إن ما يحدث علي الساحة العربية, وما يحاك في الغرف المغلقة ويخطط لنا بأذرع الدول والحكومات الغربية, يبين إصرارا واضحا علي نظرية التفتيت في الشرق الأوسط وتبين لنا الأحداث المتلاحقة والنتائج التي نتعايش مع أخبارها يوميا, وتظهر لنا المنظمات العالمية سواء حقوق الإنسان أو منظمات الإغاثة حجم الكوارث الإنسانية للشعوب في تلك الدول التي سقطت وأكثرها هي الدول العربية فقط وكأن العالم كله ليس له هدف أو مستقبل غير تكسير وتفتيت دول الشرق الأوسط, وقد كان الشرق الأوسط محور قوي عسكرية بشريا كبيرا وثقلا تسلحيا متقدما وعتاد استمر من الحرب القديمة وحتي تاريخنا المعاصر ومسرحا يحمل في طياته استعمارا وتبعيات لدول ومعسكرات عظمي كان شغلها الشاغل أن الشرق الأوسط يظل ساحة تصارع وأكثر نشاطا في استيراد السلاح, وقد بدا الغرب ليفكر ويدعم صدام حسين 1979 في أن يسبب توريط إيران في حرب إضعاف الجمهورية الإسلامية الجديدة, وبالتالي القضاء علي التشجيع الذي كانت الثورة الإسلامية تعطيه للشيعة في العراق بشكل لا يمكن إنكاره وكذلك لمخاوفهم المشتركة حول تصدير الثورة, ضمن العراق دعم معظم الأنظمة العربية وحلفائهم الغربيين في حال نشوب أي صراع مستقبلي, كانت خوزستان نقطة ضعف الاقتصاد الإيراني لاحتوائها علي معظم احتياطات البلاد من النفط ومنشآت الصناعة النفطية, في حال تمكنت العراق من الاستيلاء علي خوزستان, فإنها تسيطر علي احتياطي نفط أكبر من احتياطي المملكة العربية السعودية.
وقد يظهر هنا أن السبب المباشر للحرب ظاهري وهو السيادة علي شط العرب (بالعربية) أو آروندرود (بالفارسية) والذي يبلغ طول هذا المجري المائي 200كم, ويشكل آخر 80كم منه الحدود بين إيران والعراق, يعتبر هذا النهر استراتيجيا بالنسبة لكلا البلدين لأن البصرة, الميناء العراقي الوحيد الواصل إلي الخليج الفارسي, تقع هي أعلي المجري المائي, ولكلا البلدين منشآت نفطية بالقرب منه. وكانت جرت اشتباكات عند الحدود بين البلدين, وتم التوصل إلي اتفاقية عام 1975 في الجزائر وفي أواخر شهر أغسطس 1980, أصدر صدام حسين إنذارا أخيرا يطالب فيه إيران بمنح العراق السيادة علي شط العرب, وعندما انتهت صلاحية الإنذار من دون تحرك الحكومة الإيرانية, قامت الجيوش العراقية, فقد قدر عدد القتلي بحوالي المليون والجرحي مليونين. وشارك في الحرب حوالي 40% من الذكور الراشدين في كلا البلدين, وتم تهجير أكثر من مليون شخص تقريبا, وتدمير 157 بلدة إيرانية علي الأقل أو تضررت إلي حد كبير, بينما اختفت حوالي 1500 بلدة عن الخارطة, وقدرت تكاليف الحرب الإجمالية بحوالي 1.2مليار دولار.
ثم بدأت الموجة الثانية وأيضا بتوجيه وتشجيع من الغرب وبمباركة ودعم خفي في إقناع الرئيس العراقي صدام بضم دولة الكويت وجعلها أحدي محافظات العراق وهي تكون القدرات البترولية أقوي للعراق إلا أن تلك المخططات والتي ابتلع الطعم فيها العرب (أقصد صدام حسين) وعلي الناحية الأخري لم ير العرب أنفسهم أي سبيل للخلاص من الاحتلال العراقي لدولة ذات سيادة غير الاستعانة بمن خططوا لهذا الغزو وهم الغرب حتي تعيد سيادة دولة الكويت الشقيق وينكسر الجيش العراقي ويتفتت بلا عودة حتي وقتنا الحالي والذي كان إحدي الأذرع الثلاث الداعمة والحافظة أمنيا علي الشرق الأوسط وكذلك الأمة العربية, ولم يتبق غير الجيشين المصري والسوري.
ثم تأتي الموجة الثالثة والمخطط الأكبر والذي يهدف ويحدد المدخل الزمني لتفتيت كامل الدول الشرق أوسطية اعتمادا علي مخططات الجيل الثالث باستخدام السماء المفتوحة التي لا يمنعها سور أو حائل أو جيش وسميت المخطط الربيع العربي للشرق الأوسط واستخدمت عاملا أساسيا من تكنولوجيا جمع المعلومات وهي شبكات التواصل الاجتماعي وأقف هنا بعض الوقت للشرح مستندا إلي بعض الوثائق التي نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية يوم الأربعاء 31 تموز/ يوليو 2013 والتي تفيد أن الاستخبارات الأمريكية تستخدم منذ 2008 برنامجا سريا لمراقبة الإنترنت يدعي XKEYSCORE يتيح لها أن تعرف تقريبا كل ما يقوم به مستخدم ما علي الإنترنت ويسمح لوكالة الأمن القومي بالمراقبة, وبشكل آني, رسائل البريد الإلكتروني, والدردشة, وتصفح الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي لأي شخص في العالم, فإن تحليل هذا البرنامج بين أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تستخدم أدوات مجانية مفتوحة المصدر للتجسس يسمح الوصول إلي تاريخ التصفح والبحث, والبريد الإلكتروني والدردشة الفورية لأي فرد في العالم طالما أن الوكالة لديها عنوان IP Internet Protocol Adress.
فهنالك ما لا يقل عن 500 خادم موزعين في جميع أنحاء العالم, منها في إسرائيل وفي إنجلترا وقطر وتركيا ومعظم الدول العربية يستطيع كل منهم تشغيل برنامج XKEYSCORE. وهذا يعني أنه بإمكان وكالة الأمن القومي الأمريكي الأم الغوص في العديد من قواعد البيانات ومشاهدة محتوي الرسائل المتبادلة علي مواقع التواصل الاجتماعي كـفيس بوك وغيره من مواقع التشبيك الاجتماعي, كما يمكن للوكالة جمع البيانات من خلال إنشاء مجموعات وفقا للغة المستخدمة والمناطق الجغرافية التي تعتبرها مناطق غير آمنة والتي يتم نشر الرسائل منها وذلك لتمييز لغة التواصل العادية من تلك التي يمكن أن تعتبر لغة غير طبيعية التي تتناول موضوعات خطيرة, أي بمعني آخر فهرسة, وبشكل نمطي, المواضيع الحساسة وفقا لمعايير الدفاع المحددة من قبل وكالة الأمن القومي, وتشارك الوكالة بتبادل المعلومات مع أجهزة استخباراتية أخري في الشرق الأوسط وأوروبا مثل إسرائيل وإنجلترا وتركيا وقطر تستطيع تلك الأجهزة التنفيذ المباشر من خلال وسطاء يتعاملون باسم حركي ويوضع له مكان جغرافي خاطئ ويتعامل بعدد من الصفحات الوهمية ومدعم بنوعيات حديثة من الكمبيوتر للفوتوشوب وسرعة تقييم وقطع المقاطع المستهدفة للنشر, ولقد استخدمت تلك النوعية في نشر الفوضي بدأت في تونس ثم مصر ثم ليبيا ثم سورية واليمن بهدف إسقاط تلك الدول وكسر الأهم فيهما وهي مصر وسوريا نظر لأن هاتين الدولتين لديهما جيشان يمثلان محور أرق وخوف لجيش الاحتلال الإسرائيلي فوقعت ليبيا ووقعت سوريا في أتون المخطط الإرهابي لدواعش سوريا والإخوان المتأسلمين في ليبيا والحوثيين في اليمن ونجحت مصر بالخروج من المخطط للهلال السني والمتأسلمين بقوة تخطيط أخري غيرت الصورة كاملة للشرق الأوسط ومنعت كثيرا من المخاطر والأذرع لكل من إسرائيل وتركيا وقطر في الوصول إلي تلك الدول حتي الآن وحطمت حلم الطمع الفلسطيني لحماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي في سيناء وكذلك تحولت الدفة الاقتصاد المصري إلي أول اقتصادي تنمي أفريقي وثالث دولة جاذبة للاستثمار عالميا وتغيرت لغة الضعف في 2011 إلي لغة القوة والسطوة في 2019 وانتشرت السياسة المصرية القوية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا لا تأبه لأحد أو تتبع دولة أو تهتم بالغير غير مصالح دولة جمهورية مصر العربية, وقد ظهرت الأرقام الائتمانية العالمية توضح أن الاقتصاد المصري سوف يذهب إلي أعلي معدلات النمو من 6% حاليا إلي 8% بقدوم عام 2023 والذي يعني حصادا تقدميا اقتصاديا لمصر قد يطيح بدول كثيرة من حولها, ويستمر المخطط وهو الموجة الرابعة وهي ما يسمع بحروب الجيل الرابع والمستهدف منها إسقاط الدول التي لم تسقط بعد وكذلك التركيز الأكبر علي الدول التي فشل النظام العالمي في إسقاطها وهي مصر ولكن هذه المرة ينضم إلي محور دول الشر دولة إيران التي دخلت إلي التحالف الشيطاني منذ 2015 والدور هو الاعتماد علي الهلال الشيعي في تدمير الاقتصادات العربية المتبقية (السعودية- الإمارات- البحرين- الكويت) وجاءت قطر لترد الجميل لإيران بعد أن دعمتها بالمجال الجوي والمواد الغذائية ومياه الشرب وكذلك ضح الغاز الطبيعي الإيراني لبيعه إلي قطر من خلال خط الربط طهران ـ الدوحة حتي تفيد إيران اقتصاديا إذا طبقت عليها العقوبات الاقتصادية الصورية وفي نفس الوقت ترفع إنتاج قطر من الغاز بعد هجوم المياه في بعض الخزانات وعدم القدرة علي معالجتها كي تخفي ذلك عن الرأي العام القطري, ووجهت وذلك من خلال اربعة اتجاهات الأول دخول الشيعة وانتشارهم في كل الدول العربية وخاصة الدول التي سقطت وإقامة اليمن الشيعي المتاخم للسعودية.
والاتجاه الثاني هو إحداث قرصنة في الممر الملاحي البترولي لمضيق هرمز لإعاقة حركة النقل وتأخيرها مما يحدث نوعا من إعاقة في إيرادات النفط أما الاتجاه الثالث هو تفجير الناقلات البترولية لكل من السعودية والإمارات وإحداث خلل زمني في صفقات تسليم النفط لدول العالم. والاتجاه الرابع هو الوصول بالطائرات المسيرة إلي عمق المنشآت النفطية العربية وتفجيرها من أماكن متفرقة من اليمن والعراق وسوريا, وأخذت دول الشر في الحسابات إيجاد وسيلة تؤثر علي استقرار مصر كي تنشغل بعيدا عن حماية الدول العربية والذي تنوه عنه القيادة السياسية المصرية أن أمن الخليج العربي خط أحمر (أي يعني أن الجيش المصري يواجه أي معتد علي الأراضي العربية) وهذا يؤرق كثيرا قطر وتركيا وإيران وخاصة إيران التي لا تخشي غير الذراع القوية للقوات المسلحة المصرية, ولذا نجد أن المخطط لعودة شراء العقول الصغيرة والمغيبين من الإخوان والشبكات المتأسلمة هي السبيل كي تشتريها تلك الدول وخاصة ضخ كمية كبيرة من الأموال من خلال رجال أعمال ومقاولين لشراء أصوات تخريبية واستخدام قنوات التخريب في تركيا وكذلك الجزيرة القطرية إحدي ركائز آليات التنفيذ التخريبي من خلال كمبيوترات الإعلام المفبرك وأجهزة التصوير المختفية والتي تدعم بها أماكن مختلفة, ومن هنا أوجه كلمة مهمة وخطيرة لكل المصريين أن المخطط يريد استخدام العقول الصغيرة والخلايا النائمة والمدعمة ماليا من إخوان الشر وبدعم إعلامي واستخباراتي لإحداث عدم استقرار داخل المجتمع المصري كي ينشغل بنفسه ويترك العالم العربي فريسة سهلة للإيرانيين بمباركة قطرية وإسرائيلية وتركية وأمريكية وإنجليزية..
نداء إلي دول العالم العربي لابد أن تكون لنا قوة عسكرية عربية من خلال جامعة الدول العربية كي نحمي بلادنا وأعراضنا وكفانا ما لاقينا من تبعيات واهية ولابد أن نطهر أنفسنا من دنس الإرهاب القطري والتركي والإيراني.