حلا للمشكلة, وإنما خضوع للمشكلة..
فإن كانت كل هذه طرقا خاطئة في مواجهة المشاكل, فما هي الطرق السليمة إذن!
الطرق السليمة لمواجهة المشاكل:
أ- أولا حل المشكلة بحكمة وعقل.
لا بالأعصاب, ولا بالعناد , ولا بنفسية مريضة, وإنما بحكمة, كما قال الكتاب: في وداعة الحكمة (يع3:13). وقد قيل في سفر الجامعة: الحكيم عيناه في رأسهأما الجاهل فيسلك في الظلام (جا2:14).
وربما يعترض البعض علي ذلك بأنه ليس الجميع حكماء, وليست للكل هذه الموهبة.. والإجابة علي ذلك هي:
ب- اللجوء إلي المشورة وأخذ رأي العارفين وأصحاب الخبرة:
حيث لا يكتفي الإنسان برأيه ومعرفته وخبرته, إنما يضيف إليها رأي الكبار.
وهناك طريقة ناجحة لحل المشكلات وهي:
جـ- الصلاة والصوم, لأن ما يعجز الإنسان عن حله, ما أسهل أن يحله الله, والصلاة والصوم وسيلتان لإدخال الله في المشاكل.
والكتاب حافل بقصص عن حل الله للمشاكل ونجاح وسيلة الصوم والصلاة.. لجأت إلي هذا إستير الملكة ومعها كل الشعب, وكذلك أهل نينوي.. وداود النبي في مزاميره وأصوامه, ولجأ إلي هذا حينما قال: فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت, رنمت أياما وصمت وصليت.. (نح1:4).
والواقع يجب أن نضع الصلاة في مقدمة وسائلنا قبل الحكمة والمشورة أو ممتزجة معهما.
لأن الكتاب يعلمنا أولا أن نصلي كما يعلمنا أن نكون حكماء وأن نستشير, ويبقي بعد هذا أمر مهم وهو..
د- الصبر, وإعطاء المشكلة وقتا تنحل فيه..
الصبر إلي أن يدبر الله حل المشكلة في الوقت الذي يراه مناسبا لأن الذي لا يحتمل الصبر, يقع في القلق المستمر وفي التعب النفسي وفي كل ذلك تحتاج المشكلة في حلها إلي عنصر آخر هو:
هـ- الهدوء, لأن الإنسان لا يمكنه حل مشكلاته وهو مضطرب.
فالأعصاب الهادئة تعطي مجالا للتفكيرالسليم, بينما الاضطراب يتعب النفس, ويشل التفكير, فلا يدري الإنسان ماذا يفعل..
و- يبقي أن تحل المشكلة بالعمل الإيجابي الفعال وليس بمجرد الأمنيات.