صعد جاسون موموا الممثل الأمريكي الشهير، إلى المنصة جاذباً إليه الأنظار، لكن هذه المرة لم يكن صعوداً مسرحياً، وإنما إنسانياً من أجل المشاركة في قمة الدول الجزرية النامية، التي عقدتها الأمم المتحدة أمس الجمعة، خلال دورتها الرابعة والسبعين للجمعية العامة.
شارك جاسون، في القمة لأنه ناشط في مجال الدفاع عن المحيطات، وقال موموا :”إن أنظمة بيئية كاملة تختفي بسبب ارتفاع درجة حرارة البحر، وإن نفايات العالم تتسرب إلى المياه، حتى في قاع البحر توجد جسيمات نانوية بلاستيكية، فهناك جزيئات بلاستيكية في المحيط أكثر من النجوم في درب التبانة، إنه لأمر مخز.”
وأكد “جاسون”: “إن أكبر تهديد للدول الجزرية الصغيرة النامية هو أن جزراً بأكملها تغرق في البحر بسبب كمية الانبعاثات الكبيرة التي تنتجها الدول الغنية، وتلك الجزر تتعرض بشكل مباشر لضرر جسيم بفعل التغيرات المناخية. لذا يتطلب ذلك، التقدم نحو التنمية المستدامة في هذه الدول لزيادة كبيرة في الاستثمار العاجل، وفقا لقادة العالم الذين اجتمعوا في الأمم المتحدة، من أجل استعراض منتصف المدة رفيع المستوى ل “مسار ساموا”، وهو الإطار دولي للتنمية المستدامة الخاص بالدول الجزرية الصغيرة النامية.”
وتعد البلدان الـ 38 التي حددتها الأمم المتحدة باعتبارها من الدول الجزرية الصغيرة النامية من بين أكثر الدول ضعفاً في العالم. وتقع في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ والمحيط الأطلسي، وكذلك في المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي، وتعاني من عواقب المناخ العالمي المتطرف بشكل متزايد والتي لا يمكن التنبؤ بها. وبالإضافة إلى التحديات البيئية، تواجه الدول الجزرية الصغيرة النامية مجموعة فريدة من التحديات المتعلقة بصغر حجمها وبعدها وتعرضها للصدمات الاقتصادية الخارجية.
ولكونها تقع في الخطوط الأمامية لتغير المناخ، أصبحت التنمية المستدامة في العديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية مهددة بسبب الصعوبات في تحقيق مستويات عالية ومستدامة من النمو الاقتصادي، ويعزى ذلك جزئيا إلى تعرضها للآثار السلبية المستمرة للتحديات البيئية والصدمات الاقتصادية والمالية الخارجية.
لم يكن موموا الوحيد الذي حضر بصفته ناشطاً، وإنما رافقته أيضا، فينزيلار أينجو كوانجين نين، ناشطة شابة من بابوا غينيا الجديدة. تحدثت أمام الاجتماع، ورسمت الناشطة الشابة صورة حية للمخاطر التي تواجهها هذه الدول في ظل ارتفاع درجات حرارة العالم، وارتفاع منسوب مياه البحار.
ومن فوق منبر الأمم المتحدة، قالت فينزيلار: “أنا شابة من جزيرة صغيرة. لا يعرف معظم الناس في المجتمع العالمي أين هي، وأكثر ما يؤلمني هو أنني أعرف أين هم جميعاً” وذكرت الحضور بما وقع منذ شهر حينما دمر إعصار دوريان أجزاء من جزر البهاما، الأمر الذي يزيد من تواتر الكوارث الطبيعية وحجمها وشدتها وتهديدها الفريد للدول الجزرية وشعوبها.
وقالت السيدة فكيتامويلا كاتوا أوتواكامانو، الممثلة السامية لأقل البلدان نمواً والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية: “إن “مسار ساموا” – وهو الوثيقة النهائية للمؤتمر الدولي الثالث حول – الدول الجزرية النامية- “SIDS”، والذي يشدّد على أن “جمع البيانات والتحليل الإحصائي مطلوب للسماح لـهذه الدول بتخطيط، ومتابعة وتقييم وتطبيق وتتبع النجاحات في تحقيق الأهداف الإنمائية الدولية المتفق عليه، و”ساموا” هى مجموعة جزر فى المحيد الهادى. والوثيقة تهدف إلى سماع أصوات الدول الجزرية الصغيرة النامية وتلبية وأولوياتها وآمالها في بناء مجتمعات شاملة ومستدامة”.
وأضافت: “إن خريطة الطريق للعمل واستعراض منتصف المدة هذا يمثل لحظة استراتيجية، تتيح لنا الفرصة لمراجعة وتجديد التزامات المجتمع الدولي تجاه الدول الجزرية الصغيرة النامية”.
وحثت الممثلة السامية المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات جماعية أقوى للانضمام إلى الدول الجزرية الصغيرة النامية في الكفاح من أجل مكافحة تغير المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
فى هذا الاطار دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، المجتمع الدولي إلى مساعدة تلك الدول المتضررة بشدة من تغير المناخ لتعزيز مرونتها الاقتصادية والبيئية.
من جهته اعتبر رئيس الجمعية العامة، تيجاني محمد باندي، هذه القمة فرصة للتفكير بشأن تنمية بعض الدول الأعضاء الأكثر ضعفاً مضيفا أن “الدول التي نخدمها تتطلع إلينا لإيجاد حلول ضد التحديات الوجودية التي تهدد قدرتها على البقاء وتعيق فرصها في الازدهار”.
وقال إن أزمة المناخ تهدد اليوم الأمن الغذائي وسبل العيش في الدول الجزرية الصغيرة النامية رغم أنها “تنتج أقل من واحد في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية”.
وأضاف: “من خلال الجهود العالمية فقط مثل “مسار ساموا”، يمكننا مواجهة التحديات بما في ذلك التهميش الاقتصادي الذي تواجهه الدول الجزرية الصغيرة النامية في سعيها لتحقيق مستقبل آمن ومزدهر ومستدام نسعى إلى تحقيقه جميعا”.