أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والقضايا الاقتصادية
وطني ما أشبه اليوم بالبارحة
نشر بتاريخ
1994/2/13
لقد أخذت أسعار الطاقة في الارتفاع في السنوات الأخيرة ارتفاعا متواصلا حتي ضج المواطنون من قيمة فواتير استهلاك الكهرباء التي أصبحت عبئا ثقيلا علي عاتق المستهلكين, كما أن فواتير استهلاك المصانع من الطاقة غدت تكاليفها محبطة للتصنيع لما تتحمله المنتجات من تكاليف الطاقة الباهظة وتجعل أسعارها تحت وطأة منافسة البضائع المستوردة, بل أن الكثير من المصانع غدت مدينة بمبالغ ضخمة لهيئة الكهرباء لعدم تمكنها من سداد قيمة فواتيرها المتضخمة, أما شكاوي الشباب الذين أقبلوا علي امتلاك الأراضي لاستصلاحها فإنهم يئنون من الأثقال التي يتحملونها بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء التي يستخدمونها في زراعة هذه الأراضي المستصلحة, فإنها صارخة ومؤلمة, حتي أدت ببعض الشبان إلي النكوص علي أعقابهم وترك هذا الطريق الصعب وهو استصلاح الأراضي.
أما أسعار البنزين ومنتجات البترول الأخري التي أخذت في الارتفاع بوثبات سريعة حتي غدا ثمن اللتر الواحد من البنزين جنيها كاملا, بل وهناك سيف علي رؤوس مستهلكي البنزين برفع أسعاره مرة أخري, علما بأن رفع أسعار البنزين يمس غالبية الشعب, فمن مستهلكي البنزين من أصحاب السيارات التي أصبحت ضرورية لغالبية الجمهور, إلي الذين يمسهم بطريق غير مباشر في رفع أسعار السلع المختلفة التي تحتاج إلي نقلها بالسيارات, وهي السلع اللازمة لجميع مناحي الحياة مما أدي إلي رفع أسعارها نتيجة لرفع تكاليف نقلها.
لقد دافعت وزارة الكهرباء عن زيادتها لأسعار الكهرباء, كما دافعت وزارة البترول عن رفع أسعار البنزين والسولار والزيوت وغيرها من منتجات البترول بأن أسعاره العالمية مرتفعة وعلي ذلك يجب زيادة أسعار منتجاته المختلفة, وكذلك زيادة التكاليف الأخري, وبدون الدخول في مناقشة أسباب زيادة هذه التكاليف التي تتحمل بعبء الإهمال والتسيب والانحرافات, فإنه بعدما حدث في سوق البترول العالمية من انهيار شديد, فبعد أن كانت أسعاره تتراوح ما بين 18 و20 دولارا للبرميل غدت 10 دولارات, ويتوقع المختصون أن تهبط الأسعار إلي ثمانية دولارات للبرميل, بالطبع هذا الهبوط في الأسعار أزعج البلاد المنتجة للبترول وسبب عجزا كبيرا في ميزانياتها, حتي استدان بعضها مبالغ هائلة لتغطية هذا العجز, وذلك بعد سعة في الدخل ورفاهية في المعيشة, لكن هذا الهبوط الكبير سيسبب راحة للدول الصناعية والدول النامية التي أرهقها تحميلها بمبالغ كبيرة في العشرين سنة الأخيرة اضطرت لاستدانتها حتي غدت مدينة بديون فاحشة نظير اضطراها لسداد فاتورة البترول الباهظة.
أما وقد هبطت أسعار البترول إلي النصف وبذلك انخفضت تكاليف الطاقة أفلا يحق للجمهور تنفس الصعداء بتخفيض استهلاك الكهرباء والمواد البترولية الأخري كالبنزين والسولار والزيوت المختلفة, أم أن الموضوع أصبح استغلالا للشعب وامتصاصا لدمائه, لقد انتظرت طويلا لقيام مؤسسات إنتاج الكهرباء ووزارة البترول بالتخفيض اللازم فلم يحدث وكأنها في سبات عميق واستحلت أموال الجمهور الغلبان, أما كفانا الضرائب الباهظة, حتي نستغل أيضا من الهيئات الحكومية الأخري.
الغريب أن الصحف المختلفة لم تدرك أو تفكر في هذا الموضوع وتكتب فيه مطالبة بتخفيض أسعار الطاقة, وأرجو منها أن تولي هذا الموضوع الاهتمام اللازم لأهميته للمستهلكين الذين هم الشعب بأكمله, غنية وفقيرة علي حد سواء.