بحث مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية, آفاق التعاون المشترك بين إفريقيا وروسيا بشكل عام, ومصر وروسيا بشكل خاص, وذلك من خلال الندوة التي عقدها بالتعاون مع مكتبة مصر العامة تزامنا مع القمة الإفريقية الروسيه الأولى ..
تحدث في الندوة عضو مجلس النواب المهندس عبد السلام الخضراوي رئيس المركز عن القارة الإفريقية, و ما تحظى به من قدرات وإمكانات عديدة و متنوعه أكسبتها مكانة متميزة وسط العالم مما جعل أنظار العالم تلتفت نحو القارة السمراء وتتابع عن كثب هذه القمة التي حملت أكثر من رساله للعالم الأولي هي التأكيد على الدور السياسي للقارة في إعادة تشكيل مؤسسات النظام الدولي الراهن والتي تعتبر روسيا أحد أقطابه .. الرسالة الثانية تتعلق باهتمام القيادة الروسية بتعزيز وتوطيد علاقتها مع بلدان القارة الإفريقية حيث أدرك الرئيس فلاديمير بوتين منذ توليه الحكم وتحديدا عام 2000 أن استعادة روسيا لمكانتها الدولية يتطلب العودة إلى دوائر تحركاتها السابقه و التى تعدالقارة الافريقيه واحدة من اهم هذه الدوائر.
مجالات التعاون الثقافي والروسي الإفريقي
وتحدثت الدكتورة أميرة عبد الحكيم رئيس وحدة دراسات المرأة والطفل والباحثة المتخصصة فى الشئون الآسيوية عن الثقافه والتعليم أداتان للتقارب الروسي الإفريقي أوضحت فيها مجالات التعاون الثقافي والروسي الإفريقي حيث يوجد فى إفريقيا حالياً سبعة مراكز روسية للعلوم والثقافة في مصر وزامبيا والمغرب والكونغو وتنزانيا وأثيوبيا بدء بمدارس اللغات وتعليم اللغة الروسية ومدارس البالية مروراً بدورات الفنون والجرافيك وصولاً الى السنيما والعلوم والتكنولوجيا.
كما أشارت إلى الفنون مثل مهرجان الفولكلور الروسي في تونس، ومعرض المستنسخات الأثرية المصرية من وحدة إنتاج النماذج الأثرية بوزارة الآثار فى مصر، وتنشيط زيارات الفرق الفنية الروسية إلى مصر بشكل دائم.
وأيضاً التعاون في مجال الأدب حيث توجد عدة نماذج لتأثير مصر الإسلامية على الأدب الروسي وعلى كتاب الروس وخاصة اهتمام كبار المبدعين الروس مثل “بوشكن” الذي اهتم بالتاريخ المصري القديم، وأشارت عبدالحكيم إلى البرامج والاتفاقيات بين وزارة الثقافة في الاتحاد الروسي و وزارة الثقافة فى المملكة المغربية وفي مجال برنامج التعاون بين حكومة الاتحاد الروسي و جمهورية جنوب أفريقيا فى مجال المشاريع الثقافية المشتركة فى ٢٠١٣-٢٠١٦ و اتفاقية الشراكة الشاملة و التعاون الاستراتيجي بين روسيا و مصر عام ٢٠١٨ و إعلان ٢٠٢٠عاماً ثقافياً بين البلدين -جمعية خريجي زامبيا و روسيا الثقافية -و اتفاقية التعاون الثقافية بين وزيرة الثقافة الجزائرية و الروسية -برنامج التعاون الثقافي التونسي الروسي للسنوات ٢٠١١-٢٠١٣
كما أوضحت صور التعاون التعليمي الروسي الأفريقي مثل مركز التعليم الروسي لطلاب اسيا و أفريقيا العرب و معهد الدراسات الافريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية
وركزت فى كلمتها على أن روسيا تشكل بديلاً استراتيجياً للسيطرة الأمريكية المنفردة على العالم ،وبديلاً لدبلوماسية الصين الاقتصادية ،و للنفوذ الباقي للدول الاستعمارية السابقة في إفريقيا.
وطالبت عبد الحكيم بضرورة تعزيز تواجد المراكز الثقافية الروسية فى الدول الإفريقية واتخاذ الإجراءات الدولية لتسهيل وتطوير التواصل و التبادل الثقافي بين الدول الإفريقية وروسيا وجمع وحماية التراث الثقافي المشترك من قبيل المخطوطات والتراث العلمي والمعماري والفنون و الآثار التاريخية.
روسيا و بناء القدرات النوويه للقارة الإفريقية.
شاركت د حنان فتحي، رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية والمالية بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية ، بورقة عمل عن روسيا و بناء القدرات النوويه للقارة الافريقيه حيث اشارت الي ان مصر وقعت عقد إنشاء محطة الطاقة النووية بالضبعة عام 2015، بقرض روسي يسدد على ٣٥ سنة، ومن المتوقع الانتهاء من الوحدة الأولى منها والاستلام المبدأي والتشغيل التجاري بحلول عام 2026.
أشارت “فتحي” إلى أنه وفي إطار التعاون بين مصر وروسيا، استضاف المركز الروسي للثقافة والعلوم بالقاهرة، أولمبياد «التعليم النووي» في روسيا للعمل على تدريب الطلاب المصريين في كبرى الجامعات النووية في روسيا، وتم تنظيمها للطلاب المصريين المهتمين بالتدريب في مجال الطاقة النووية بالجامعات الروسية.
كما يتم إنشاء مركز معلومات للطاقة النووية ونشر ثقافة التعامل معها شعبيًا، وإنشاء مصانع روسية في مصر لتصنيع مكونات المحطة محليًا، وعقد دورات تدريبية للكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا النووية ونقل الخبرات الروسية للمصريين.
مصر من أهم الدول التي تتعاون اقتصاديا مع روسيا
وأوضحت دينا احمد الباحثه الاقتصادية بمركز الحوار للدراسات السياسية و الاعلاميه, أن عام 2018 شهد تبادل تجاري روسي مع الدول الأفريقية الواقعة إلى الجنوب في الصحراء نحو 3 دولار، وفي الوقت ذاته من المتوقع أن تتنامي قدرات تلك الدول ويرتقب وصول الناتج المحلي الإجمالي لها إلى تريليوني دولار بحلول عام 2050، وبالتالي من المهم بالنسبة لروسيا أن تعزز مواقعها في هذه الأسواق ..
واوضحت دينا ان مصر من اهم الدول التي تتعاون اقتصاديا مع روسيا حيث بلغ حجم رؤوس الأموال الروسية في مشروعات البنية التحتية للمشروع نحو 190 مليون دولار. كما تبلغ الاستثمارات المتوقعة نحو 7 مليارات دولار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس حيث أعربت 55 شركة روسية حتى الآن عن رغبتها في الاستثمار بهذا المشروع الذي سيوفر آلاف من فرص العمل.
– تليها زيمبابوي حيث تستثمر شركة “جريت دايك إنفستمنتس ليمتد” الروسية – الزيمبابوية المشتركة في مشروع ضخم قيمته نحو 1.6 مليار دولار لاستثمار أحد أكبر مكامن البلاتين في العالم “داردنفيل”، وبعد بدء الاستخراج سيكون هذا المكمن من بين المكامن الخمسة الكبرى عالميا من حيث استخراج البلاتين، وهذا المشروع هو أحد أكبر المشاريع الروسية في أفريقيا.
وأوضحت الباحثه الاقتصاديه أن أنجولا تعد من أهم شركاء روسيا الاقتصاديين في أفريقيا حيث تشارك شركة ألروسا لاستخراج أحجار الألماس في مشروع “كاتوكا” الكبير، الذي يتضمن الاستثمار المشترك لمكمن لواشي لأحجار الألماس.و تقدر الاستثمارات في هذا المشروع بنحو 500 و700 مليون دولار.تمتلك الشركة الروسية حصة 50.5% في المشروع. كما توجد استثمارات مشتركة هامه ايضا في كل من زامبيا و موزمبيق و غينيا و الجابون .
دوافع ومرتكزات الاهتمام العسكري والأمني الروسي بإفريقيا
علي صعيد آخر كانت هناك ورقات عمل علي قدر كبير من الأهمية حيث تحدث العميد د. خالد فهمي مستشار مركز الحوار للشئون الافريقيه عن التعاون العسكري و الامني الروسي الافريقي مؤكدا تتمتع روسيا بنفوذ عسكرى ملحوظ فى إفريقيا، ويظهر ذلك سواء فى القوات الموجودة على الأرض أو فى التعاملات فى المجالات العسكرية مع دول القارة، روسيا هى ثانى أكبر مصدر للأسلحة على مستوى العالم ومورد رئيسى لإفريقيا، على الرغم من الجدل الأخلاقى حول هذا (حيث إن غالبية الأسلحة الروسية تظهر فى البلدان المفروض عليها حظر سلاح)، ومن المرجح أن تظل هذه إحدى ميزاتها النسبية.
من الجدير بالذكر أن العديد من الدول الإفريقية تحضر ” المناورات العسكرية ” التى تستضيفها روسيا إما للمشاركة أو المراقبة، ومن المثير للاهتمام أن هناك علاقة واضحة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين والبلدان التى تحضر المناورات، علاوة على ذلك، تشارك روسيا بأعداد كبيرة فى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فى الواقع يفوق عدد جنود حفظ السلام الروس فى إفريقيا عدد أولئك القادمين من فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
و اشار مستشار مركز الحوار ان مواجهة الإرهاب تمثل أحد الدوافع المهمة بالنسبة للروس، في ظل اعتماد روسيا لسياسة مواجهة الإرهاب في بيئاته الحاضنة له، وتجفيف منابعه، والقضاء على العناصر الإرهابية؛ خوفًا من انتقالهم إلى مناطق النفوذ الرُّوسِيّ والداخل الرُّوسِيّ مما يُشَكِّل تهديدًا للأمن القومي لروسيا، لا سيما تنظيم داعش.
و ان من دوافع ومرتكزات الإهتمام العسكرى والأمنى الروسى بأفريقيا إمكانية إقامة قواعد عسكريَّة رُوسِيَّة في المنطقة، وهو ما برَز في الخطط الرُّوسِيَّة بشأن إنشاء قاعدة عسكريَّة في إقليم أرض الصومال -غير المعترف به دوليًّا- مما يعزِّز من قُدُرَات الروس العسكريَّة في منطقة القرن الإفريقي. بالاضافة الي محاولات روسيا بناء أسطول لها في البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، لاستعراض قدراتها العسكريَّة في المنطقة، وحرصها على تأكيد العودة إلى قارَّة إفريقيا.
كما تهدف روسيا لاستعادة لمركزها في عقود تصدير السلاح ، حيث تعتبر دول شمال إفريقيا سوقاً مهماً للسلاح الروسي، والذي يسهم في الاقتصاد القومي بنسبة مهمة، وقد كانت البداية من الجزائر بصفقة سلاح بلغت قيمتها 7.5 مليار دولار، ثم ليبيا في 2008م، بلغت 2 مليار دولار، وتم استكمالها بصفقة أخرى في 2010م، بقيمة 1.8 مليار دولار، كما تم توقيع اتفاقيات تصدير سلاح مماثلة مع كل من مصر والسودان.