للأسف يستخدم الإنسان ما تعمله نعمة الله لتفتخر بها ذاته وليس لكي يمجد عمل النعمة فيه مع الاعتراف بضعفه.
أما الآباء الأنبياء والرسل والقديسون فقد استخدموا كلمة أنافي مجال الاتضاع وانسحاق النفس…
إبراهيم أبو الآباء,الذي باركه الله وجعله بركة وقال له:وفيك تتبارك جميع قبائل الأرضتك12:3,2نراه في مجال كلمةأنايقولأنا تراب ورمادتك18:27
وداود النبي الذي كانت له دالة كبيرة عند الله وقد صنع الله به نصرا عظيما علي جليات1صم17نراه بعد ذلك لما عرضوا عليه مصاهرة الملك شاول يقول لهمهل هو مستخف في أعينكم مصاهرة الملك وأنا رجل مسكين وحقير1صم18:23وما أكثر اعترافه في مزاميره بضعفه كأن يقولارحمني ياربي فإني ضعيفمز6:2
ويوحنا المعمدان مع أنه كان أعظم من ولدته النساءمت11:11يقول للرب أنا المحتاج أن أعتمد منكمت3:14ويقول للناسيأتي بعدي من هو أقوي مني الذي لست أنا مستحقا أن أحل سيور حذائهمت3:11لو3:16.
وبولس الرسول العظيم الذي اختطف إلي السماء الثالثة 2كو12:2قال عن ظهور السيد المسيح للرسل بعد القيامة وآخر الكلكأنه للسقط ظهر لي أنا لأني أصغر الرسل أنا الذي لست أهلا أن أدعي رسولا لأني اضطهدت كنيسة الله1كو15:9,8.
هذا هو الاستخدام السليم لكلمةأنابروح الانسحاق.
وبنفس الروح يرسل القديس العظيم بولس الرسول إلي تلميذه تيموثاوس فيقولأنا الذي كنت قبلا مجدفا ومضطهدا ومفتريا ولكني رحمت لأني فعلت بجهل في عدم إيمان1تي1:13يقول ذلك عن نفسه في رسالة إلي تلميذه بينما العادة إن يفتخر المعلمون أمام تلاميذهم!ولكنه يستخدم كلمةأنابالطريقة السليمة.
ونلاحظ أنه عندما تحدث عن اختطافه إلي السماء الثالثة لم يقل أنا إنما قالأعرف إنسانا في المسيح يسوع2كو12:2فلم يستخدم كلمةأنافي مجال التمجيد بينما استخدمها في الاعتراف بأخطائه.
في تمجيد الذات اهتم الآباء بتمجيدها في السماء لا علي الأرض.
في مجدالأناعلي الأرض في هذه الحياة الحاضرة القصيرة كان يخيفهم قول الرب عن هؤلاء الذين ينالون مديحا هنا من الناس:الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهممت6:2وكرر نفس العبارة فيمت6:16,5وبنفس المعني قال أبونا إبراهيم لغني لعازر:يا ابني اذكر إنك استوفيت خيراتك في حياتكلو16:25.
أما الذين أجرهم عظيم في السماءفهم أولئك الذين أخفوا كلمةأناوعملوا الفضيلة في الخفاء أمام أبيهم السماوي الذي يري في الخفاء وسيجازيهم علانيةمت6وأيضا أولئك الذين استخدموا عبارةلا أناوما يشابهها.
لا أنا:
مثال ذلك القديس بولس الرسول الذي قال عن خدمته الناجحة:ولكن بنعمة الله أنا ما أنا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة بل أنا تعبت أكثر من جميعهم ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي 1كو15:10وهنا نركز علي عبارة:لا أنا بل نعمة الله التي معي.
ويكرر بولس الرسول نفس المعني فيقولمع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيغل2:20لا أنا الذي يعمل بل المسيح الذي في يعمل كل شيء أما فقد صلبت معه لقد صلبت كلمةأنافما عادت تظهر.
وهكذا كل الخدام لاتريد أنالأناتنال مجدا بل يقولون
ليس لنا يارب ليس لنا لكن لاسمك القدوس أعط مجدامز115:1.
نعم في مجال التمجيد يقول كل منا:لا أنا ليس لنا.
وهذا هو التدبير الذي سار عليه القديس يوحنا المعمدان فكان يرفض كل تمجيد موجه إليه إليالأناويحوله إلي السيد المسيح قائلا عبارته الخالدة:
ينبغي أن ذاك يزيد,وأني أنا أنقصيو3:30.
ما أكثر ترديد المعمدان لعبارة لا أنا أو لست أنا..
أما أنا فمجرد صديق للعريس يقف ويسمعه فيفرح فرحا من أجل صوت العريس.. إذن فرحي هذا قد كمليو3:29وعبارةلا أنانقولها ليس فقط من جهة علاقتنا بالله بل أيضا من جهة علاقتنا ببعضنا البعض…
فمن جهة الكرامة يقول كل منا:لا أنا عملا بوصية الرسول:
مقدمين بعضكم بعضا في الكرامةرو12:10.
ومن جهة الرئاسة يقول أيضا كل منا لا أنا عملا بوصية الرب الذي قال:من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدامت20:27,26.
وفي عبارةلا أنانتبع وصية الرب في المتكأ الأخير
نترك المتكآت الأولي للكتبة والفريسيين الذين يشتهونها مت23:6 وإن عرضت علينا يقول كل منا:لا أنا بل أخي أفضل مني وأولي.. وهكذا نحيا حياة الاتضاع…