يقع في الكبرياء الإنسان الذي يهتم بذاته بطريقة خاطئة أو أنه يحب ذاته بطريقة خاطئة فهو يكبر في عيني نفسه ويحب أن يكبر في أعين الناس..بل يحب أيضا أن يكبر أكثر من غيره.
مثال للذي يكبر في عيني نفسه.
كالشخص الذي يطيل النظر في المرآة يتأمل محاسن نفسه..!أو كالذين أرادوا في القديم أن يبنوا برج بابل,وقالوا بعضهم لبعض:هلمنبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه في السماء ونصع لأنفسنا اسماتك11:4..صدقوني يا إخوتي ربما كان هؤلاء أقل كبرياء في أعين أنفسهم من الذين قالوا:نصعد إلي القمر نرفع علم بلادنا إليه نصعد أيضا إلي المريخ نمهد إلي سكني الكواكب أو ننظم رحلات إليها.
كلها أمثلة للعقل البشري,حينما يكبر في عيني نفسه ويتصور تصورات أو تخيلات تليق بهذا اللون من الكبر.
أما الذي يريد أن يكبر في أعين الناس,وأن يمجدوه:
فهو مثل هيرودس الملك الذي وهو يخاطب الناس من علي عرشه سر أن يمجده الناس قائلينهذا صوت إله لاصوت إنسانأع12:22ففي الحال ضربه ملاك الرب بسبب كبريائه فمات وأكله الدود.ومثال آخر هو هامان في عهد أحشويرش الملك-الذي اضطهد مردخاي لأنه لم يسجد له مثل سائر الناس الذين يمجدونهإس3:3-6.
علي أن البعض لايكفيه أن يكبر بل يريد أن يكبر أكثر من غيره.
مثال ذلك أبشالوم بن داود الملك الذي أراد أن يصير أكبر من أبيه وأن يجلس علي العرش بدلا منه ودخل في حرب ضده2صم15:18
والذي يريد أن يكون أكبر من غيره يقع في حب الرئاسة ليكون أعلي من غيره قدرا وقد حورب الآباء الرسل بهذا الأمر من يكون الأول فيهم فقال لهم السيد الربأنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم فلا يكون هكذا فيكم بل من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدامت20:25-27
وطبيعي أن الذي يحب أن يكون الأكبر يكره أن يكون هناك من هو أفضل منه ونتيجة لهذا تدب روح الغيرة والحسد:
فلما رأي شاول الملك أن الفتي داود قد ناله مديح أكثر منه بعد أن انتصر علي جليات الجبار تملكته الغيرة والحسد فأراد قتل داود أكثر من مرة وطارده من مكان إلي آخر وتغير قلبه من جهته 1صم18:7-15.
أيضا قايين قام علي أخيه هابيل وقتله لأن الرب قبل ذبيحة هابيل ولم يقبل تقدمته هو فتملكته الغيرة والحسد التي انتهت به إلي القتل كذلك إخوة يوسف الصديق لما رأوا أنه قد صار أفضل منهم بالأحلام التي حكاها لهم وبالقميص الملون الذي منحه أبوه إياه لذلك حسدوه وازدادوا أيضا بغضا له, احتالوا عليه ليميتوه وأخيرا باعوه كعبدتك37.
نفس الغيرة أيضا دبت بين أختين شقيقتين هما ليئة وراحيل من أجل الأفضلية في إنجاب البنين وفي كسب محبة الزوجتك29:35,31حتي قالت راحيل: مصارعات الله قد صارعت أختيتك30:8
عجيب أن يشعر إنسان بكبره لأسباب تحيط بذاته من الخارج
مثال ذلك سليمان الملك الذي شعر بذاته لأسباب كلها خارجة عنه مثل قوله:بنيت لنفسي بيوتا غرست لنفسي كروما عملت لنفسي جنات وفراديس…عملت لنفسي برك مياه لتسقي بها المفارس المنبتة الشجر قنيت لنفسي عبيدا وجواري…وكانت لي أيضا قنية بقر وغنم أكثر من جميع الذين كانوا في أورشليم قبلي…وعجيب أنه قال بعد كل تلك الأسباب الخارجية:فعظمت وازددت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليمجا2:4-9بينما المفروض أن تكون أسباب العظمة من الداخل كقول المزمور:كل مجد ابنة الملك من داخلمز45:13
علي الرغم من إنهامشتملة بأطراف موشاة بالذهب ومزينة بأنواع كثيرةومع ذلك ما أكثر الذين يكبرون في أعين أنفسهم أو في أعين الناس بأسباب خارج الذات مثل السلطة والغني والمركز ما أشبه.
علي أن البعض قد يكبر بسبب ذاته:كأن يكون حكيما في عيني نفسه أو بارا في عيني نفسه.
الحكيم في عيني نفسه يعتد برأيه وبفكره ويظن باستمرار أنه علي صواب والحق في جانبه بينما يقول الكتاب:علي فهمك لا تعتمدولاتكن حكيما في عيني نفسكأم3:5-7
والحكيم في عيني نفسه لايري أنه محتاج إلي مشورة أو إلي نصح لأنه مكتف بذاته من جهة الفكر وواثق بمعرفته بل قد يصل في ذلك إلي مقاومة الرأي الآخر في عناد وتشبث برأيه,
أما البار في عيني نفسه فهو الذي يشعر أنه لايخطيء أبدا ولذلك فهو لايقبل عتابا ولايكون مستعدا لتغيير مسلكه.
والبار في عيني نفسه,والحكيم في عيني نفسه كلاهما يصيبهما الغرور.
والمغرور له ثقة زائدة في نفسه يظن في نفسه أكثر من حقيقتها بكثير ويعتد بنفسه وربما تكون له مواهب أو قدرات تتعبه تكون مصدرا لغروره أو قد يظن أن له مثل هذه المواهب والقدرات
المغرور بذاته يعتمد علي نفسه أما المتواضع فيعتمد علي الله.. الواثق بنفسه يكون كثير العمل أما المتواضع فيكون كثير الصلاة.
المغرور إذا نجح يفتخر بعقليته وجهده وعمله أما المتواضع فإذا نجح يشكر الله لأنه لم ينجح إلا بمعونة منه.
وهذا المغرور قد لايعمل شيئا ولكنه في كثير من الأحيان يسبح في أحلام اليقظة ويتخيل فيها أنه يقوم بعظائم الأمور!!وهو قد يقحم نفسه في أمور ربما تكون فوق مستواه ظانا أن يستطيع أن يبدي فيها رأيا أو يعمل فيها عملا وغالبا ما يفشل وإن فشل أو صده الناس قد ينطوي يتأمل في وحدته محاسن نفسه ومواهبها بعيدا عن مجتمع لايقدرها ولاينتفع بها!!