صرح مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، جير بيدرسون، بأن التقدم المحرز فى تكوين اللجنة الدستورية السورية، يعتمد على التغلب على العديد من العقبات، بما فيها إطلاق سراح السجناء والحد من العنف وانعدام الأمن. كما أن الاجتماع القادم للهيئة المكونة من 150 عضوا والذي سيتم “وجها لوجه”، بين 50 ممثلا من كل من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. يمثل كافة الشرائح فى المجتمع السورى، جاء ذلك فى المؤتمر الصحفى الذى عقده المبعوث الأممى على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الرابعة والسبعين بنيويورك.
ويأتى ذلك قبل أقل من 30 يوما من اجتماع اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا، والتي تم تشكيلها حديثاً في جنيف لمحاولة الاتفاق على نص أساسي جديد باعتباره أحد لبنات السلام الدائم في البلد الذي مزقته الحرب، أقرّ .
وأضاف جير بيدرسون: ” سنلتقي في 30 أكتوبر ونأمل أن تكون بداية ناجحة. لأن تشكيل اللجنة في حد ذاته، لن يحل أزمة سوريا، ولا أعتقد أن أحدا قال ذلك أبدا. لكن ما قلناه هو أن الدستور يمكن أن يساعد في تضييق هوة الخلافات داخل المجتمع السوري، ويمكن أن يساعد في بناء الثقة، كما يمكن أن يكون بمثابة فرصة لنجاح العملية السياسية الأوسع”.
وأوضح بيدرسون أن الهيئة المصغرة التي تضم 45 شخصا، بمن فيهم 15 حكومة و 15 من المعارضة و 15 عضوا من المجتمع المدني ستجتمع أيضا بشكل منفصل في المدينة السويسرية جنيف، حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بانشاء لجنة دائمة فى جنيف، لإعداد وصياغة المقترحات، وذلك اتساقاً مع الشروط المتفق عليها التي تشكلها المبادئ الرئيسية بما فيها احترام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.
المخاوف الأمنية
أقر المبعوث الأممي بضرورة معالجة المخاوف بشأن الاشتباكات المستمرة في إدلب، حيث كثفت القوات الحكومية حملتها العسكرية في أبريل، وكذلك المخاوف المتعلقة بانعدام الأمن في أماكن أخرى.وأضاف :””نحن بحاجة إلى التأكد من أننا قادرون على المضي قدما على عدة مسارات، مشيرا إلى ما جاء في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي يوم 30 من سبتمبر، قائلا إننا “نحتاج بالطبع أيضا إلى العمل على الوضع في الشمال الشرقي وإدلب تمثل تحديا خاصا، لكننا نشعر بقلق متزايد أيضا بشأن الوضع في الجنوب الغربي وما يحدث هناك”.
وبعد أكثر من ثماني سنوات ونصف من الحرب، يُعتقد أن مئات الآلاف من السوريين قد قتلوا في الصراع. وذكر خبراء الأمم المتحدة في عام 2018 أن ملايين آخرين فروا من البلاد التي عانت أيضا من دمار هائل من المحتمل أن تكلف إعادة البناء ما لا يقل عن 400 مليار دولار.
وفيما أشار إلى الوضع في منطقة الشمال الشرقي التي كان يسيطر عليها الأكراد في السابق، على الحدود مع تركيا، أصر المبعوث الخاص على أنه ينبغي التعامل مع الوضع “في ظل مراعاة السيادة السورية والاستقلال ووحدة الأراضي”.
كل شرائح المجتمع السوري
وقال إنه بالإضافة إلى ذلك، يجب وضع المخاوف الأمنية التركية المشروعة في الاعتبار، مع احترام جميع المجتمعات المختلفة في الشمال الشرقي. وأوضح “إذا تم التعامل مع كل هذه القضايا الثلاث، نعتقد أننا يمكن أن نكون قادرين على المضي قدما”، مؤكداً أن اللجنة الدستورية تضم مندوبين أكراد، أصر السيد بيدرسون على أن “جميع شرائح” المجتمع السوري ممثلة، بما في ذلك النساء، بحوالي 30 في المائة من عناصر المجتمع المدني المشاركين.
وقال المبعوث الخاص إن “هذه الهيئة التمثيلية الفريدة” وحدها ستتخذ قرارات بشأن إعادة كتابة الدستور السوري، مشيرا إلى أنه على الرغم من أنه قد يكون لديه “عدة أفكار” حول هذا الموضوع، إلا أنه مقتنع بعد لقائه مع ممثلي الحكومة والمعارضة بأنهم يستطيعون “معالجة ذلك بأنفسهم”.
مكررا أنه “ليس لدينا متسع من الوقت” قبل اجتماع 30 أكتوبر في مقر الأمم المتحدة بجنيف، مشيراً إلى الحاجة إلى إطلاق سراح المزيد من المقاتلين، كتدبير لبناء الثقة. وحتى الآن، جرت أربع جولات من عمليات تسريح المعتقلين، “ولكن يجب تحرير أعداد أكبر بكثير”، كما اقترح بيدرسون، مضيفا “نعتقد أن معالجة هذه (المسألة) ستكون أداة مهمة لأن يمضي الشعب السوري قدما. وسيساعدنا ذلك أيضا كما أعتقد، على البدء في بناء الثقة في سوريا مرة أخرى.”
وردا على سؤال حول إمكانية وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، قال بيدرسون إنه أمر يأخذه وفريقه “بجدية شديدة للغاية.. إنه مرتبط بالوضع في إدلب وأهمية الحفاظ على الهدوء هناك في الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة، ونعتقد أن وقف إطلاق النار على مستوى البلاد يمكن أن يساعد في ترسيخ ذلك”.
هذا وسيزور مبعوث الأمم المتحدة الخاص دمشق الأسبوع المقبل لإجراء محادثات تحضيرية مع الحكومة السورية. ومن المتوقع أيضا أن يلتقي بزعماء المعارضة، ربما في العاصمة السعودية الرياض، قبل بدء عمل اللجنة في جنيف.