(1) من الحفلات إلي الزعامة
منذ حوالي 130سنة, وصل إلي لندن شاب هندي أنيق الملابس, يجيد العزف علي القيثار, والرقص في السهرات, وكان ناجحا ومحل ترحيب كبير في حياة لندن الاجتماعية, وعندما بدأ يعمل محاميا سنة 1889, ازدهرت أعماله وكثر زبائنه, لكنه كان يحس أن كل هذا النجاح ينقصه شيء.. كان يحس أن مواطنيه الهنود في حاجة إلي جهوده وذكائه.. شعر أن الواجب يدعوه أن يخصص جهده وحياته للدفاع عن حقوق مواطنيه.
وترك الشاب لندن وحفلاتها وسهراتها, وذهب إلي جنوب أفريقيا للعمل علي إلغاء قوانين التفرقة العنصرية الموجهة ضد الهنود هناك.. وكان ذلك هو بداية الطريق, الذي تحول بعده ذلك الشاب الذي كان لا يهتم إلا بالحفلات, ليصبح غاندي الزاهد المتصوف, أكبر زعيم سياسي أنجبته الهند في العصر الحديث.
(2) هل يفهمها رجل الشارع؟
اشتهر إبراهام لنكولن أعظم رؤساء الولايات المتحدة, بوضوح الأسلوب وبساطته, في زمن اعتاد فيه الأدباء والسياسيون أن يستخدموا الألفاظ الضخمة والعبارات الرنانة.. حدث ذات مرة أن كتب لنكولن رسالة إلي رئيس وزراء إنجلترا, فلم يعجب أسلوبها البسيط الواضح وزير الخارجية الأمريكية, واقترح صياغتها من جديد في أسلوب دبلوماسي جدير برئيس الجمهورية الأمريكية, فسأله لنكولن: هل تعتقد أن رئيس الوزراء البريطاني يستطيع أن يفهم بوضوح مضمون هذه الرسالة؟, أجاب وزير الخارجية: نعم, وعاد لنكولن يسأل: وهل تستطيع الصحف البريطانية اليومية أن تفهمه؟ أجاب وزير الخارجية: نعم, وللمرة الثالثة, سأل لنكولن: وهل تعتقد أن رجل الشارع في إنجلترا يستطيع أن يفهمه؟, وللمرة الثالثة أجاب وزير الخارجية: نعم. عندئذ قال لنكولن لوزير خارجيته: إذن أرسل الرسالة كما هي.
(3) وهكذا سافرت !
عندما كانت ماري كوري عالمة الطبيعة المشهورة في السابعة عشرة من عمرها, كانت تحلم بالسفر من موطنها الأصلي بولندا إلي باريس, لدراسة الطبيعة في جامعة السوربون, لكن أحوال الأسرة المالية لم تمكنها من تحقيق حلمها, وكانت لماري أخت أكبر منها تحبها كثيرا اسمها برونيا, تحلم أيضا بالسفر إلي باريس لدراسة الطب, لكنها هي أيضا لم تجد وسيلة لتحقيق حلمها هذا.
ذات يوم قالت ماري لأختها: لقد وجدت لك طريقة تستطيعين بها تحقيق آمالك. سألتها برونيا بدهشة: كيف؟, قالت ماري: اتفقت مع أبي علي أن تسافري إلي باريس, ونرسل لك بعض النقود بين حين وآخر من أجل مواصلة الدراسة, وبعد أن تنتهي من دراسة الطب وتصبحي طبيبة, يحل دوري وأذهب أنا لأبدأ دراستي, علي أن تقومي بإرسال النقود التي ستساعدني علي مواصلة الدراسة. وامتلأت عينا برونيا بالدموع عندما سمعت هذه الكلمات من أختها, وسألتها:
لكن من أين ستحصلين علي النقود التي ستساعدينني بها!
قالت ماري: سأعمل مربية أطفال لدي إحدي العائلات, وبذلك أوفر الطعام والمأوي, وأحتفظ بكل أجري لأرسله إليك. قالت لها برونيا: لماذا أذهب أنا أولا إلي باريس؟! يمكنك أن تذهبي أنت في البداية وسأقوم أنا بمساعدتك. أجابت ماري: إنك في العشرين من عمرك, أما أنا فمازلت في السابعة عشرة.. أنا واثقة من أنك عندما تصبحين طبيبة غنية, فسوف تغرقينني بالذهب!!. وهكذا سافرت الأخت الكبري تحت إلحاح الأخت الصغري, ثم لحقت ماري بأختها, حيث حققت في باريس أكبر إنجازاتهـا باكتشاف الراديوم وحصلت علي جائزة نوبل, وأصبحت واحدة من شهيرات العلماء.
(4) اكتشاف في المستشفي
قال الكاتب الأمريكي الشهير مارك توين: عندما كنت صغيرا, كنت أنتظر أجرا أو مكافأة في مقابل كل عمل أقوم به, إلي أن أصبت ذات مرة بمرض شديد, وحملوني إلي المستشفي, حيث تعلمت أعظم درس في حياتي, كنت أري الأيدي تمتد لتخفف عني آلامي, والعيون تتابع حالتي وقد امتلأت بالعطف والرحمة.. لقد تعاون الجميع علي علاجي, وعلي إعادة الحياة إلي جسدي الضعيف, وعندما جاء الوقت لأدفع نفقات العلاج, قلت لنفسي: أي أجر هذا الذي يمكن أن أدفعه لمن سهروا الليالي وضحوا براحتهم من أجلي؟! إنني لو قدمت ثروتي كلها لهم, لما استطعت أن أرد إليهم بعض ما بذلوه من أجلي. يومها أحسست أن العطاء الحقيقي لا ينتظر الجزاء, وأنني أنا أيضا أستطيع أن أعطي بغير أن أتوقع مقابلا لهذا العطاء.
(5) البحث عن الجانب المضيء
يعرف كثيرون هيلين كيلر كواحدة من الشخصيات العظيمة, فرغم أنها ولدت لا تسمع ولا تري ولا تتكلم, فقد استطاعت أن تصبح شخصية شهيرة, تلقي المحاضرات, وتؤلف الكتب, مستعينة بحاسة اللمس لديها. قالت هيلين كيلر: إذا كان العالم حافلا بالآلام, فهو ملآن أيضا بالانتصارات عليها.. كان والدي يقول لي: هذه كلمات مليئة بالثقة والأمل من سيدة صماء بكماء عمياء, توجهها لمن يستمتعون بجميع حواسهم السليمة والكاملة, ومع ذلك لا يستطيعون أن يروا من الحياة إلا جانبها المظلم.. وعندما يراني قد ضقت بشيء ما يقول: لنبحث دائما عن الجانب المضيء من كل شيء, بذلك تصبح حياتنا سلسلة دائمة من الانتصارات!.
E.mail:[email protected]