يتميز الشعب المصري بكثرة مجاملاته للآخرين, ولبعضه البعض, فجميعنا نجامل بعضنا البعض إما بتضخيم الصفات الحسنة الموجودة بالشخص الذي نجامله وإنما بذكر صفات هي ليست موجودة أصلا وانما نذكرها ونلصقها بالآخرين لفتح علاقة بيننا وبينهم أولوصل الود معهم أو لإنهاء مصلحة لنا هي بيديهم أو لغرض آخر ربما الغرض خبيث سييء النية وربما يكون طيبا وحسن النية.
المهم أن تلك المجاملة في أحيان كثيرة يصدقها الشخص الذي نجامله ويبدأ في التصرف والتعامل مع الآخرين وكأنها حقيقة وواقع لابد لنا من التعامل معه وهذا ما قد يوقعنا في كثير من الأمور التي لا تحمد عقباها.. وهناك كثير من الأمثلة التي تدل علي ذلك والتي لا تأتي في نهايتها إلا بالمصائب وبأشر الأمور, فهناك عامل الصيدلية والذي يقوم بصرف الأدوية فقط لاغير, وفي كثير من الأحيان يكون حاملا لشهادة الدبلوم ليس أكثر ونقوم نحن بمناداته والتعامل معه علي أنه طبيب ونستشيره في علاج الأطباء المكتوب في روشتة العلاج, ومرة تلو المرة يصدق الرجل أنه طبيب ويبدأ في تعديل الدواء بل إنه في بعض الأحيان يبدي امتعاضه من الطبيب الأصلي كاتب الدواء ويبدي رأيه بأن يقول كيف للطبيب بكتابة هذا الدواء كان من المفترض عليه أن يكتب كذا وكذا وهنا تكمن الكارثة فيصدقه المريض ويأخذ برأيه.
وهناك تومرجي المستشفيات والوحدات الصحية وهو أيضا كذلك لمجرد أنه شاهد الطبيب في عدد من المرات داخل غرفة العمليات, وبمجرد أن ناداه الأهل والأصدقاء بلقب الدكتور وذلك لمصلحة ما فيزداد الأمر بداخله ويبدأ في شرح المرض وتشخيصه والتعديل علي الأطباء وإبداء رأيه للمرضي ويصدقه العامة وتزداد حالتهم سوءا.
وهناك حاجب المحكمة الذي ينادي علي الخصوم وعلي المتهمين داخل قاعة المحكمة, الناس لغرض ما ينادونه يا متر بل إن البعض يغالي في المجاملة ويناديه يا سيادة المستشار.. والرجل يصدق أنه كذلك ويبدأ في الإفتاء وكأنه بالفعل محام, وكذلك كاتب المحكمة والمحضر الذي يأتي بالإنذار إليك يفتي حتي وإن لم تسأله فقد تعود علي أنه المحامي والمستشار.
وهناك مقاول المعمار الذي صدق بأنه الباشمهندس المعماري وتراه يمسك بخرائط ورسومات الأبنية ليعدل عليها رغم أنه لا يستطيع أن يرسمها ولن يستطيع قراءتها إلا أنه صدق بأنه الباشمهندس وهذا كله نتاج مجاملتنا المبالغ فيها والتي تصل إلي حد النفاق والتي تؤدي في النهاية إلي كارثة نحن أول من تقع عليه وهذا لا يكون مع أصحاب المهن فقط بل أنه أيضا بعد تعديل بسمع الأناس العاديين, فعندما تبالغ في مجاملة شخص عادي علي أنه ذو قيمة أكبر من حقه فتجده بعد فترة يتصرف معك علي هذا الأساس, وكأن مجاملتك له كانت ذكرا لحقيقة أو واقع.. فحذاري حذاري من المبالغة.
[email protected]