د.خالد عكاشة: طبعات متعددة من الإرهاب تستهدف إسقاط الدول والسيطرة على النفط
غادة والى: مصر تتبع إجراءات حمائية وصولاً لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية
عقد معهد الشرق الأوسط بواشنطن بالتعاون مع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية مؤتمراً في نيويورك، تحت عنوان “مصر في شرق أوسط متغير” ،وذلك بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين السياسيين، من مصر والولايات المتحدة، وذلك على هامش الاجتماعات رفيعة المستوى للجمعية العامة الرابعة والسبعين للأمم المتحدة بنيويورك.
اقترح بول سالم -مدير المعهد – تكوين تحالف عربي يضم مصر والسعودية والإمارات، قائلاً: ” يجب أن يقوم هذا التحالف بالتعامل مع الانقسام العربي الداخلي خاصة في الخليج”، مشيراً إلى أن مصر في وضعية تسمح لها بلعب هذا الدور، خاصة أن لديها سلام مع إسرائيل وعلاقات مع دول المنطقة، وبالتالي فإنها قادرة على القيادة، حتى لا تظل المنطقة معتمدة على الولايات المتحدة.
من جانبه، قال الدكتور بول سالم رئيس معهد الشرق الأوسط فى واشنطن، إن العلاقات الأمنية بين مصر والولايات المتحدة مستقرة، خاصة أن مصر تمثل نقطة ارتكاز مهمة لامن واستقرار منطقة قناة السويس والبحر الأحمر وتأمين الملاحة الدولية والملاحة الجوية، موضحاً أن القاهرة وواشنطن شركاء من بداية القرن الماضى، وهذه العلاقة مهمة جدا لوجود سلام فى المنطقة، ومن الناحية الاقتصادية فأن مصر شريكة فى الاستثمار، كما أن مصر حافظت على استقراراها فى الفترة السابقة، رغم التغيرات التى تشهدها المنطقة، وهو ما يلقى تقديرا من جانب واشنطن.
وأشار بول سالم إلى أنه بالنظر إلى النظام السياسى فى مصر فهناك بعض التطورات خاصة فى الشئون الخارجية، ومن منظور واشنطن فإن تطور النمو والاستقرار فى مصر مهم جدا، وقال ” اذا سقطت مصر ستكون مشكلة كبيرة، لكن القيادة المصرية حافظت على الاستقرار”.
ودعا سالم، إلى أن تقود مصر المنطقة وتأخذ دور القيادة، حتى لا تظل المنطقة معتمدة على السياسة الأمريكية، مشيراً إلى أنه لفترة طويلة اعتمد الشرق الأوسط على قوى خارجية لحل مشكلاتها، وتحديدا اعتمدت على الولايات المتحدة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحل المشكلة مع إيران، واضاف:” جاء الوقت الذي تأخذ فيه مصر دور الريادة، لأنها دولة كبيرة وأكبر دولة عربية وتستطيع أن تلعب هذا الدور في المنطقة، خاصة أنه حينما خرجت مصر من المنطقة في 1979 بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل لم يكن هناك البديل الذي يملأ الفراغ المصري.
من ناحية، أخرى قال بول سالم:” حينما نتحدث المشكلة الفلسطينية والتي تسبب مشكلات مستمرة في المنطقة، فإن المنطقة يجب ألا تعتمد على “جاريد كوشنير” ومبادرته الخاصة بحل القضية، بل يجب على التحالف العربي أن يتدخل بقوة فى هذه القضية دون تردد”
وكوشنير، رجل أعمال ومستثمر أمريكي يهودي أرثوذكسي، ونجل قطب العقارات الأمريكي تشارلز كوشنر، كما أنه متزوج من إيفانكا ترامب، ابنة رجل الأعمال ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.برز اسم جاريد كوشنر قبل أيام من طرح “صفقة القرن” والإعلان عنها، تحضيراً لإنهاء القضية الفلسطينية وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، مقابل أموال واستثمارات تقدمها الدول المانحة للدول التي ستقبل بتوطين الفلسطينيين على أرضها.
كما تحدث بول سالم عن تركيا وإيران باعتبارهما من اللاعبين في المنطقة، وقال إن تركيا هي لاعب أساسي، لكن للأسف تسبب سياسات الحزب الحاكم في تركيا الذي يقوده الإخوان المسلمين في مشاكل مع الدول العربية، التي لم يعد لها علاقات سياسية الآن مع أنقرة، داعياً دول المنطقة إلى البحث عن آليات مختلفة للتعاون، مشيراً إلى أنه يمكن إيجاد آلية للتعاون بين التحالف العربي المكون من مصر والسعودية والإمارات، مع كل من إيران وتركيا من خلال شعوب الدولتين، وقال إن الشعب الإيراني يقف في منطقة أخرى بصفة مختلفة عن الحكومة الإيرانية، ويمكن أن نعتبر ذلك فرصة للمشاركة معهم والتعامل بطريق معينة.
وأضاف بول سالم أن استقرار المنطقة يتطلب أن يكون هناك استقرار عربي، على أن يشمل ذلك أيضاً تركيا وإيران وإسرائيل ليكون هناك شرق أوسط توسعي أكبر، بحيث نفهم بعضنا البعض عن طريق السلام وليس الحروب.
وشدد بول سالم على أن مصر تعي جيدا حجم التغيرات التي تجرى في المنطقة، كما أن القيادة المصرية تتحرك بصفة جادة نحو الديمقراطية، والإصلاحات الاقتصادية الداخلية.
طبعات متعددة من الإرهاب
وقال الدكتور خالد عكاشىة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، :”يتم استخدام الإرهاب، من خلال حروب الوكالة، بمعني استخدام الإرهاب لتحقيق نفوذ علي الأرض أو التأثير في الخصوم. وأشار إلى أننا نواجه طبعات متعددة من الإرهاب بعد ظهور جماعة الإخوان عام ١٩٢٨ والتي صاحبها جناح يستخدم العنف وصولا إلي الطبعة الأخيرة لأنها تمتلك قدرات هائلة استطاعت اسقاط دول وإعلان مدينة عربية كعاصمة لها. والحقبة الحالية شهدت انغماس صريح لجماعة الإخوان في العنف، بعد عقود من استغلالها التنظيمات الإرهابية الأخري للقيام بأعمال عنف لمصلحتها. التنظيمات الارهابية توجهت للسيطرة علي حقول النفط، والتواصل مع جماعات الجريمة المنظمة بجانب استغلال التكنولوجيا في التجنيد علي نطاق واسع.
وتوقع عكاشة أن تقوم جماعة الإخوان باستغلال أكبر للتكنولوجيا والأسلحة المتطورة في التكتيكات علي الأرض. مشيرا الى ان منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة دقيقة وخطيرة، وتشهد أنماطاً مختلفة وغير تقليدية من التهديدات والتفاعلات الجيوسياسية والاستراتيجية، سواء على مستوى وحدات الأقليم أو علاقاته الإقليمية أو في علاقة الإقليم بالقوى الخارجية، لافتاً إلى أنه إلى جانب استمرار ظاهرة الدولة المنهارة والمأزومة والتي تكرست كجزء من تداعيات ما عرف بالربيع العربي، والصعوبات العديدة التي ما زالت تواجه مشروعات التسوية السياسية في هذه الدول، وإعادة وضعها على مسار الدول الطبيعية فإن تداعيات وتكاليف هذه الظاهرة لم تعد تقف عند الحدود السياسية لهذه الدول، وما زال هناك فاعلين إقليميين يسعون للحفاظ على هذه الحالة بل وتعميقها.
وأضاف عكاشة: ” الأمر نفسه يتعلق بظاهرة الإرهاب فرغم هزيمة داعش لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال الادعاء بانتهاء داعش كتنظيم أو كأيدولوجيا، وهناك مؤشرات عديدة تؤكد محاولة التنظيم التأقلم مع مرحلة ما بعد الدولة، من خلال بناء استراتيجية جديدة، تضمن له البقاء من ناحية ومزيد من الانتشار على حدود الإقليم من ناحية أخرى، على نحو يفتح المجال أمام سيناريوهات مختلفة وخطيرة لمرحلة ما بعد دولة داعش، ومن بينها زيادة حالة التماهي والتنسيق بين التنظيمات الإرهابية الكبرى فى المنطقة، أو بين التنظيمات الإرهابية المحلية، وقد ضاعف من خطورة واستقرار مصادر التهديد بالإقليم سياسيات بعض القوى الإقليمية التى تلعب دورا معلنا فى توسيع حجم التفاعلات الصراعية فى الإقليم من خلال أدوات عدة، أبرزها الاستثمار السياسي والمالي والإعلامي لهذه القوى فى الوكلاء المحليين من الفاعلين المسلحين من غير الدول استنادا إلى ارتباطات طائفية وأيديولوجية.
وتخلل المؤتمر ثلاث جلسات تناولت الأولي منها التغيرات بالمنطقة من حيث الخريطة السياسية والاستراتيجية الحالية لمنطقة الشرق الأوسط، اما الجلسة الثانية فتناول المشاركون فيها القضايا الإقليمية الراهنة وصور التهديدات الجديدة بالمنطقة، بينما يتطرق المشاركون في الجلسة الثالثة الى مصر الجديدة من حيث التطورات الاقتصادية والمشروع العمراني المصري وعملية التحديث الإداري والتحول الرقمي التي تشهدها مصر والسياسات الإقتصادية والإجتماعية خاصة سياسات الاصلاح الإقتصادي والبعد الإجتماعي وحزمة مشروعات الحماية الإجتماعية مثل برامج الصحة وحياة كريمة وتكافل وكرامة وطرح وجهات نظر مصرية بشأن التعامل مع ملف الإرهاب وقضايا حقوق الإنسان بمفهومها الواسع.
حضرت المؤتمر ايضا الوزيرة غادة والى وزيرة التضامن، وشارك فى الجلسات عدد من شباب الباحثين بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية كما عُقدت جلسة ختامية مغلقة لخبراء المركز المصري ومعهد الشرق الأوسط تبحث في افاق التعاون والشراكة بين المركزين في المستقبل.
الاصلاح في مصر خضع لمعايير وتجارب دولية
من جانبها، قالت غادة والى، وزيرة التضامن الإجتماعى:” الدولة وضعت إجراءات الحماية الاجتماعية التى ساعدت فى نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادى” مشيرة إلى أن هذه الاجراءات بدأت فى مارس 2015، بعد دراسات استغرقت لمدة عام، وبعد الاطلاع على تجارب دولية قبل تطبيقها فى مصر، ولافتة إلى أنه استطعنا الوصول بمنظومة الدعم النقدى من مليون أسرة إلى 3 مليون و250 ألف أسرة بما يعنى 15 مليون مواطن.
وأوضحت غادة خلال كلمتها بالجلسة الثالثة للمؤتمر:”منذ ان توليت الوزارة وجدت أن مصر لديها أنواع مختلفة من الدعم النقدى، من بينها دعم التصحر ودعم مصابين حرب 1948، وأنواع دعم متنوعة تركت لسنوات دون مراجعتها، فتم تجميع الدعم فى برنامج واحد من خلال تجميع قاعدة البيانات، ليكون لنا لاول مرة قاعدة بيانات للفقراء لكل من يرى فى نفسه احتياجه لمظلة الحماية الإجتماعية للدولة، لافتة إلى البرنامج حصل على جوائز وتقيمات دولية مرتفعة، كل هذه الاجراءات تتم من خلال قواعد بيانات ومنظومة مميكنة، مربوطة أيضاً بمنظومة تظلم، لمراجعة تظلمات المواطنين.”
وأشارت الوزيرة إلى أن برنامج الاسكان الاجتماعى هو أكبر برنامج للحماية الاجتماعية خاصة أنه يقوم على نقل سكان العشوائيات إلى مساكن جديدة، بالإضافة إلى برنامج مد شبكات الصرف الصحى للقرى، من 12% إلى 34%، وهو من البرامج المهمة لأنه يحمى الأسرة وصحتها ويحسن من جودة الحياة، ويوفر فرص عمل فى القرى للعمالة محدودة المهارة، وكذلك برنامج للتغذية المدرسية، حيث يوجد 19 مليون تلميذ فى التعليم العام و2 مليون فى الأزهرى، بمجموع 21 مليون تلميذ منهم 11 مليون يحصلون على وجبات مدرسية يومية، حدد مكوناتها معهد التغذية فى وزارة الصحة، ولها أكثر من هدف، فلها أثر المناطق الفقيرة وتحقق العدالة بين كل التلاميذ، كما ان هناك برنامج لدعم الاقراض، خاصة مع أرتفاع سعر الفائدة فى السنوات الماضية كان هناك 200 مليار جنية بفائدة صغيرة للمشروعات الصغيرة، والتصديق على مشروع للتأمين الصحى، كما أن الحكومة ستقوم بدفع الاشتراك للفئات الأولى بالرعاية.
كما أشارت إلى مجموعة من البرامج الأخرى التى يتم العمل عليها حالياً فى مصر منها برنامج محاربة الادمان والتعاطى، وبرنامج أطفال بلا مآوى، وبرنامج لتطوير مؤسسات الرعاية، وبرنامج حياة كريمة وسكن كريم، والذى نشأ كتحليل لقاعدة البيانات المتاحة حاليا لدى الحكومة، موضحة ان تلك الإجراءات والسياسات للحماية الإجتماعية تقودنا إلى تحقيق مبدأ العدالة الإجتماعية.أن إجراءات الحماية الإجتماعية هى برنامج مصرى تم تصميمه فى مصر بعد الاطلاع على تجارب دولية عدة وتم تطبيقه بما يتلائم مع الاوضاع المصرية.
ورداً على سؤال حول المعلومات المتاحة فى مصر عن الاقتصاد غير الرسمى، قالت غادة والى:”أن الاقتصاد غير الرسمى قضية شائكة ومعقدة جداً، فهو يتيح الكثير من فرص العمل، لافتة إلى أن التحول من الاقتصاد غير الرسمى إلى الرسمي مرتبط بحزمة مزايا وتشريعات ومزايا تتيحها الدولة للمواطنين، مشيرة إلى أنه لا يتم التعامل مع القطاع غير الرسمى كحزمة واحدة، وانما من خلال كل قطاع على حدا، وضربت المثال على ذلك بإن الدولة بدأت فى إجراءات تقنين أوضاع شركات النقل عبر الوسائل التكنولوجية، كما أن هناك قطاعات أخرى يتم العمل عليها حالياً.
وحول ما اذا كانت الحكومة المصرية مهتمة بالذكاء الأصطناعى، قالت الوزيرة :” هناك خطة للرقمنة أعلنت عنها الحكومة المصرية تتضمن حكومة الكترونية وقواعد بيانات ودفع الكترونى، وأمور أخرى كثيرة تواكب التطور العالمى، وهناك عدد من الكليات التكنولوجية التى تم الإعلان عنها مؤخراً، وهو جزء من تطوير التعليم الذى تسير عليه الدولة حاليا، وكل هذه الأمور تؤكد اهتمام الدولة المصرية بالتكنولوجيا والذكاء الأصطناعى.
وقال الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية فى كلمته للمؤتمر:” أننا نعيش فى منطقة مليئة بالصراعات، ومازالت منطقة ساخنة، و مصر لازالت الدولة التى تشهد استقرارا فى المنطقة، وهذا شئ من الصعب ان تعثر عليه بين دول المنطقة.وبالنظر للوضع فى مصر، فهناك طريقتين للتعامل مع مصر، الطريقة الامريكية والتى يتم النظر من خلالها لمصر على أن منطقة عملية، أما الطريقة الأخرى فهى المصرية التى تشير إلى أن الدولة لديها الكثير من الخبرات لأنها مرت بصراعات وثورات.وأضاف:” أن ما تحقق فى مصر خلال الخمس سنوات الماضية هى أكبر مسيرة للدولة فى العصر الحديث.
مشيرا الى انه بعد ثورات الربيع العربي ظهرت الدولة الفاشلة والمفككة، وهناك الالاف من القتلي والجرحي والمشردين اليوم مما جعل التركيز اقل علي الصراع العربي-الإسرائيلي فيما صار للقوي الإقليمية تركيا وإيران وإسرائيل تدخلات “سلبية” في المنطقة. وأشار الدكتور سعيد إلي أن العقد الأخير شهد تغير هيكلي كبير مع الظهور القوي لقوي الإسلام الراديكالي إلا أن تلك القوي لم يعد بإمكانها الوصول إلي السلطة لسببين الأول هو ثورة ٣٠ يونيو في مصر وتراجع دور تلك التنظيمات في مصر والمنطقة، والثاني هو استعادة الدولة الوطنية في دول مثل العراق وسوريا.
التحرك للأمام
من جانبه قال الدكتور جمال عبد الجواد، رئيس برنامج السياسات العامة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية:” أن مصر مرت بخبرات متعددة، منها ما حدث فى 2011، وهو ما أعطى الدولة خبرة فى التعامل مع مثل هذه الأزمات، وفى حين تعانى دولاً بالمنطقة من حروب أهلية، الا أن مصر كانت محظوظة لأنها تجنبت هذا الأمرلان مصر تسير وفق سياسة واقعية”، مشيرا الى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، قام بعمل نظام يمثل نموذج فى المنطقة بطريقة متسارعة جدا، كما أنشأ نظام اقتصادى يشهد نجاحا، لافتاً إل أن الوضع فى مصر مثال على كيف تسعى الدولة إلى تفعيل النظام السياسى لاستحضار الاصلاح الاقتصادى، موضحاً أنه من مجمل ما يحدث يمكن القول أن مصر فى الغالب جاهزة للتحرك للأمام، مشيراً إلى أن السياسات التى تم تنفيذها مؤخراً فى مصر يمكن اعتبارها خطة طوارئ استثنائية، واستطاعت مصر أن تكون دولة فعالة فى تحقيق النمو الاقتصادى والاصلاح السياسى.
أما دكتور نهى بكر، عضو اللجنة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقدمت عرضاً عن المناخ الاقتصادى فى مصر والمشروعات الكبرى التى تم تشييدها فى مصر مثل قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، والمليون ونصف مليون فدان وغيرها من المشروعات الكبرى التى أدت إلى زيادة استيعاب أكبر عدد فى سوق العمل.
تهديد الإسلام السياسي
استهل بلال صعب مدير برنامج الدفاع والأمن بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن كلمته للمؤتمر بالتأكيد علي أن التعامل مع التهديدات علي أنها متداخلة، يجعل الحل مسألة صعبة للغاية، وقال :”أن الطريقة المثلي للتعامل مع التهديدات هو البحث عن أسباب تلك التهديدات، مشيرا إلي أن البحث عن قيادة أمريكية لحل قضايا منطقة الشرق الأوسط لم يعد له مكان لأن تلك القيادة لم تعد موجودة مثلما كانت في السابق.
وتابع صعب عن الصراع “الإيراني-السعودي” متسائلاً:” ماذا ستفعل الدول المختلفة في حال شن إيران لهجمات جديدة؟ وتنبأ بأن تلك الهجمات سوف تتكرر من أجل الألتفاف حول العقوبات المشددة التي تفرضها الإدارة الأمريكية الحالية، علما بان موقف الإدارة الحالية هو عدم التدخل طالما ليس هناك قتلي أمريكيين.” مشيراً الى أن الجيش السعودي قادر علي توجيه ضربات، ولكنه ربما لا يكون قادرا علي إنهاء حرب محتملة مع إيران والموارد السعودية موجهة في الوقت الحالي لرؤية ٢٠٣٠.كما أشار.
القضية الفلسطينية
من ناحيته ركز اللواء محمد إبراهيم في مداخلته علي القضية الفلسطينية، فقال أن مبادرة السلام العربية واقعية وعملية جدا، وتمثل تطبيعا كاملا وسلاما كاملا مقابل إنسحاب كامل من الأراضي العربية المحتلة ومن ثم لابد من تحرك الجميع في إتجاه إعادة قراءة المبادرة العربية مرة أخري. وقال اللواء إبراهيم :” الموقف الإسرائيلي يبتعد عن مستويات التسوية السلمية بكثير إعتمادا علي انحياز أمريكيا خالصا وكاملاً، اذ لم تنسحب إسرائيل علي متر واحد من الضفة الغربية وهو امر بالغ الخطورة بل وتتجه إلي ضم المستوطنات في الضفة وغور الأردن. وإسرائيل تستغل القواسم المشتركة مع دول “سنية” معتدلة فيما يخص قضايا مكافحة الإرهاب والمد أو التهديات الإيرانية من أجل المضي في خططها.
مشيراً إلي أن الرئيس محمد عباس أبو مازن يمثل محور الإعتدال في المنطقة والقضية الفلسطينية وتهديده يعني تهديد الاستقرار لأنه لم يتحدث أبدا عن المقاومة المسلحة. كما أن قطاع غزة يمثل قنبلة موقوتة في المنطقة. ودعا اللواء إبراهيم إلي مراجعة الموقف الأمريكي الذي وصفه بأنه كان متقدما جدا ومثمرا جدا ثم إنتقل إلي الموقف المتحيز إلي إسرائيل مثل الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
مصر والوضع في ليبيا
أما جوناثان وينر الباحث بمعهد الشرق الأوسط فقال:”مصر لاعب مهم في ليبيا وهناك تهديدات من وجود الإخوان ومحولاتهم الوصول إلي السلطة إلي جانب التهديدات الإرهابية القادمة بقوة من الأراضي الليبية.” وأضاف الخبير الأمريكي :”هناك دور كبير للفاعلين العرب والإقليميين في ليبيا سواء من حيث توفير السلاح والدعم المادي إلا أن هناك تضارب كبير في مصالح الفاعلين وهناك صراع علي الموارد فيما تحاول ليبيا استعادة انتاجها من النفط والعودة إلي ما كانت عليه في السابق. وإختتم وينر مداخلته بالتأكيد ان رؤية مصر الأمنية في ليبيا هي “رؤية حقيقية”.
منهج مصر
من ناحيته قال الدكتور محمد كمال الباحث فى المركز المصرى للدراسات السياسية والاستراتيجية:” ان نهج مصر تجاه أزمات المنطقة، بالنظر إلى عدم الاستقرار في المنطقة والصراعات التي طال أمدها ، كان حذرًا ، حيث دعا إلى إتمام تسويات سياسية مع تجنب أي تدخل عسكري يمكن أن يجر البلدان إلى الصراع. والأمر الأخر، أن مصر تريد أن تكون شريكا ، وليس قائدة في الشرق الأوسط ، على الأقل خلال هذه الفترة، فيما أعتبر تغييرا عن الخطاب المستمر منذ عقود حول القيادة الإقليمية ، حيث أعلن وزير الخارجية شكري قبل اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري في 5 مايو 2016 ، أن “مصر لا تسعى إلى القيادة ولكن إقامة علاقات شراكة.
في هذا السياق ، أشار د. كمال أن مصر منحت الأولوية لإقامة شراكة مع دول الخليج العرب، وبخاصة السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقد كانت هذه الشراكة الثلاثية نشطة في العديد من القضايا الإقليمية مثل ليبيا واليمن والمصالحة الفلسطينية. وانضمت مصر أيضًا إلى المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين في مقاطعة قطر. وأوضح أن الأمر الثالث في مقاربة مصر لبعض أزمات المنطقة هي “الدولة هي الحل” فحسب المسئولين المصريين ، ساهمت الدول المنهارة والضعيفة في الفوضى الإقليمية. لذلك ، فإن الطريقة الوحيدة الممكنة للخروج من الأزمات في الشرق الأوسط تكون من خلال استعادة الدولة ومؤسساتها. وقد أكد الرئيس المصري على هذا الحل “المتمركز حول الدولة” في عدة صراعات إقليمية مثل ليبيا وسوريا واليمن. والأمر الأخير في المقاربة المصرية، حسب د. محمد كمال تتمثل في رفض مصر بشكل متكرر التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة ، إلا أنها رحبت بالمساعدة الخارجية (خارج المنطقة من دول مثل الولايات المتحدة وروسيا في حل النزاعات الإقليمية من خلال المبادرات الدبلوماسية. مصر تؤمن بأن ترك الصراعات للقوى الإقليمية وحدها سوف تزيد من تعقيد هذه الصراعات بدلاً من حلها.
تخلل المؤتمر عرضاً وثائقياً لفيلم تسجيلى عن التطورات التى تشهدها مصر حالياً، والمشروعات القومية فى مجال الطاقة، ومشروعات البنية التحتية.
الجدير بالذكر ان معهد دراسات الشرق الاوسط تأسس في عام ١٩٤٦، ويعد أقدم مركز دراسات وأبحاث أمريكي، ومقره بالعاصمة الأمريكية واشنطن ومتخصص في دراسات الشرق الأوسط. والمركز يحظي بسمعة متميزة بسبب مواقفه الموضوعية وله شهرة كبيرة بين مراكز الأبحاث الأمريكية.
بينما تأسس المركز المصري في عام ٢٠١٨ بالقاهرة ويقدم دراسات وأبحاث حول قضايا الشأن المصري والإقليمي والدولي وأطلق المركز عدداً من المبادرات حول قضايا الشرق الأوسط في الشهور الأخيرة ويسعي إلي توفير منبرا موضوعيا للحوار وتبادل الأراء يسهم في إثراء النقاش حول القضايا المختلفة.