أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والقضايا الاقتصادية
سمعنا الكثير بأن الحكومة تعمل جاهدة لإيجاد حلول فعالة لحل مشكلة البطالة, ولكن حتي الآن لم نر مشروعا متكاملا لحل هذه الأزمة الخطيرة والتي تتفاقم سنة بعد أخري لخروج حوالي ثلاثة أرباع مليون شاب لسوق العمل سنويا كلهم مملوؤن حماسة ليعملوا ويجاهدوا ليصلوا إلي النجاح الذي ينشدونه, وكذا ليكسبوا رزقهم وبناء مستقبلهم, فما يلبثون أن يصابوا بالإحباط بعد ترددهم علي الشركات والمصانع المختلفة بدون جدوي لعدم وجود عمل لهم. لقد مضت علي بعضهم أشهر بل وسنوات قد تبلغ الست سنوات وهم يحاولون بشتي السبل الحصول علي عمل ينهي حالة اليأس التي أصيبوا بها وليكسبوا ما يقتاتون به.
إن الغالبية العظمي من هؤلاء الشباب هم أولاد عائلات فقيرة مطحونة, لاقي والداهم الأمرين والضنك لكي ينشئوهم ويعلموهم آملين في أن يساعدوهم بعد تخرجهم في تربية باقي إخوتهم, وليروهم في المستقبل أصحاب عائلات تشرح صدورهم وتملأهم بهجة وحبورا, فكما صرفوا عليهم من الدخل الضئيل الذي يحصلون عليه وحرموا أنفسهم من أشد الضرورات, كما استدانوا ليوفروا لهم أجر الدروس الخصوصية, بعد كل ذلك جاء الهم والألم ليجدوهم مازالوا عبئا عليهم بدلا من أن يصبحوا عونا لهم.
كم صرفت عليهم الدولة في مراحل التعليم المختلفة, حتي تخرجت هذه الملايين من العاطلين, والذين لا نعلم عددهم بالضبط لافتقارنا إلي الإحصاءات الدقيقة ولكن يقدرهم البعض بستة ملايين عاطل أغلبهم في حالة يرثي لها حاجة وفقرا مدقعا, إن ظروف هؤلاء العاطلين سيئة جدا فهم في حالة مؤلمة من جميع النواحي, فمعيشتهم مع عائلاتهم المحتاجة لجهدهم للمعونة علي الحياة وما يكتنفها من غلاء فاحش ودخل قليل, فهم يشعرون بأنهم عبء ثقيل علي والديهم, بل وفي كثير من الأحيان فإنهم غير مرغوب فيهم, وفي نفس الوقت يحسون بإذلال لأنهم يحتاجون لملابس وبعض المصاريف الشخصية الضرورية ولا يجدون, وكفي عائلاتهم أنها تحتمل إيواءهم وأكلهم.
إن هؤلاء العاطلين هم قنابل موقوتة يعتمد انفجارها علي قوة احتمالهم لهذا الضنك والآلام النفسية والشعور بالذل والمهانة, وأن السنين التي صرفوها في التعليم ذهبت هباء وبدون فائدة أو نتيجة, وإن الآمال الكبيرة التي كانوا يؤملونها ضاعت, ولا أمل في العمل أو الحصول علي المال من طريق شريف, هذا الشعور البغيض يقود الكثير منهم إلي طرق غير شريفة, فمنهم من يجرفه تيار الجريمة بشتي سبلها, فمن نصب واحتيال, إلي سرقة, إلي الجرائم المختلفة من نهب وقتل وتهديد, إن مأساة البطالة هي السبب الرئيسي لانتشار الإرهاب, فالغالبية العظمي من الإرهابيين لا يعرفون شيئا عن الدين وليس هو سبب اقترافهم لهذه الجرائم البشعة في حق وطنهم ومواطنيهم, بل هو حقدهم علي المجتمع, وحاجتهم الشديدة إلي المال, فبعد أن كانوا يتمنون أن يحصلوا علي بضعة جنيهات أصبحوا يحملون المئات بل والآلاف من هذه الجنيهات التي يغدقها عليهم محركوهم وراسمون خطط اعتداءاتهم.
إن مأساة البطالة يجب أن تأخذ الاهتمام الأول والجهد الأكبر من الحكومة والشعب بأكمله خصوصا الأحزاب ورجال الأعمال وأصحاب الفكر والرأي حتي يمكن الحصول علي حلول سريعة وحاسمة, والله الموفق.