أدى وقف الولايات المتحدة لمساهماتها تجاه “الأونروا”- وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، والبالغة أكثر من 300 مليون دولار، إلى أزمة تمويل في أغسطس 2018، وعلى الرغم من أن العديد من المانحين رفعوا مساهماتهم للمساعدة في سد الفجوة، إلا أن النقص في التمويل ما زال قائماً وقدره 120 مليون دولار، تدفع “البلدان المضيفة واللاجئون أنفسهم الثمن الأعلى لذلك.
في هذا الإطار تم عقد اجتماع وزاري “للأنروا” قال فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش:” إن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تدعم حوالي 5.4 مليون لاجئ فلسطيني في الشرق الأدنى وتلعب “دورا أساسيا”، في تشغليهم وتعليمهم، محذرا من أن أية محاولات للحد من تفويضها “ستكون مدمرة ومكلفة”. جاء ذلك خلال اجتماع وزاري لدعم الأونرو، عُقد في المقر الدائم بنيويورك، وقال الأمين العام، إنه رأى بنفسه عدة مرات الأثر الإيجابي الذي أحدثته الوكالة لعقود من الزمن في حماية ومساعدة الملايين من أضعف الناس.،مضيفا إنه “يخشى من تخيل العواقب الهائلة إذا لم تكن “الأونروا” قادرة على العمل- ليس فقط الخسائر الإنسانية الكبيرة على الناس، ولكن أيضا المخاطر الجسيمة التي تهدد السلام والأمن في منطقة مضطربة”.
وكانت إدارة ترامب قد قررت في مطلع 2018 تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه الولايات المتحدة الأميركية للوكالة، من 365 مليون دولار، إلى 125 مليون دولار سنوياً، لم تقدم منها لعام 2018 إلا 60 مليون دولار. وكان التمويل الأمريكي للوكالة يمثّل سابقاً ثلث ميزانيتها السنوية والبالغة 1.24 مليار دولار؛ وهو ما يؤثّر جذريّاً في حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين المعتمدين على خدمات الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسورية ولبنان. ولكن الهدف الرئيس من الخطوة يبقى سياسيّاً، ويتمثّل بتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، بدءاً بعدم الاعتراف بوجود قضية كهذه. يأتي هذا الأمر في سياق تفاهم أمريكي– إسرائيلي، يهدف إلى حسم قضايا الحل النهائي من جانب واحد وتصفية القضية الفلسطينية كلياً. ففي ديسمبر 2017، اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأتبعها بنقل السفارة الأمريكية إليها في مايو 2018. وفي يوليو 2018، تبنى الكنيست الإسرائيلي قانون “الدولة القومية”، وهو القانون الذي منح اليهود دون غيرهم من مواطني إسرائيل حق تقرير المصير.
أما السبب المعلن لوقف الدعم للوكالة فكان ن استمرار الأونروا يسهم في استدامة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي؛ ذلك أن إصرار الفلسطينيين على حق العودة إلى الأراضي والبيوت التي هُجّروا منها منذ عام 1948 بحسب نصّ قرارات الشرعية الدولية، وتحديداً قرار مجلس الأمن رقم 194، يتناقض كليّاً مع “يهودية” إسرائيل، ومن ثمّ يعطّل أي إمكانية لتحقق “السلام” بين الطرفين. وترى إدارة ترامب أن بقاء الأونروا يذكي باستمرار جذوة حق العودة للفلسطينيين.، كما تتهم إدارة ترامب الأونروا بـ “المبالغة” في تحديد أعداد اللاجئين الفلسطينيين. وهي بذلك تتبنى، رسمياً، رواية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن الأونروا جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل”.