الذي يريد أن يكبر ذاته يعمل علي تحقيق ذاته في كل شيء
ويقصد بعبارةتحقيق ذاتهأنه يشعر بوجود هذه الذات وحفظ مكانتها في كل عمل تعمله حتي في الكنيسة وفي الخدمة يريد أن هذه الذات تظهر وتحقق وجودها وما أكثر ما تتحطم الخدمة بظهور الذات ومحاولتها أن تبدو وأن تسيطر ولا مانع من أن تصطدم بغيرها ويسود الانقسام والصراع في الخدمة بسبب الذات.
حتي في التعليم قد تحاول الذات أن تثبت وجودها
وربما في سبيل ذلك يوجد المنهج الخاص والتعليم الخاص والخروج عن المفهوم العام لتقديم مفهوم خاص تتميز به الذات وتظهر وقد تحاول أن تحطم التعليم القديم الثابت في الأذهان لتقدم تعليما جديدا…وهكذا تظهر البدعة وتدافع الذات عنها لتثبيتها وفي الخدمة ما أسهل أن تسعي الذات وراء المتكآت الأولي والمنافسة عليها فلا تكون الذات باذلة في مجال الخدمة بل تكون الخدمة هي الوسيلة التي تظهر بها الذات وتنال بها تقديرا واحتراما.
ومن أخطر ما تقع فيه الذات:الاستقلال عن الله
وكأن الذات تبحث عن ملكوتها هي,وليس عن ملكوت الله وتهتم بتنفيذ مشيئتها الخاصة لا مشيئة الله وتحقيق رغباتها هي لا وصايا الله وبهذا تبعد كل البعد عن حياة الطاعة والتسليم.
ومن الأمثلة البارزة في هذا المجال يونان النبي الذي هرب من تنفيذ أمر الله في الذهاب إلي نينوي والمناداة عليها بالهلاك لأنه كان يدرك إنها إن تابت بمناداته سيغفر الله لها ولاتهلك..فتسقط كلمته في المناداة عليها وقد حسب ذلك ضمن كرامته!!
لذلك عندما رحم الله أهل نينوي, غم ذلك يونان غما شديدا فاغتاظ وقال:الآن يارب خذ نفسي لأن موتي خير من حياتييون4:1-3
ومن مظاهر استقلال النفس عن الله رغبتها في أن تحيا في حرية مطلقة ولو تعصي فيها كل وصاياه!!
وهذا ما وقع فيه الكثيرون وقادتهم الحرية الخاطئة إلي التسيب والانحلال وإلي الإباحية والشذوذ والمطالبة لأنفسهم بحقوق في إباحيتهم وشذوذهم ومن أمثلة ذلك أيضا الوجوديون الذين رأوا أن وجودهم لا يتحقق في ظل وصايا الله فنادوا بأنه من الخير أن الله لايوجد لكي يوجدوا هم أي لكي تتحقق لهم الحرية الكاملة في التمتع باللذة المنحرفة مستقلين عن الله…!
والذي من أجل تحقيق ذاته يأخذ هذا الموقف من الله طبيعي جدا أن يأخذ نفس الموقف من أب الاعتراف.
فهو لايريد أن يكون أب اعترافه عائقا لحريته, لذلك لايطيعه إلا فيما يتفق مع غرضه هو وإن نصحه أب الاعتراف بتدبير يراه ضد فكره واتجاهه يجادله ولو إلي حد عدم الاستجابة لإرشاده وقد يلجأ إلي عدم استشارته مطلقا في أي أمر يشعر بأنه سيرفضه.. وبهذا يريد أن يكون أب اعترافه مجرد جهاز تنفيذي لرغباته يعطيها شرعية كنسية بالموافقة عليها!وإلا يطلب تغييره!
وتكون نتيجة سيطرة الذات عليه أن يسلك حسب هواه…
والإنسان الذي يحب ذاته بمثل هذه المحبة الخاطئة تظهر هذه الذات مسيطرة في معاملاته.
فهو يريد أن يكون أهم من غيره ويريد احتراما لذاته من كل من يتعامل معه ويكون حساسا جدا لكرامته وسمعته ونفوذ كلمته!
وبسبب ذلك ما أسهل أن يصطدم بغيره وتقوده الذات إلي خصومات وربما إلي معارك ويقوده التنافس إلي الحسد.
وتظهر الأنا EGO واضحة في تعامله تقوده إلي الأنانية التي تسبب له كراهية الناس وتجنبهم للاختلاط به.
ويميل إلي العظمة وتشامخ الروح ويود أن تكون هذه العظمة له وحده وتزول من غيره لتستقر عنده ويستاء من كل مديح يوجه إلي غيره كما لو كان إعجاب الناس وقفا عليه وحده!
والمهتم بذاته يقع أيضا في الطمع.
وينطبق عليه قول الكتابكل الأنهار تجري إلي البحر والبحر ليس بملآنجا1:7ذاته لا تحاول أن تكتفي في كل المجالات لا تكتفي غني ولا عظمة ولا مديحا.
أليس أن الشيطان لم يكتف بما كان فيه من مجد فأراد أن يرتفع فوق كل كواكب الله بل أن يصير مثل العلي!1ش14:13-14وفي طمع الإنسان المحب لذاته قد لايسمح بأن يعطي فرصة لغيره أن ينال شيئا إلي جواره كما قيل عن رعاة لوط إنهم اختصموا مع رعاة إبراهيم لما كثر الخير فتنافسوا علي المراعي وقيلت تلك العبارة المؤلمةولم تحتملهما الأرض أن يسكنا معاتك13:6والذي تقوده الذات إلي الطمع يصعب عليه العطاء.
فيجب الأخذ أكثر من العطاء بعكس وصية الربأع20:35
من أجل تمركزه حول ذاته.. يصعب عليه دفع العشور والبكور ويصبح العطاء كأنه انقطاع من ذاته وفي قصة الغني ولعازرلو16 كان لعازر يشتهي الفتات الساقط من مائدة الغني وذلك لايعطيه وبالتالي فإن المحب لذاته-إذ أعطي-يصعب عليه أن يعطي في الخفاء لأن ذلك لايمجد ذاته في أعين الناس.
وإن أعطي يكون عطاؤه كله خارج ذاته بينما أعظم العطاء هو في بذل الذات لأجل الغير حسب قول الربيو15:12.
والمحب لذاته يقع في الافتخار وفي تبرير الذات
فهو يكثر الحديث عن نفسه وفضائلها وبلا شك يتحدث عن أنصاف الحقائق لأن النصف الآخر من الحقيقة وهو ضعفات ونقائص تلك النفس,لايذكره في حديثه…