كم كان شعورنا بالسعادة والفرح لدى علمنا بإنتاج عمل فني يحكي لنا السيرة العطرة لحياة مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث كي ما يكون ذكرى دائمة ليس فقط للجيل الحالي بل للأجيال الجديدة القادمة كما هو حال جميع الأعمال الفنية للقديسين , الشهداء والآباء المعاصرين التي تركت لنا أثراً كبيراً في قلوبنا تعلمنا منها الكثير من الأمثلة والتعاليم الروحية لكل منهم نطبقها في حياتنا العملية , فحياة البابا شنودة الثالث مليئة بالآف المواقف والتجارب الروحية , الإنسانية , الوطنية منها المفرح والمحزن وغيرها ليس فقط في بلادنا الحبيبة مصر بل في جميع دول العالم .
قداسة البابا شنودة أحد القامات الروحية العالمية التي شهد لها ملوك , أمراء , روؤساء العالم إضافة إلى كافة القيادات الكنسية بجميع طوائفها ويعجز لسان أي إنسان مهما كان وصفها أو يعطيها حقها كاملاً نتيجة كرازته , أعماله , ذكرياته التي لا تذكر ولا تعد , فكان مؤرخاً حاصلاً على ليسانس الآداب قسم التاريخ من جامعة الملك فؤاد الأول بتقدير ممتاز , لاهوتياً لتخرجه من الكلية الإكليركية وعمله كمعلم وأستاذاً بالكلية , كاتباً , شاعراً له العديد من الكتب والقصائد , نال بركة رئاسة تحرير مجلة مدارس الأحد وكان عسكرياً وطنياً كضابط برتبة ملازم بالجيش المصري وكان الأب الروحي لملايين المسيحيين كونه راهباً , أسقفاً للتعليم وبابا وبطريرك الكنيسة القبطية رقم ١١٧ محباً وصديقاً للفقراء , قام بتأسيس لجنة البر لرعاية إخوة الرب المحتاجين والمساكين .
الجميع يعرف ما قدمة قداسة البابا شنودة لابنائه ووطنه دون الدخول فأي تفاصيل عن نزاعاته وخلافاته المعلنة وغير المعلنة مع القيادات السياسية والحكومية في فترة حبريته خاصة في عهد السادات التي دافع فيها عن حقوق شعبة وكنيسته فكان دائماً يلجأ إلى الله باعتكافه بالدير والصلاة حاملاً معه مشاكلهم وهمومهم التي كانت الدولة طرف فيها بحثاً عن حلول إلهية , عانى البابا مئات الفتن الطائفية التي حصدت الكثير من الجرحى والشهداء كان أخرها شهداء مذبحة ماسبيرو والتي أحزنت قلب البابا وكان هذا ظاهراً وواضحاً خلال أول عظة له بعد الحادث الأليم الذي قال عنه الكثير مسجلاً شهادة حقيقية لكل ما رأت عيناه وسمعت أذناه بكل شجاعة كما حدث من قبل مع شهداء حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية .
قامت العديد من الدول , الجامعات , المنظمات الحقوقية وبرلمانات الدول بتكريم قداسة البابا شنودة وحصد الكثير من الأوسمة , النياشين , الجوائر , الشهادات العملية , والدكتوراه الفخرية وغيرها , حفر أسمه بحروف من ذهب على العديد من الكتب , المواقع , المجلدات وغيرها داخل وخارج مصر , كان قداسته فخوراً بكل المصريين بلا استثناء خاصة خارج مصر فترك لهم أثاراً عظمية منها على سبيل المثال اسمه الذى تم إطلاقة على أحد شوارع الولايات المتحدة الأمريكية والمركز القبطي للشباب بمدينة سيدني الاسترالية .
تابعت مع ملايين شعبنا القبطي على مدار الساعات القليلة الماضية ردود الافعال المتعلقة لاختيار ( بابا العرب ) أسماً لعمل فني يتعلق بقداسة البابا شنودة أحد أعمدة الكنيسة القبطية في عصرها الحديث فهناك من هو سعيد بالاسم ومن هو يشعر بعدم الارتياح على الرغم من وجود القاب عديدة أخرى أطلقت على قداسته , فشخصية البابا عالمية , قبطية , جذوره مصرية له أبناء مصريين في جميع قارات العالم وليس فقط بالدول العربية كي ما يطلق عليه بابا العرب , فكان من الأجدر مشاركة ابنائه في اختيار اسم العمل الذي يسرد قصة حياة أبيهم كما تتبعة العديد من الكنائس والمدارس القبطية لاختيار تصميم لوجو خاص لشفيعها .
شدني تفكيري في البحث عن الألقاب التي نالها قداسة البابا شنودة عبر المحرك البحثي ( جوجل ) لمعرفة من أين جاء لقب بابا العرب هذا؟ , جاءت الإجابة صادمة لي أذ أن اللبنانيون هم من أطلقوا على قداسته ( بابا العرب وبابا المقاومة ) أبان زيارته إلى لبنان أوائل شهر يوليو من العام ١٩٩٥ م .