مع بداية عام دراسي جديد.. يتجدد الامل كل عام في منظومة تعليمية متكاملة تستطيع أن تنتج مواطنًا قادرًا على التفكير، والنقد ، والتفاعل الإيجابي ، والقدرة على الابتكار، ومواجهة تحديات العصر، ومواكبة التقدم العالمي في كافة العلوم ، شخصية سوية تعلي قيمة التعاون في العمل وتتعامل بعقلية قبول الآخر وتحب وطنها، وتنبذ العنف، وتغربل الأفكار، وتحترم الآراء المختلفة، شخصية غير نمطية، تعرف كيف تفكر خارج الصندوق.
عفوًا عزيزي القارئ إنها الأحلام المتلاحقة التي لا تزال المؤشرات الفعلية تنذر أنها لا تزال بعيدة المنال، وإن كان الهدف قائما والمحاولات واردة .
المؤشرات المبدئية تقول إنه قبل دخول المدارس بأكثر من شهر بدأت دهاليز التعليم الموازي، واقصد بها الدروس الخصوصية !!! وهذا في حد ذاته مؤشرا بأن العملية التعليمية لا تزال في أزمة، فالدروس الخصوصية تعني إجابات نموذجية محفوظة للأسئلة!! وتوقعات لأسئلة الامتحان !! وعقول لا تقاس إلا بالحفظ والتسميع، ومدرس يوفر طاقته للدروس الخصوصية ويرتاح في اليوم الدراسي في المدرسة ..ودرجات أعمال سنة مرتبطة بالانضمام للدرس الخصوصي ….الخ !!
الدروس الخصوصية مؤشر لطالب لا يعنيه مدرسته ولا الانتظام فيها ولا طابور صباح ولاتحية العلم!! وبالتالي يصبح بعد “التربية”غائبًا تمامًا عن “التعليم” لأن التربية لن تكون أبدًا إلا في حضن مدرسة وأنشطة وحوش وفصل وإدارة لها رؤية .
بدء عام دراسي جديد لم يعد يعني للأسرة المصرية إلا مزيدًا من الأعباء المادية من مصروفات دراسية وزي مدرسي لا تحكمه قواعد التغيير كل عام .. وأدوات مدرسية لها سوق وموسم تعدى شراء الأقلام والكراسات إلى الشنطة المدرسية التي لها موضة كل عام ولايحتمل التلميذ أن يمسك بشنطة موضة السنة السابقة !! و” لانش بوكس” أشكال وألوان و”زمزميات الماء” بألوان و ماركات، وسوق موسمي رائج كل عام للأدوات المدرسية.. وتنوء الأسر عن توفير تلك المتطلبات الدراسية خاصة لمن لديهم أكثر من طفل أواثنين في المراحل الدراسية.
و قد تضطر للسلف والعوز ، وبعد أيام قلائل أو شهر على الأكثر من دخول المدارس يطاح بكل ذلك جانبا ويتفننون في التزويغ من المدارس للالتفات للدروس الخصوصية. . ومن يعيشون في القرى يعايشون تلك الأزمة بشكل أكثر ضراوة !!
وهنا علينا أن نواجه أنفسنا بأننا كأولياء أمور لنا دورًا كبيرًا في مافيا الدروس الخصوصية عندما نهاجم ونعارض خطط وبرامج الوزارة للتطوير ، ونستكين إلى أسلوب التعليم الذي اعتدناه رغم ثبات فشله مهما ارتفعت درجات ومجاميع أبنائنا.
قولا واحدا : التعليم الحقيقي لن يكون إلا في حضن المدرسة التي تقودها رؤية للتربية والتعليم معا .
نادية برسوم