الدور المصري وتأثيره في الاقتصاد العالمي واضح في كل الترتيبات الاستراتيجية التي تدور في فلك الاقتصاديات العملاقة وظهر هذا الدور بقوة ليبين أننا لدينا لهجة وطابع تأثير مباشر في عولمة الاقتصاديات وكانت نتائجه في القمم الحديثة للعشرين الكبار التي عقدت في مدينة أوساكا باليابان خلال يومي 28 و29 يونية 2019 التي تطرقت إلي مناقشة العديد من القضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية من بينها الطاقة والبيئة والمناخ والاقتصاد والتجارة والرعاية الصحية والتعليم والعمل والملفات المحورية علي رأسها الاقتصاد العالمي, ومدي تأثير الاختلالات في الاقتصاديات العالمية وبالإضافة إلي طرح المخاطر الرئيسية التي تهدده.
كذك تطرقت القمة إلي ملف التجارة والاستثمار, إذ دارت المناقشات حول تشجيع الاستثمار في البنية التحتية, فضلا عن التدابير التي تهدف لزيادة تعزيز أساس التنمية المستدامة والمرونة المالية ضد الكوارث الطبيعية مثل تمويل مخاطر الكوارث, هذا بجانب قضية الابتكار ودراسة كيفية الدفع في هذا المضمار, بما في ذلك الرقمنة, لتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية.
ولخصت الدول لمجموعة العشرين علي توجيه رسالة قوية لدعم التجارة الحرة والنزيهة وإيجاد كل السبل التي ستعزز علي نحو كبير التحسن في منظومة تجارية متعددة الأطراف والمفاوضات بشأن اتفاقات للتعاون الاقتصادي, كذلك درء كل المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلي هبوط الاقتصاد العالمي في ظل التوترات التجارية والجيوسياسية سواء علي الصعيد الشرق أوسطي أو علي مستوي العملاقين في التجارة العالمية لكل من أمريكا والصين, ونجد بين تلك الخطوط العريضة القرية المصرية في البنية التحية وإعادة اتزان القوي ما بين العرب وإيران والتأثير المصري الإيجابي للحفاظ علي ليبيا والسودان للاستفادة من الآليات التي تملكها في منطقة الشرق الأوسط سواء تأثيرها العربوجيوسياسة وأيضا التكتل التجاري لمثلث الكوميسا والساداك وشرق أفريقيا في القارة الأفريقية وأن رئاسة دولة مصر كان لديها المنظور الناجح لجمع القارة مرة أخري وتبادل المنافع والتركيز علي عودة الدور لمجلس الأمن والسلم الأفريقي والذي يمثل آلية الاستثمار والتجارة الآمنة داخل القارة.
وتشارك مصر أيضا في مجموعة السبع الكبار التي انطلقت مؤخرا بمدينة بياريتز بفرنسا وتكثر التحديات في هذه القمة والمعضلات بسبب تهديد بفرض رسوم جمركية علي واردات أمريكا من النبيذ الفرنسي, ردا علي الخطوة التي اتخذتها باريس مؤخرا بفرض ضرائب علي شركات الخدمات الرقمية, والتي تري واشنطن أن من شأنها الإضرار بكبري شركات التكنولوجيا الأمريكية, تطرقت أعمال القمة إلي مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست), المقرر لها في الحادي والثلاثين من أكتوبر المقبل والذي يستمر فيه الخلاف بشأن اتفاق الخروج, وخاصة ما يتعلق بمسألة الحدود بين أيرلندا الشمالية (التابعة لبريطانيا) وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي بعد إتمام بريكست, وتناولت القمة السبل لدفع كبري الديمقراطيات الاقتصادية في العالم, إلي بذل المزيد الجهد لمواجهة تداعيات التغير المناخي, مستشهدا بالحرائق في غابات الأمازون للفت النظر للحاجة الماسة للتحرك في هذا الاتجاه.
وأيضا تناولت القمة إثارة المزيد من الأزمات والجدل من شبكة فيس بوك, فبعد خروجه من دائرة الأهداف التي تأسس لأجلها, واقتحامه لسوق الصحافة والإعلام, وارتكاب إداراته جرائم انتهاك لحقوق الملكية الفكرية, وأخري ترقي للاحتكار ومنازعة وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية في سوق الإعلانات, بات الموقع الأزرق يشكل في الوقت الحالي مصدر تهديد واضح وصريح للاقتصاد العالمي بأكمله, بعد إعلانه التخطيط لإطلاق عملة رقمية جديدة تحمل اسم ليبرا ليعرب وزراء مالية تلك الدول عدم قبولهم لتلك العملة الجديدة التي تهدد الاقتصاد العالمي والعملات التقليدية وفي مقدمتها اليورو العملة الرسمية لدور الاتحاد الأوروبي.
وجاء أيضا الدور المصري في خلال القمة كأداة اتصال ونقل لمخاطر أخري بسبب تغيرالمناخ والتنوع البيولوجي وأظهرت مصر أن أفريقيا المتضرر الأكبر من آثار الظاهرة وحجم الانبعاثات من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وأوصت مصر لأهمية التمويل المستدام للدول النامية لمواجهة تلك الظاهرة وأعلنت مصر انضمامها لميثاق ميتز إيمانا منها بضرورة الحفاظ علي التنوع البيولوجي وحماية المحيطات. إن التواجد المصري البناء في المحافل الاقتصادية العملاقة مثال قمم العشرين والسبع الكبار أعطي الثقة والقدرة علي الدور المصري الجيو سياسي والتأثير المباشر في الاقتصاديات العالمية لما تتمتع به مصرمن قوة ترابط شعبي لبناء نواة اقتصادية جديدة من أرض الكنانة تتمثل في مركزية سوق الطاقة لجغرافية الدولة والاقتصاد المختلط الحر وحجم الاستثمارات الأجنبية التي استقبلتها مصر منذ 2016 حتي الآن مما يعني أن الدور المصري أصبح ضرورة للمصالح العالمية وهنا يتضح أن لغة الكبار تركز علي لغة المصالح لدي الاقتصاد المصري والدور المصري.. وإلي تكملة قادمة.