جرت مفاوضات جادة ومكثفة خلال الشهور الماضية بين مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وبين المجلس القومي لحقوق الإنسان لاستضافة مؤتمر إقليمي بمصر حول تجريم وتعذيب في التشريعات بالمنطقة العربية وتم تحديد يومي 4, 5 سبتمبر موعدا لانعقاد المؤتمر وتم توجيه الدعوة لعدد 50 شخصية رفيعة المستوي علي مستوي العالم بينهما اثنان من المقررين الخواص بالأمم المتحدة وكان من المقرر أن تتكفل المؤسسة الأممية بتحمل كافة تكاليف المؤتمر, وهذا يعني أن الدولة المصرية وحكومتها ليست مسئولة من قريب أو بعيد عن ممارسة أي تدخل في تنظيم المؤتمر أو دعوة الأشخاص المشاركين عدا موافقة الحكومة علي حضور وزير الخارجية المصري لافتتاح المؤتمر وهو إجراء بروتوكولي يعكس ترحيب الدولة المضيفة بعقد المؤتمر, وقبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر خرجت علينا بعض المنظمات المسيسة والتي تحرك دوافعها خصومة سياسية مع النظام السياسي وهي الخصومة التي أعمتها حتي عما تؤمن به وتتغني به ليلا ونهارا باعتبارهم مدافعين عن حقوق الإنسان!! وتحركت تلك المنظمات في كل الاتجاهات عبر بيانات خرقاء وجوفاء وإرسال شكاوي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة للمطالبة بإلغاء المؤتمر بحجة أن استضافة مصر لأعماله سيكون بمثابة تبييض لوجه النظام!!!
في واقع الأمر لم أفهم جيدا هذا المنطق المعكوس لأن الأصل أن مؤتمرات الأمم المتحدة تعقد بالأساس في أماكن بعينها للفت انتباه العالم لقضية بعينها وهذا المؤتمر كان يخصص بالأساس لمناقشة الإطار التشريعي لجريمة التعذيب في الدول العربية التي نعترف أنها تشريعات لازالت بعيدة عن نصوص القانون الدولي, والدولة المصرية ليست معنية بالمؤتمر ولم تطلب عقده في مصر ومنذ متي كان استضافة دولة بعينها لمؤتمر أممي بمثابة تبييض لوجهها؟ في أي صفحة في تاريخ العمل الحقوقي حدث ذلك؟ وهل هذا يعني أن استضافة قطر مثلا لمكتب الأمم المتحدة للتوثيق التابع للمفوضية أيضا بمثابة صك براءة لقطر في انتهاكها لحقوق الإنسان؟
وهل تعني استضافة الصين لمؤتمر المرأة في منتصف التسعينيات أن المرأة الصينية كانت ترفل في رفاهية حقوقها!!
علي أية حال هذه المنظمات نجحت في تأجيل أو إلغاء المؤتمر ولكنها رسبت في اختبار الإنسانية والانتصار لحقوق الضحايا علي حساب مكايدة النظام السياسي.
وأخطأت المفوضية باستجابتها لضغوط هؤلاء بتأجيل المؤتمر لأنها تعاملت بمنطق أبوي مع منظمات صبيانية تصر المفوضية علي تدليلهم لأمور نعلمها جيدا وربما لأشياء لا نعلمها.
سعيد عبدالحافظ
[email protected]