دكتور وائل صفوت: هذه الأفلام تنشر السم بالعسل وتروج للمخدرات
جاء فيلم الفيل الازرق ليتحدث عن مخدر بعدما يتعاطاه بطل الفيلم الفنان كريم عبد العزيز يدخل فى حالة من الهلوسة وفقدان الوعى ، مما اثار فكر المجتمع المصرى عن هذا المخدر ووجدنا محركات البحث الاليكترونية تضم حبة الفيل الازرق او مخدر الفيل الازرق ، لحق ذلك وجود صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تؤكد وجود هذا المخدر بل توصف اثاره، فبعدما ظهر عقار «الفيل الأرزق» في فيلم “الفيل الأرزق” أثار جدلًا بين الكثير وفضول البعض لمعرفة ما هو العالم وراء مفعولها ، لذلك وجدنا ان علينا ان نبحث عن حقيقة هذا المخدر ومكوناته عند اصحاب العلم والمعرفة ان وجد ونتسال هل يوجد بالفعل ام هو ” فنكوش ” صنعه صاحب الرواية .
لا يوجد فى مصر ولا يجب نشر الاسم
فى البداية تحدثنا مع دكتور نشأت نجيب استشارى الامراض النفسية وعلاج الادمان ، الذى قال أن هذا المخدر لا يوجد فى مصر ، كما أن استخدام مادة DMT لا يوجد منها فى مصر ، فكل منطقة لها سوق تنتشر فيه بعض انواع المخدرات والتى تكون شائعة فيه ، فى مصر ينتشر الحشيش والفودو والاستروكس والبانجو ، بعد ذلك الهيروين والترامادول ولها اسماء اخرى شائعة ، ومعظم المواد المخدرة فى مصر الكيميائية تخلط بمواد اخرى غير معروفة ، كما ان الهيروين فى مصر ايضا يخلط بمواد اخرى كغش تجارى لزيادة وزنه او زيادة نشوة المخدر وحديثا استخدام قطارات العيون .
والى الان لم يصادف ان جاء لى مدمن قال انه يأخذ مادة ال DMT او حبة الفيل الازرق كما قيل عنها ، وان كان يوجد انواع اخرى فى شرق اسيا او فى الخليج العربى لها سوق هناك ولكن نادرا ما نجدها فى مصر ولكن ليس منها هذه المادة .
ويحذر من الحديث عن هذه المواد او تسمية بعض المواد المخدرة بأسماء مثل الفيل الازرق ، فهى تنتشر من خلال التلاعب بالمواد الكيماوية لغرض منتجي المواد المخدرة لزيادة نشوة هذه المنتجات و لخلق منتجات جديدة واسواق جديدة تحت اسم اخذ دعاية وينتشر تحت اسم الفيل الازرق ولدينا بالفعل اسماء لانواع من مواد الادمان لا نعرف المواد المكونة منها حيث انها غير علمية وغير مصدقة علميا .
خيال علمى
ويتفق معه الدكتور ايهاب الخراط استشارى الطب النفسي وعلاج الادمان ومدير عام مؤسسة الحرية لاعادة تأهيل المدمنين ويقول : أن هناك حبوب مخدرة كثيرة مخلقة من مواد نشطة مع مواد مهدئة ، من الممكن ان يوجد بهذا الشكل ، ولكن من خلال خبرتى لم يتم رصد فى مصلحة الطب الشرعى او مصلحة الكيمياء ما يسمى بالفيل الازرق ، فهى لا توجد فى مصر او لها اى ابحاث علمية تحت هذا المسمى ، فالفيلم يعبر عن الخيال العلمى للمؤلف فقط .
ظهر فى التسعينات والان لا سوق له
وعلى النقيض تماما تؤكد لنا الدكتورة حنان الشادلى استشارى العلاج النفسى وتأهيل المدمنين ورئيس الجمعية المصرية للارشاد النفسي وعلاج الادمان ومدرب مهارات نفسية بمعهد وزارة الداخلية ، أن مخدر الفيل الازرق او مادة DMT ظهرت فى التسعينات ويعتبر من المهلوسات ، من خلال التهريب من الخارج من خلال بعض الشباب وكانوا يعلمون جيدا اثارها ، حيث كان يقسم الفريق الى اثنين ، فريق يتعاطى هذه المادة والاخر يقوم بحمايته من نفسه ، وبعد ذلك يتم التبادل بين الفرقة الاخرى ، حيث ظهر مع ظهور الكيميا ، وحينها لم يكن منتشر كالحشيش ، كما كان هناك المواد التى نقول عنها شعبية ولها تأثير مهلوس ايضا مثل مخدر الصراصير وهى مادة الباركينول .
وعن القول انها مادة طبيعية فى الجسم أكدت أنه كلام خاطى حيث ان الجسم يفرز مادة شبيهة بها قبل الموت مباشرة ، ليس فى حياتنا العادية ، ولكن هذه المادة من المخدر هى مادة مخلقة كيميائية ولا يجوز حتى تشبيهها بالحشيش لانه يزرع ، وان كان كليهما مخدر يؤدى للادمان ويؤثر على المخ .
وتوضح الدكتورة حنان ، ان المشكلة ان المتعاطين لهذه المادة يعيشوا تجارب غير حقيقىة نتيجة الهلوسة ، فيتخيلوا انهم طيور مثلا مما يؤدى الى القفز من ادوار مرتفعة فيؤدى الى الوفاة او الانتحار ، او على الاقل شلل رباعى او عاهة مستديمة ، وهذا ما حدث فى التسعينات ، فمن خلال خبرتها المهنية ظهر تعاطيه مع مجموعة من الشباب لا يتخطى عدهم عشرة افراد ومنهم من توفى نتيجة تعاطيه لهذة المادة ومنهم من اصابة الشلل الرباعى حيث منهم من قفز من الدور العاشر ، ولكن الان لا يوجد مع ظهور مواد اخرى فى مصر ، فمافيا المخدرات تدرس الاسواق لمعرفة الاسعار المقبولة وما هى المواد التى يقبل عليها المدمنين فى هذه المنطفة من خلال ذلك نجد فى مصر انتشار الاستروكس والتمول والفودو والترامادول ، ولكن مادة DMT غالية جدا وغير مناسبة او متاحة فى سوق التعاطى فى مصر.
اما عن تأثيره على المخ تقول ، أن الشخص الذى يتعاطى هذا المخدر يظل فى نوبة ذهان حادة لمدة تصل الى ثلاثة ايام ، اما اذا كان لديه اى جين وراثى لمرض عقلى ، فهنا يغير فى كيمياء المخ بسبب التعاطى مما يؤدى الى امراض عقلية .
وعن تسميته بالفيل الازرق وهل صحيح ؟ ، قالت انه دائما يطلق المدمن او التاجر علي على هذه المواد اسماء حركية للانتشار ولان لونها ازرق فسميت كذلك ، فالاسماء تطلق طبقا للبائع او الشكل فمثلا الهيروين لا يقال عنه انه هيروين بين المدمنين بل يقال عنه البيسة ، صدرا ، بلابل ، الفانيليا ، وكذلك مادة الريفوتريل يطلقوا عليها ابو صليبة لانه مقسم الى 4 ، او كروسات ، فيطلقون الاسماء للاشارة فقط .
وبسؤالنا هل هذه المادة تستخدم فى الادوية او المجال الطبى ؟ أوضحت أنه منذ الستينات قرر ان كل المواد التى تستخدم كأدوية يتوقف التعامل بها مع ظهور اضرار لها اكثر من النفع واستبدالها بمواد اخرى بدون اثار سلبية مثلما حدث فى الحشيش.
وأكدت مدرب مهارات نفسية بمعهد وزارة الداخلية ، أن الاجهزة الامنية الان تعمل بشكل اسرع واكفأ لرصد حالات الانتشار ووقفها فى اسرع وقت على غير التسعينات ، ولقد تابعنا فى الفترة الماضية كيف قامت وزارة الداخلية من خلال الادارة العامة لمكافحة المخدرات بأغلاق المواقع الاليكترونية التى كانت تحاول بيع مادة الفودو والتى كانت تأتى من شرق اسيا .
اما فيما يخص الفيلم أوضحت ان هناك ميثاق اخلاقى لصناع الدراما شارك به جهات كثيرة وكان يجب ان يلتزم به كل الاطراف التى وقعت عليه والذى كان من بنوده منع وجود مشاهد تعاطى للمخدرات داخل الافلام ، وعدم ظهور شكل المخدر ، ومع هذه المشاهد بالفيلم سنجد كثير من الطلبة تسعى للبحث داخل مصر وخارجها ، فهل تم عرض هذا الفيلم على الجهات المعنية ، كما ان الطريقة التى اظهروا بها الطبيب النفسي كمتعاطى للخمور والكلام به غير علمى ، فعندما يظهر مريض البرانويا او الانفصام على انه يسكن به جن بالتالى نحن لا نحتاج الى طبيب نفسى بل نذهب الى الدجالين والمشعوزين ، فنصدر ليس فقط مخدرات بل فكر خاطئ ، فبالفعل هناك مرضى عقليين يقتلوا اطبائهم وفى هذه الحالة يقوم الاطباء بإيداعه مكان خاص لانه خطر على نفسه وعلى الاخرين ويودع داخل هذا العنبر وتقوم بحراسته وزارة الداخلية وهذا يوجد فى الفيلم ، فلا يصح ونحن فى 2019 نتحدث بهذا الشكل وبهذا الفكر فى الدراما والسينما والاعلام ، فما قام به الفيلم هو زيادة البحث على المواقع الاليكترونية عن هذه المادة او المواد الشبيهة .
خلق صورة ذهنية ايجابية عن الادمان والتدخين
ويتحدث الدكتور وائل صفوت استشارى امراض الباطنة وعلاج التخين ورئيس اللجنة الدولية لعلاج ادمان التبغ ان حبة الفيل الازرق او مادة الDMT ، هى مادة مخلقة وليست طبيعية وما يفرزه الجسم ليس هذه المادة ، وهى مادة غير متداولة فى مصر ، وهى حبوب مهلوسة ، وعن تأثيرها أوضح ان كافة المخدرات التى تقع تحت الحبوب المهلوسة تؤدى الى الامراض النفسية وثم العقلية .
وأضاف أننا كجمعية او كاللجنة الدولية لعلاج ادمان التبغ قمنا بإرسال خطابات لصندوق مكافحة علاج الادمان بوزارة التضامن وجهاز تنظيم الاعلام والمصنفات الفنية لتسليط الضوء على هذه النوعية من الافلام التى تقوم بوضع السم فى العسل من خلال قصص مشوقة ، فنجد دكتور نفسى يشرب الخمور ويتعاطى المخدرات ، فالفيلم يروج ان هذه الحبوب تؤدى لاكتشاف وحلول المشكلات وهذا يروج فكر الادمان للشباب . ولكن ما يثيرنا فى الفيلم هو ظهور شكل الحبة اكثر من مرة وبشكل واضح فى الفيلم وفى كل مرة يتعطاها تعطيه الحل لمشكلة او تظهر له ما خفى ، بل واعطته القدرة على حل اللغز فجعل محركات البحث الاليكترونية تزيد فى عمليات البحث عن هذا المخدر .
كما نجد فى الفيلم كل الابطال المشهورين والمحبوبين يدخنون ، مما يخلق صورة ذهنية جيدة للاطفال عن التدخين وهذا ما نحاول من خلال مؤسساتنا مكافحته اجتماعيا ، وقد قامت وزارة التضامن من خلال صندوق مكافحة الادمان من ثلاث سنوات بعمل وثيقة صناع الدراما لالزامهم بعدم ترويج المشاهد التى يوجد بها تدخين وبالفعل قامت وزيرة التضامن بتكريم الجهات وتقديم المنح للمنتجين لتقليل هذه المشاهد ومساعدة الشباب والطلبة لمناهضة التدخين ولكن تأتى مثل هذه الافلام لتقوم بهدم كل ما قامت به الوثيقة وللاسف هذه الوثيقة غير ملزمة للتنفيذ بل هى طوعية لمساندة المجتمع ، كما ان ليس هناك رقابة على قانون 85 لسنة 2002 لمنع ترويج المخدرات ، فلا نجد اى عقوبات او مجازاه لما اوصت به منظمة الصحة العالمية او الجهات الدولية فيما يخص التدخين او الادمان .
لذا فى النهاية طالب رئيس اللجنة الدولية لعلاج ادمان التبغ بعمل حملة لتوجيه المؤسسات الاعلامية حيث انها تؤثر كثيرا على فكر المجتمع وتوجهه .